كمال حبيب سوف يذكر التاريخ المصري لحركة كفاية أنها هي التي استطاعت أن تكسر المحظورات بشكل علني وجماهيري في السياسة المصرية ، وللحق لم تكن الحركة هي أول من خط هذه المسيرة ولكنها هي التي عبرت عنها بشكل جماهيري من ناحية ، وبطريقة متواترة ومستمرة من ناحية أخري ، فقبلها كان حزب العمل يخرج بمظاهرات لأعضائه وكانت هذه المظاهرات تشهد تعبيرات ذات طابع ثوري ولكنها كانت ذات طبيعة محدودة . وأذكر أن المظاهرات المتتالية لدعم الانتفاضة وللاحتجاج علي حرب العراق وللمطالبة بالإصلاح كانت تشهد حسا ثوريا ومجاوزا للتابوهات التي فرضها النظام . لكن الحركة في الواقع وكما عبرت عن ذلك مراراً وتكراراً تحمل في داخلها عناصر ضعف لا بد من المصارحة بها وربما أهم هذه العناصر في تقديري هي غلبة التيار اليساري الماركسي علي قرار الحركة وتوجهاتها ومطبخها الداخلي ، وهذا التيار يعود نشاط أعضائه السياسي إلي أواخر الستينيات وهم من الحركة الطلابية المصرية التي تظاهرت ضد عبد الناصر لمحاكمة نظامه عن هزيمة يونيو ، كما لا حظت من قراءة بعض الأسماء اليسارية التي تصنع قرار كفاية أنها يغلب عليها طابع الشللية والصداقة الشخصية ومنهم من كان شديد اللدد في خصومته مع التيارات الإسلامية ، أنا لا أعرف من قيادات كفاية ممن يمثلون الاتجاه الإسلامي سوي أبوالعلا ماضي ومحمد عبد القدوس ربما يكون هناك من يمثلون حزب العمل ولكنهم يعبرون عن قلقهم من طريقة إدارة كفاية وصناعة القرار داخلها . لم يحدث خلال العام الماضي كله الذي شهد أنشطة كفاية أن عرفنا بالضبط من الذي يوجه الحركة ، كما أن الحركة لم تبدع وسائل جديدة في الاحتجاج تتجاوز ما تم ممارسته وهي المظاهرات والهتافات وبعض تكتيكات معروفة لحركة اجتماعية في الغرب مثل إضاءة الشموع وغيره . الوجوه السياسية الناشطة في تيارات أخري مثل الناصرية والتيار الشيوعي والماركسي وهي وجوه قديمة ولها خبراتها المتفاوتة والطويلة وكما شعرت فإن أغلبها يميل إلي النشاط الإعلامي والتحدث باسم الحركة في وسائل الإعلام المختلفة وهذا جزء مهم ولكن القاعدة الحركية لتوجهات كفاية تكاد تكون غائبة وألاحظ أن التحليلات التي تقدم لتوجيه عمل الحركة هي تحليلات قديمة تعود للستينات من مثل " الكتلة التاريخية " والحل التاريخي " ، وأنا عضو في حركة" كفاية " وشاركت في أغلب مظاهراتها ولكنني لا أعرف شيئاً عن عملها ورؤاها المستقبلية ، فقط كل يوم أسمع تصريحات لعبد الحليم قنديل المتحدث باسم حركة كفاية وآخرها الحديث عن توجهات جديدة للحركة ربما تفضي لحزب سياسي . ولا نعرف بالضبط من الذي يقوم بذلك ومن الذي يقرره ... الخ من الأسئلة ، أشعر أن حركة " كفاية " تحمل نقاط ضعف الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية الأخري التي تضع قواعد للضم والفصل وفق مسطرة أيديولوجية يسارية ، وإذا كان للحركة أن تستمر كما كانت رائدة للنضال الاجتماعي وضميراً للناس فذلك بتوسيع قاعدتها الجماهيرية والاقتراب مما يمكن أن نسميه التيار الرئيسي في الشعب المصر MAIN STREAM كما أن هناك خطر تحولها إلي حزب اليوم عليها أن تبقي كما هي حركة اجتماعية للنضال والاحتجاج السلمي المطالب بتغيير سياسي يمهد الطريق للتحول الحقيقي ناحية المجتمع العدل والحرية والكرامة الإنسانية . علي الحركة أن تبني شبكتها العريضة علي مستوي مصر وأن توسع من دائرة النخبة القابضة عليها وأن تفكر في ابتداع وسائل جديدة للاحتجاج ربما تكون أكثر جذريه ولها تكاليفها النضالية . ليس هناك حركة تغيير اجتماعية في أي مجتمع تستجدي من النظام الذي تريد تغييره الإفراج عن المعتقلين أو السماح لها بعقد مؤتمراتها أو تظل مشاعاً لكل ناعق يأتي إليها حاملاً رايته من المهم أن يكون للحركة رمزها الواحد الذي يلتزم به جميع المشاركين في احتجاجتها . كما أن الشباب والمرأة هما من أهم القطاعات التي يمكنها أن تنجز تحولاً مهما في أداء الحركة ، من المهم أن يتحلي قادة الحركة بقدر من المخاطرة والثورية ، صحيح أن خبرات معظم قادتها جعلتهم في غالبهم تعبيراً عن قوة إصلاح أكثر من كونها حركة تغيير ولكن المرحلة القادمة من المهم للحركة أن تستعيد عافيتها وهي ممكنة ولكن عبر عقد اجتماع موسع لكل أعضائها للنقاش حول هذا الأمر وليس من حق أحد أن يقرر شكل الحركة وتحولها وحده دون العود إلي أعضاء الحركة . [email protected]