ذكرت مجلة "فوربس" أن أعداداً هائلة من الناس في الولاياتالمتحدة، وبريطانيا، على وجه الخصوص، يتجهون للعمل الحر، للدرجة التي سيُصبح فيها أكثر من نصف السكان، في البلدين، رؤساء أنفسهم في العمل بعد 5 سنوات فقط من الآن. ماذا يعني Free Lance، أو العمل الحر؟ وفقاً لموقع Business Dictionary، فإن Free Lance، هو : العمل على أساس تعاقدي لمجموعة من الشركات، بدلاً من العمل موظفاً لشركة واحدة، ويصبح عندها للفرد القدرة على انتقاء المشاريع التي يعمل عليها، والشركات التي يعمل لصالحها. وتتنوع المجالات التي يمكنك من خلالها العمل كFree Lancer، ومنها: الكتابة، والفوتوشوب، وتصميم المواقع، وإنشاء المحتوى، وغيرها من الأعمال. بينما يُعرف ال Freelancing على منصة "مستقل" -وهي إحدى منصات العمل الحر في المنطقة العربية- بأنه: طريقة لإنجاز الأعمال، تضم طرفين: الأول هو شخص يعمل بشكل مستقل (freelancer)، أي لا يتبع جهة معينة حيث يعمل لحسابه من دون التقيد بقوانين شركة أو وظيفة ثابتة، والطرف الثاني قد يكون شركة أو صاحب مشروع يتعاقد مع المستقل لإنجاز العمل في فترة معينة، ويحكم الطرفين عقدٌ يضم الشروط والقوانين التي يسير العمل طبقاً لها دون مشاكل. البداية كانت عام 2003، حيث قرر "زينوس"، بعد 18 شهراً من التدريب في شركة هندسية، قرر الاستقالة من عمله، ومحاولة اتباع شغفه ليصبح مؤثراً في حياته وحياة الآخرين. في البداية، كانت الفكرة بسيطة تتلخص في عرض المساعدة في إنهاء بعض الأعمال لمن لا يمتلكون الوقت الكافي، مقابل مبلغ من المال. 3 سنوات تالية قضاها زينوس في الكفاح من أجل تحقيق فكرته على أرض الواقع ، ومحاولاً الوصول إلى هدفه، ذلك الهدف الذي سيُصبح الآن Peopleperhour، إحدى أهم منصات العمل الحر حول العالم، والذي وصلت قيمة أعماله إلى نحو 40 مليون دولار. Free Lance يغزو الدول العظمى! في تقرير لمجلة فوربس عن عمل Free Lance، كتب ديفيد بروسر أن أعداداً هائلة من الناس في الولاياتالمتحدة، وبريطانيا، على وجه الخصوص، يتجهون للعمل الحر، للدرجة التي سيُصبح فيها أكثر من نصف السكان، في البلدين، رؤساء أنفسهم في العمل بعد 5 سنوات فقط من الآن. وفي مسح أجراه موقع فريلانسرز يونيون، تخرج الإحصاءات لتُخبرنا بأن ما يُقارب ال53 مليون أميركي يعملون مستقلين بطريقة Free Lance، ويتنوع هؤلاء بين متعاقدين بشكل مستقل، وعمال بشكل مؤقت وأصحاب عمل حر، وغيرهم. وتُخبرنا الإحصاءات بأن هذه الأعداد غير مُبالغ فيها على الإطلاق، ففي الولاياتالمتحدة على سبيل المثال، ووفقاً للمسح السابق، نجد أن: %34 من القوى العاملة المحلية، يعملون مستقلين أو Free Lancers. بينما لدى 80% آخرين، استعداد لأداء أعمال إضافية خارج إطار وظائفهم الأساسية؛ لزيادة معدل الدخل المادي الخاص بهم. %69 من Free Lancers يقولون إن التكنولوجيا يسّرت حصولهم على العمل، بينما يرى 77% منهم أن الأيام القادمة لا تزال تحمل الأفضل بالنسبة لهذه النوعية من العمل. أما بالنسبة للمملكة المتحدة، فتُخبرنا الإحصاءات بأن انتشار العمل المستقل لا يختلف كثيراً عن أميركا، ويمكن التعرف على جانب من الأرقام التي تخصها؛ ومنها أن: 1.4 مليون بريطاني يعملون في المجالات المختلفة ك Free Lancers، مع زيادة بنسبة 14% خلال العِقد الأخير. 