قال مسئولون أمريكيون إن المفاوضات بين الولاياتالمتحدة ومصر لإيجاد نهاية لأزمة الأمريكيين المتهمين في قضية التمويل الأجنبي كشفت عن العقبة الكبرى في العلاقات الأمريكية المصرية، وهي عدم وجود شريك موثوق في أعقاب الإطاحة بالحليف القديم للولايات المتحدة حسني مبارك. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قولها، إن أحد مشاكل الولاياتالمتحدة هي عدم وجود حكومة مصرية للتحاور معها، وذلك خلال شهادتها الأخيرة أمام الكونجرس، وأضافت: "أنا أذكّر نفسي دائمًا بذلك، لأنه وضع غير مستقر لكافة اللاعبين المختلفين". وأشارت الصحيفة إلى أن المسئولين الأمريكيين يأملون في أن يتغير اللاعبون على الساحة بعد أن تنتخب مصر رئيسها الجديد في الصيف المقبل، إلا أنهم يدركون أيضًا أنهم سيتعاملون مع مراكز مختلفة و غير معروفة للسلطة. ويشدد المسئولون الأمريكيون على أن هدفهم الرئيسي هو بناء وتعزيز العلاقات مع قادة مصر الجدد، في الوقت الذي تمر فيه البلاد بفترة انتقالية وعرة ومؤلمة نحو الديمقراطية. وقالت الصحيفة إنه في الوقت الذي تدخل فيه مصر مرحلة حرجة خلال الشهرين المقبلين تضع خلالها دستورها الجديد و تنتخب رئيسها، فإن المسئولين الأمريكيين يخشون أن يتسبب الغضب الشعبي الناجم عن طريقة إنهاء أزمة المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل، في تعقيد المرحلة المقبلة. إذ ترى أن ما يثير مخاوف واشنطن بشأن تعزيز علاقاتها مع حليفاتها الإستراتيجية مصر هو ترسخ المشاعر المعادية للولايات المتحدة في الشارع المصري، فالكثير من المصريين يعترون واشنطن نصيرة لمبارك قبل أن تتم الإطاحة به، بعد أن أزكتها "الحملة الإعلامية التي دعمتها السلطات المصرية" ضد المنظمات المتهمة في قضية التمويل الأجنبي بمحاولة زعزعة استقرار البلد وقلب نظام الحكم والتخابر لصالح دول أجنبية، فضلا عن السماح للمتهمين الأمريكان بمغادرة مصر الأسبوع الماضي. وفي إشارة إلى مشاعر الغضب في الشارع المصري تجاه الولاياتالمتحدة نقلت عن مايكل وحيد حنا – الخبير المصري في مؤسسة القرن – "إنها ليست بالشيء السهل الذي يمكن محوه، والطريقة التي رفع بها حظر السفر أثارت غضب شعبي عالي المستوي". مع ذلك، قالت الصحيفة إن البعض الآخر يرى أنه مع انتخاب البرلمان المصري الجديد الذي هيمن عليه الإسلاميون سيدخل إلى مرحلة جديدة حاسمة خلال الشهرين المقبلين، مع صياغة أول دستور مصر بعد الثورة ، والذي سيتبعه إجراء الانتخابات الرئاسية . ورأت أن خير دليل على حرص الإدارة الأمريكية علي تعزيز علاقاتها بمصر هو أنها سارعت إلى إعادة النظر في سياساتها الرافضة للتواصل مع الجماعات الإسلامية بمجرد أن أصبح "الإخوان المسلمون" أكبر قوى سياسية مصرية بعد هيمنة حزب "الحرية والعدالة"، الجناح السياسي للجماعة على أكثر من نصف مقاعد البرلمان. ونقلت عن جيفري فليتمان مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأدنى قوله إنه "بسبب التركيز علي قضية المنظمات الأمريكية تم فقدان نوع من الرسائل الأساسية، وهي أننا معجبون بما يحاول الشعب المصري القيام به.. نحن نؤيد تماما الجهود الذي يبذلها لبناء نظام ديمقراطي". وتابع: "نحن نريد أن نكون شركاء معهم على المدى الطويل.. الآن ينبغي علينا استغلال المزيد من الوقت، على سبيل المثال، الحديث إلي أعضاء الكونجرس عن مصالحنا طويلة المدى في مصر، والفوائد طويلة الآجل التي نعتقد بأنها ستعود على كلا البلدين".