كمال حبيب قد نتفق أو نختلف مع الدكتور أيمن نور في اجتهاداته السياسية ولكنه بلا شك خاض معركة شرسة في الانتخابات الرئاسية الماضية طرح نفسه فيها كمنافس حقيقي للرئيس مبارك رئيس الحزب الوطني والدولة معا ،وفي الواقع هذا أعطي معني للانتخابات الرئاسية وهذا ليس مهما في ذاته ولكنه أرسي تقاليد لما يمكن أن نطلق عليه " أنسنة الفرعون " أي جعل الرئيس شخصاً عاديا وطبيعيا وليس مقدساً وأنه يمكن الاختلاف معه بل والتنافس معه وتقديم أحد المواطنين لنفسه وهو هنا الدكتور أيمن نور كبديل لشخص الرئيس . أذكر وأنا في الاسكندرية في مطلع شهر سبتمبر الذي توافق مع الانتخابات الرئاسية وكنت أتابع مايجري وقتها وجدت الكثير من الشباب معهم بطاقات من الحزب الوطني ولكنهم قالوا لي أنهم صوتوا لأيمن نور . كنت متأكدا أن آلية الدولة المصرية ستتحرك لعقاب نور علي مااعتبر تحديا من جانبه للنظام السياسي ولشخص رئيسه ، وأذكر أن ضباط الشرطة الذين كانوا يراقبون تظاهرة كفاية التي خرجت بعد الانتخابات الرئاسية من طلعت حرب وكنت واحدا ممن حضروها وشاركوا فيها وكانت زوجة أيمن جميلة إسماعيل موجودة وجاء أيمن في آخرها وحضر مع بعض أنصاره ، أذكر أن الضباط كانوا يتوعدون أيمن بالعقاب . في تقديري كان أيمن أكثر جسارة وجرأة من كثير من القوي السياسية التي خاضت الانتخابات الرئاسية وعينها علي ذهب المعز وسيفه ، ومثل ظاهرة مهمة في الحياة السياسية المصرية وتعرض للسجن والضغوط ولكنه كان وفيا لما اختاره وتحمل النتائج أيا كانت . والدكتور أيمن نور علاقتي به قديمة جدا منذ كنت طالباً في كلية الاقتصاد وهو لا يزال طالبا ً في الثانوي وكان رئيس اتحاد طلاب مدرسة الملك الكامل الثانوية ، وكان يصلي خلفي وينشط معي في بعض الأعمال الخيرية في مدينة المنصورة ، وهو من أسرة عريقة ووفدية قديمة . وأذكر أنه قبض عليه عام 1981 م بسبب أنشطته مع الإسلاميين وفي المسجد الذي كنت أخطب فيه الجمعة في مدينة المنصورة ، ودخل أيمن عالم الصحافة ودافع عن المعتقلين الإسلاميين وأذكر أنه كتب عني الكثير في الوفد ، وهو من فتح لي جريدة الوفد وجريدة المدينة التي كان يدير مكتبها للكتابة فيها عقب خروجي من السجن عام 1981 م بشهامة منقطعة النظير ، وظلت علاقاتنا معا وطيدة وقوية حتي فرقتنا الدنيا بدواماتها ومجاهلها بعيداً ، ولكنني كنت أقابله مرات عدة وكان يلقاني بود لا ينسي فيه العشرة وجذور الأخوة الصادقة ،وأذكر أنه أرسل لي لأكتب في الغد وكتبت مقالاً واحدا ، ولما بدأ إسلاميون يتساءلون عن علاقتي بمشروعه فأوضحت لهم أنه صديق ولكن لا علاقة لي بمشروعه السياسي وتوقفت عن الكتابة في الغد ، وتقابلت معه عند الحاج حافظ سلامة وكان كعهدي به ودودا مغامرا طموحا ً ، كما حضر معنا المؤتمر الذي عقدناه في الأزهر ، وطلبت منه الكلمة ولكنه قال لي إنه جاء يحضر المؤتمر كمواطن مصري ولكني أصررت علي أن يتكلم . الدكتور أيمن نور تابعت محاكمته ومن الواضح أنها تعبير عن العقاب السياسي له من قبل الدولة ، والذي تمثل في إسقاطه في دائرته التي مثلها لعشر سنوات كاملة،ثم إسقاط كل مرشحي حزب الغد الذي يترؤسه ، ثم صناعة انشقاق داخل الحزب برعاية أجهزة الأمن في الدولة وتحت بصرها وسمعها . وكان أجدر بالنظام السياسي أن يحترم خصومه وقواعد اللعبة التي وضعها هو ويتحمل تبعات المنافسة السياسية بكل نتائجها ، مسيرة المحكمة واجراءاتها والقبض علي أيمن للتنكيل وجعله أنموذجا لكل من يفكر في أن يسير مسيرته هو نوع من الخطر علي الحياة السياسية كلها ، لذا ترك أيمن يواجه مصيره وحده من جانب القوي السياسية هو خطر عليها جميعها ، لا بد من إيقاف الوسائل الغشيمة التي اعتادها النظام السياسي مع معارضيه . أعلن تضامني الكامل مع الدكتور أيمن نور وأطالب كل القوي السياسية والاجتماعية بالتضامن معه ، وجعل قضيته حية في الضمير العام الوطني . [email protected]