21 مليار دولار هي القيمة المُضافة للاقتصاد البريطاني من عمل Free Lancers. %78 من البريطانيين يرون أن العمل ك Free Lancers يقدم فرصة أفضل للتوازن بين الحياة والعمل، ويعتقد 72% كذلك أن هذا النمط من العمل ذو تأثير إيجابي على الأسرة. هل يُحدث عمل الFree Lancers الأثر نفسه في الدول العربية؟ ترتفع معدلات البطالة بشكل غير مسبوق في العالم العربي، ويؤثر هذا بدوره على الشباب الذين قد يمثل لهم الحصول على أي فرصة عمل بداية جديدة للحياة. وسنتناول التأثير الذي أحدثه عمل الشباب كFreelancers في غزة كمثال. فوفقاً لتقرير للمونيتور، فإنه مع الحصار المفروض على قطاع غزة، زادت نسبة البطالة لتصل إلى 60% في عام 2014، وهو ما فرض قيوداً على الشباب الذين يتخرجون سنوياً في الجامعات بأعداد تُقارب ال30 ألف خريج سنوياً من دون فرصة لإيجاد عمل مناسب داخل القطاع. ومع تزايد الضغوط، بدأ شباب القطاع يصقلون مواهبهم الشخصية، واتجه الكثيرون منهم للعمل الحر على الإنترنت كوسيلة جديدة للتغلب على البطالة وعلى الحصار، ولا توجد إلى حد الآن إحصاءات واضحة عن Free Lance كعمل في العمل العربي. وتذكر أكاديمية حسوب، إحدى المنصات التعليمية التي تؤهل الشباب للعمل الحر عبر الإنترنت، أن العمل الحر ينقسم إلى: عمل مستقل كامل: بحيث يعتمد فيه الفرد بشكل أساسي على العمل الحر. عمل مستقل بشكل جزئي: وهو ما يعتمد فيه الفرد على العمل الحر بشكل جزئي إلى جانب وظيفة أخرى. وتُعدد مميزات العمل الحر، بأنه: سوق عالمية مفتوحة، لا ترتبط بزمان أو مكان محددين، ويستطيع الفرد فيها العمل فيما يُحب إلى جانب حصوله على عائد مادي من هذا العمل. وتذكر عدداً من منصات العمل الحر العربية، التي منها: مستقل وخمسات، وكروة. ومن المنصات العالمية، تذكر: Odesk وElance وGuru وغيرها. كيف تُغير اقتصاديات الإنترنت وجه العالم؟ يُجيبنا تقرير صدر في أكتوبر عام 2015، لموقع People Per Hour ، إحدى كبرى المنصات العالمية الخاصة بالعمل الحر، عن هذا السؤال عندما ذكر أنه كان من المتوقع لعام 2015 أن يصل اقتصاد الإنترنت -القائم على الخدمات والمشاريع التي تُقدم من خلال الإنترنت- إلى ما يُعادل ال 1.8 تريليون دولار، تلك القيمة التي من المتوقع كذلك أن تزداد خلال 3 سنوات قادمة؛ إذ يتوقع التقرير أن يزداد عدد الأفراد الذين يقومون بمشاريعهم من خلال الإنترنت، وهو ما سيترتب عليه زيادة قيمة مشاريع الإنترنت إلى 2.6 تريليون دولار عام 2018. وكانت هذه هي آخر إحصائية عالمية لعام 2015، إلا أن إحصائية لعام 2016 خاصة بالولاياتالمتحدة، تُقدر قيمة الأموال التي شارك بها Free Lancers في الاقتصاد الأمريكي خلال عام 2015 ب 1تريليون دولار. ومع مشكلات الاقتصاد العالمية والمحلية في العديد من البلدان حول العالم، قد يبدو الحديث عن عمل يحقق الأمان المادي للأفراد، وسط هذه المشكلات، درباً من الخيال. لكن، ما ذكرناه في هذا التقرير يشير إلى إمكانية تحول الخيال إلى واقع ملموس، ففي اقتصادات عالمية لدول كبرى، كالولاياتالمتحدة وبريطانيا، يُصبح العمل من خلال الإنترنت جزءاً منها، وفي دول نامية كذلك كما رأينا. هذا الواقع الذي يمثله العمل كFree Lancers أو العمل الحر عبر شبكات الإنترنت، يخلق فرصاً لا يُستهان بها، ويُسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية للأشخاص، والدول على حد سواء.