جمال سلطان كما هو متوقع أعاد الرئيس مبارك تكرار أحاديثه التي لا تتغير منذ توليه السلطة إلا المترادفات فقط ، لم يأت خطاب الرئيس في افتتاح الدورة البرلمانية الأولى لمجلس الشعب الجديد بأي جديد ، وأصيب الذين انتظروا خطاب الرئيس ببعض الأمل بإحباط شديد ، بل إن ما ورد في خطاب الرئيس يعطي رسالة بائسة للغاية لكل القوى الوطنية في مصر ، بل والدولة ومؤسساتها بما في ذلك القضاء ، وهناك إشارات شديدة السلبية تجاه الوعود التي أطلقها الرئيس نفسه من قبل خاصة في قانون الصحافة وجرائم النشر وقانون السلطة القضائية ، فضلا عن تجاهل الرئيس لهموم البلد وكأنه في واد آخر ، الرئيس على سبيل المثال تحدث مرورا عاجلا على الانتخابات الأخيرة ، ووصفها بأنها كانت فيها سلبيات وفيها إيجابيات ، ولا أدري ما هو الجديد الذي قاله الرئيس أو الوصف المميز لانتخابات مصر الأخيرة في هذه العبارة المدرسية ، ولماذا تعمد الرئيس تجاهل ماهية هذه السلبيات ، هل يقصد الرئيس مثلا أن طريقة الطباعة التي أخرجت بها كشوف الناخبين كانت ضعيفة بعض الشيئ فضايقت الناس ، أم أن حالة المواصلات كانت بطيئة مما أضاع على الناس بعض أوقاتهم أثناء الانتخاب بدون ضرورة ، هل يقصد الرئيس بالسلبيات أمورا مثل هذه ، أم يقصد مثلا ضرب القاضي رئيس اللجنة واعتقاله داخل اللجنة والإشارة إليه بحركات بذيئة وتهديده بالسحل ، يبدو لي يا سيادة الرئيس أن كلمة سلبيات مطاطة أكثر من اللازم ، إن قضاة دولتك ، أحد أركان سلطات الدولة ورمز هيبتها كدولة ، كانوا ينتظرون منك كلاما شافيا يعيد لهم الهيبة ، ويطيب خاطرهم ، ويؤكد على أنك شخصيا لن تهدأ حتى يتم الكشف عن كامل أبعاد هذه الجرائم ، ومعاقبة مرتكبيها أيا كانت موقعهم ، كان القضاة ينتظرون مثل هذه التوجيهات لوزير الداخلية ، ولكنهم فوجئوا بتوجيهات سيادتك للوزير بالبحث عن فتاتين من مدينة كفر الشيخ اختفتا من منزل الأسرة منذ عامين ، هل سألته يا سيادة الرئيس عن خمسة عشر قتيلا وألف جريح مصري في الانتخابات ، هل دمهم أقل قيمة من حدوتة البنتين اللي اختفوا ، يعني الناس في وادي وسيادتك في وادي آخر ، هل تقصد بالسلبيات يا سيادة الرئيس التزوير العلني الفاضح في العديد من الدوائر وهو تزوير سجله القضاة أنفسهم والمؤسسات المحلية والدولية التي راقبت الانتخابات ، هل التزوير تعتبره سلبية يمكن تجاوزها اليوم على وعد بمراعاتها مستقبلا ، أم أنها جريمة تستدعي أن يغضب رئيس مصر لكرامة دولته وأن يطالب علانية وبكل صرامة بالتحقيق الفوري وإعلان نتيجته للرأي العام المحلي والدولي ، هل كنت تقصد بالسلبيات يا سيادة الرئيس منع المواطنين من المشاركة في الانتخابات من حيث الأصل ، وإغلاق لجان بكاملها بقوات الأمن ومطاردة كل مواطن يحاول أن يخترق الحصار للوصول إلى صندوق الانتخابات وسحله وضربه بالقنابل والرصاص ، هل منع المواطنين بالقوة من الانتخاب تعتبره سلبية سوف تراعيها سيادتك مستقبلا ، ألم يبلغك يا سيادة الرئيس خبر المقارنات التي يجريها الناس بين الانتخابات في ظل الاحتلال في العراق والأخرى في ظل حكومة الحزب الوطني وأن الناس قالت : ؟؟؟؟؟ ، أستغفر الله ، لا أستطيع كتابتها ، لقد سمعت أطرافا عديدة شاهدوا اللقاء وسمعوا خطاب الرئيس ، والجميع خرجوا بانطباع واحد تقريبا ، وهو أن الخطاب كان رسالة غير مباشرة قصد منها التأكيد على أن السلطة لم تهتز من الاتهامات ، ولم تخجل من الجرائم التي حدثت ، ولن تستجيب لأي مطلب إصلاح حقيقي ، وأعلى ما في خيلكم اركبوه . [email protected]