بعد أكثر من ثلاثين عاما من تنظيم احتفالات العشاء الشرفية للسياسيين اليمنيين الإسرائيليين، وتوزيع شيكات على المؤسسات الخيرية الإسرائيلية، وتشكيل تحالفات مع زعماء وجماعات اليهود المحافظين، ربما يحصل المسيحيون الإنجيليون في النهاية على قطعة من "أرض الميعاد". ففي تحرك تم تكييفه من أجل حل أزمة البطالة في شمال إسرائيل، وزيادة السياحة القادمة إلى البلد، وتقوية العلاقات مع المسيحيين الإنجيليين في الولاياتالمتحدة، عرضت الحكومة الإسرائيلية 35 أكرا من الأرض على شط كنريت (بحر الجليل أو بحيرة طبرية) ليقوم المسيحيون الإنجيليون بتنميتها. وتأمل الحكومة الإسرائيلية أن يقوم المسيحيون الإنجيليون ببناء مركز كبير للمؤتمرات، وأن تكمل بتقديم مجاملة ضرورية، من أجل جذب آلاف السائحين الإنجيليين من الولاياتالمتحدة والدول الأخرى. )وبحسب مسئولين في وزارة السياحة الإسرائيلية فإن أكثر من 400 ألف مسيحي إنجيلي قد جلبوا أكثر من 1.4 بليون دولار إلى إسرائيل في العام الماضي.( وفي مايو الماضي قام كل من رئيس الوزراء أرييل شارون ورئيس الوزراء السابق ووزير المالية بنيامين نتنياهو –والذي استقال من منصبه بسبب معارضته لما أسماه الانسحاب من جانب واحد من مستوطنات غزة– بتقديم العرض في اجتماع مع حشد من الزعماء الإنجيليين. وكان من ين هؤلاء القس صنداي أديلاجا من سفارة الرب في أوكرانيا، والقساوسة برايان وبوبي هوستون من هلسونج بأستراليا، ولويس كورتيز من إسبيرانزا بالولاياتالمتحدة، وتيد هاجارد القس الأعلى في مدينة كلورادو سبرنجز بولاية كولورادو، وكنيسة الحياة الجديدة، ورئيس الاتحاد الوطني للإنجيليين، وهو اتحاد يضم 30 مليون عضوا. كما كان بين الحاضرين الدكتور بول كروتش، رئيس شبكة إذاعة الثالوث، وهي واحدة من عمالقة البث المسيحي في العالم، وجاي سيكولو رئيس المركز الأمريكي للقانون والعدالة، وهي مؤسسة قانونية مسيحية أسسها القس بات روبرتسون. ورغم أن العرض جاء بشكل غير متوقع إلا أن تيد هاجارد، وهو أحد الزعماء الإنجيليين المؤثرين والذي يرتبط بروابط قوية مع إدارة الرئيس جورج بوش، قد صرح لصحيفة فاينانشال تايمز أنه في وجود الظروف المناسبة ربما يقوم حوالي مليون من الإنجيليين بزيارة إسرائيل سنويا. وفي سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني قال الحاخام شمولي بوتيتش لآي بي إس: "رغم أنني لا أعرف تفاصيل العرض الذي قدمته الحكومة الإسرائيلية إلا أنني كنت، ولفترة طويلة، مؤيدا لقيام الحكومة الإسرائيلية بتشجيع انتقال أعداد كبيرة من المسيحيين الإنجيليين إلى إسرائيل، وأن يجعلوا من الأرض المقدسة موطنهم الدائم". ويعتقد الحاخام بوتيتش أنه في الوقت الذي ينبغي فيه على إسرائيل أن تحافظ دائما على "أغلبية يهودية ضخمة"، ينبغي أيضا أن يتم الترحيب بالمهاجرين من المسيحيين الإنجيليين في إسرائيل ما داموا "يحترمون سلامة العقيدة اليهودية من خلال التخلي عن القيام بالتبشير مع الشعب اليهودي". والحاخام بوتيتش ضيف لأحد البرامج النقاشية الإذاعية، وهو برنامج يتم إذاعته في العديد من المحطات الوطنية، وله 15 كتابا، كما أنه كاتب عمود، تُنشر مقالاته في العديد من الدوريات. ومن جانبه قال جيرشوم جورنبرج، المحرر المشارك لجيروسالم ريبورت، ومؤلف "نهاية العالم: الأصولية والكفاح من أجل جبل الهيكل": "بلا شك لا أعتقد أن أرى هجرة واسعة النطاق للمسيحيين الإنجيليين إلى إسرائيل، ولا أتوقع لهذا السبب أن أراهم يتجنبون التبشير، ما دام هذا يعتبر قيمة مركزية". ويتزايد التأييد لإسرائيل من قبل المسيحيين الإنجيليين بسبب الدور التوراتي الذي تلعبه إسرائيل للإنجيليين، وكذلك لاعتبارات سياسية معينة. وفي كتابه "العداوة الخالدة: الصراع بين الثيوقراطية والديمقراطية" يوضح الصحفي والكاتب المحنك فريدريك كلارسون أنه في القرن العشرين كان معظم الإنجيليين "مسيحيين مؤمنين بالعصر الألفي