أعربت بعض القوى السياسية عن سعادتها بسبب التوافق على تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور وقرار مجلسى الشعب والشورى باختيار 50% من نواب البرلمان باللجنة، فيما رفض آخرون الأمر ووصفوه بالكارثة. قال صبحى صالح، البرلمانى والقيادى البارز بجماعة الإخوان المسلمين، سعادته البالغة بالتوافق الذى حدث بين القوى السياسية التى عبرت عن كامل إرادتها بالتصويت السرى لاختيار نسبة مشاركة البرلمانيين فى تأسيسية الدستور مؤكدا أن القرار جاء معتدلا ومتوازنا. وأوضح صالح أن البرلمان أصبح متوافقًا مع نفسه وفضل اختيار الوسطية، مؤكدًا أن الفترة القادمة ستتشهد معركة اختيار الأسماء المشاركة باللجنة والتى سيعلن عنها عما قريب. من جانبه، قال يسرى حماد المتحدث باسم حزب "النور" إن نسبة 50% من البرلمانيين نسبة عادلة، خاصة أنها جاءت بالاتفاق بين القوى السياسية قبل بدء الجلسة، حيث جرت مناقشات بين "النور" و"الحرية والعدالة" للتوافق على النسبة حتى أن حزب النور لم يتمسك باقتراحه بنسبة ال 60%، وارتضى الحل الوسطى حتى يتم الانتهاء سريعا من الجلسات ولا تتعرض للتوقف. وأوضح محمد حسان المتحدث الإعلامى للجماعة الإسلامية أن الجماعة طالبت الدكتور سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب بأن يكون الاستفتاء على الدستور بنسبة 50% من داخله إلى نسبة 50% من خارجه. وأشار حسان إلى أن الجماعة كانت تقترح فى البداية أن يكون الاستفتاء على اللجنة التأسيسية بنسبة 70% من داخل المجلس و30% من خارجه، إلا أن الجماعة حرصت على المصلحة العامة فقد أيدت قرار اللجنة بشان أن يكون الاختيار على أساس 50% من داخل البرلمان و50%من خارجه. فى السياق ذاته، قال الدكتور مصطفى كامل، أستاذ العلوم السياسية، إن قرار الخمسين بالمائة من داخل البرلمان والخمسين بالمائة الأخرى من خارجه، سوف ينهى الجدل لدى عموم المصريين حول ملائمة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور. وأكد كامل أن هناك فئة ستعارض هذا القرار بشدة بسبب إيمانها بضرورة أن يكون الدستور توافقيًّا، ويجب أن يقوم على وضعه مجموعة من المتخصصين الذين لا توجد لديهم توجهات سياسية ولا يقوم عليه ممثلون من كل التيارات والاتجاهات والعقائد والفئات. أما اختيار 50 % من داخل البرلمان فسوف يزيد معارضة الذين طالبوا بعدم مشاركة أعضاء البرلمان، لأن أغلبهم من التيار الإسلامى، مشيرا إلى أن حزب النور لديه مواقف مرفوضة من قبل البعض فيما يتعلق بالمرأة وكلا من حزب النور والحرية والعدالة لديهم مواقف مرفوضة من قبل البعض الآخر، فيما يتعلق بحرية الاعتقاد وهو ما قد يؤجج البعض ضد هذا القرار حتى لا يوضع الدستور فى كفة التيار الإسلامى. فيما وصف الفقيه الدستورى عصام الإسلامبولى القرار بالسىء والردىء الذى سيتسبب فى سخط كبير بين القوى السياسية، معتبرًا الأمر مشكلة كبيرة فى وجه الدستور الذى سيأتى بالأكثرية وليس بالتوافق مما يهدد بمصداقيته، مشيرًا إلى أن وجود البرلمانيين بهذه النسبة ينبئ بحدوث عدم حيادية فى القضايا التى ستتعارض مع مصالحهم خاصة أعضاء مجلس الشورى فى ظل الخلاف القائم على إلغاء المجلس من عدمه إلى جانب الاعتراض على نسبة العمال والفلاحين مبديًا تخوفه من الانحياز مع المصالح ضد الدستور القادم الذى سيفتقد مبدأ المساواة. واستنكر حسين منصور، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، تلك النسبة الكبيرة من أعضاء مجلسى الشعب والشورى بتأسيسية الدستور والتى ستهدد الدستور القادم وستطعن على شرعيته خاصة فى ظل اختيار تلك النسبة من نواب مجلسى الشعب والشورى. ورفض الدكتور محمد أبو العلا رئيس الحزب الناصرى ما تم الاتفاق عليه حول اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الجديد، مؤكدا أن معنى ذلك أن هناك فئة معينة ستكون مستأثرة بوضع الدستور منفردة. وقال أبو العلا: الدستور القادم بهذا الشكل لن يكون معبرا عن كل التيارات فى المجتمع المصرى وسنكون فى حاجة لوضع دستور جديد فيما بعد وهذا مضيعة للوقت، مشيرا إلى أن كلام القوى السياسية أصبح لا فائدة منه لأنه يضرب به عرض الحائط، ويؤكد أن الأغلبية داخل البرلمان تفعل ما تريد دون النظر إلى أى من الأطراف المخالفة لها فى الرأى. وأبدى محمد عواد، عضو المكتب السياسى لائتلاف شباب الثورة رفضه التام للقرار، مشيرًا إلى أن هذا القرار يتنافى تمامًا مع أهداف الثورة وعلى رأسها الحرية. وقال عواد إنه من العيب على مجلس شعب منتخب من 80 مليون مصرى أن يمنع المواطن المصرى من أن يرشح نفسه للتواجد داخل اللجنة، متسائلا كيف تكون اللجنة من أعضاء البرلمان وهو مسيطر عليه تماما من قبل تيار سياسى. وأشار عواد إلى أن أعضاء البرلمان ليسوا دائمين فإذا وضع الدستور بسياسة معينة، وحازت الأغلبية بعد ذلك أحزاب ذات مرجعيات معينة، فهل سنضطر لترقيع الدستور ليناسب الحاكم كما كان يفعل النظام البائد للبقاء فى السلطة؟. وأشار وليد عبد الرءوف عضو حركة شباب من أجل العدالة والحرية إلى أن أغلبية مجلس الشعب تسعى للسيطرة على لجنة وضع الدستور بالكامل وهذا شىء غير منطقى، فالدستور عقد بين الشعب والحاكم لربما يمتد لسنوات طويلة، مشددًا على ضرورة تمثيل الدستور لجميع أطياف الشعب ليكون صالحًا لكل زمان. من جانبها، أعربت حركة 6 إبريل عن اعتراضها الشديد على القرار، مشيرة إلى أن الدستور يمثل مصر كلها، ولا يمثل مجلس الشعب كله، مشيرة إلى أن أعضاء اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور بها 50% من أعضاء مجلس الشعب، فإن مهمة مجلس الشعب هو تشكيل لجنة صياغة الدستور فقط وليس السيطرة عليها. وشددت الحركة على ضرورة تمثيل كل الطوائف وكل الأحزاب السياسية وجميع التيارات وخبراء دستوريين وقانونيين وممثلى النقابات المهنية وممثلين عن الأقليات، ويجب مراعاة التوزيع الجغرافى وتمثيل أهالى سيناء وأهالى النوبة، ويجب عدم تجاهل الشباب الذى كان له دور فى قيام الثورة.