السعيد، ويعتقدون أنه ليس من الممكن إصلاح هذا العالم قبل عودة المسيح". وهذه العودة الثانية للمسيح "يتبعها ألف عام يحكم فيها المسيح والمسيحيون". وهنا تظهر "النشوة"، والتي يصفها كلارسون باعتبارها "حدثا يتم فيه رعاية كل المسحيين الذين تم إنقاذهم، من الأموات والأحياء، في السُحب مع المسيح، وهذا قبل فترة تسمى "المحنة"، أو أثناءها أو بعدها (بحسب مدارس اللاهوت المختلفة)". وأضاف كلاركسون لآي بي إس: "إن الحكومة الإسرائيلية لها علاقة طويلة مع الإنجيليين الأمريكيين، فقد تم رعايتهم ليكونوا مجموعة انتخابية موالية لإسرائيل توفر الدعم السياسي لها من الداخل، كما أنهم مصدر للعملة الأجنبية من خلال صناعة السياحة؛ ولذلك فإن تقديم الأراضي لهم يبدو وكأنه محاولة لتعميق وتوسيع تلك العلاقات السياسية والمالية." وأضاف كلاركسون: "بالرغم من أن هجرة أعداد كبيرة من الإنجيليين الأمريكيين إلى إسرائيل قد تبدو فكرة جيدة في نظر الكثير من الإسرائيليين –وبخاصة في ظل وجود احتمال الحروب في الشرق الأوسط– فإن فكرة الحاخام بوتيتش بدعوة مئات الآلاف من المسيحيين الإنجيليين إلى إسرائيل بشرط عدم قيامهم بالتبشير تبدو فكرة سخيفة". ويتابع: "إن التبشير هو ما يُتوقع من الإنجيليين أن يقوموا به، فهو عنصر مركزي في هويتهم الدينية، وهو ما لن يرغبوا بالتأكيد في محوه". وفي عملها المؤثر حول صعود اليمين المسيحي في الولاياتالمتحدة، والذي جاء بعنوان "الحرب الروحية: سياسة اليمين المسيحي" كتبت سارة دايموند أن العلاقة بين المسيحيين الإنجيليين وإسرائيل قد تغيرت إلى حد بعيد عندما دفع "القساوسة الإذاعيون المحبوبون، وخاصة هؤلاء الذين يركزون على الدراسات الخاصة ب"نهاية العالم"، الإنجيليين إلى إعطاء عناية أكبر لسياسة الشرق الأوسط". وتنسب دايموند إلى هال لندسي، صاحب كتاب "كوكب الأرض العظيم الأخير" قيامه بإضافة "أمن إسرائيل" إلى قائمة مصادر القلق السياسية الخاصة باليمين المسيحي. وفي عام 1988 وفي مؤتمر الإذاعيين الدينيين الوطنيين عقدت جلسة إعلامية خاصة للمبشرين الإعلاميين المسيحيين. وكان هذا الاجتماع قد تم تنظيمه من أجل "إعلان القصة التي لم تُكشف حول الموقف [بين المسيحيين الإنجيليين وإسرائيل] والتحريفات المضادة التي يتم تقديمها حاليا في وسائل الإعلام". وبعد عشر سنوات تحدث بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي في هذا الوقت، إلى جماعة أمريكية في واشنطن تسمى أصوات متحدة من أجل إسرائيل. وكان معظم الحاضرين والذين بلغ عددهم 3 آلاف شخصا من الإنجيليين، ومن بينهم رالف ريد المدير التنفيذي في ذلك الوقت للائتلاف المسيحي، وغيرهم من الأعضاء البارزين في المجتمع المسيحي الأصولي. وخلال السنوات الخمس الماضية وحّد عدد من القيادات المحنكة في اليمين المسيحي جهودهم مع اليهود المحافظين من أجل إطلاق منظمات مؤيدة لإسرائيل. فقد وحد جاري بوير –الرئيس السابق لمجلس أبحاث الأسرة، والذي يدير الآن جماعة يطلق عليها القيم الأمريكية– وحد جهوده مع الحاخام دانيال لابين، رئيس المنظمة اليهودية المحافظة التي تسمى نحو التقاليد، من أجل تشكيل الائتلاف الأمريكي لليهود والمسيحيين. كما انضم رالف ريد، والمرشح حاليا لمنصب نائب حاكم ولاية جورجيا، إلى الحاخام ياشيل إيكشتاين رئيس الزمالة الدولية للمسيحيين واليهود، من أجل إطلاق منظمة "ساندوا إسرائيل". وبحسب تقارير صحفية فإن "ساندوا إسرائيل" تعتبر مشروعا يأملون في أن يكون له نفس التأثير السياسي الذي تملكه لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (إيباك)، وهي المنظمة اليهودية صاحبة التأثير القوي. * بيل بيركويتز مراقب قديم لحركة المحافظين، ويوثق عموده العمل من أجل التغيير (ووركينج فور تشينج) بعنوان "مراقبة التيار المحافظ" إستراتيجيات اليمين الأمريكي، ورموزه، ومؤسساته، وانتصاراته، وهزائمه. المصدر : انتر برس