برشلونة ورافينيا يحققان 5 أرقام قياسية في كسر عقدة بايرن ميونخ الأوروبية    صندوق النقد الدولي: الاقتصاد العالمي يبتعد عن مجموعة السبع ويتجه نحو "بريكس"    حزب الله يستهدف شركة صناعات عسكرية فى ضواحى تل أبيب    الأونروا: عام من الحرب أعاد غزة إلى أوائل الخمسينيات من القرن العشرين    ملف يلا كورة.. حكام السوبر المصري.. مران الأهلي الأخير.. واعتذار الزمالك    ضحية السوبر.. الحضري يكشف مفاجأة عن مستقبل كهربا مع الأهلي    تصل إلى 50 ألف دولار.. تعرف على قيمة جوائز مسابقة الأفلام الطويلة ب«الجونة السينمائي»    أزهري: ليس في الإسلام حد لشارب الخمر    وفاة و49 إصابة خطيرة.. اتهام ماكدونالدز أمريكا بتفشي مرض في الوجبات    فلسطين.. قصف على محيط مستشفى كمال عدوان في مخيم جباليا شمال غزة    ناصر القصبي يغازل فتاة روبوت في ثاني حلقات "Arabs Got Talent" (صور وفيديو)    إيران: ليس لدينا أي دوافع للتدخل في الانتخابات الأمريكية    ارتدوا الملابس الخريفية.. تحذير عاجل من الأرصاد بشأن طقس الأيام المقبلة    زيلينسكي يشكر دول مجموعة السبع على المساعدات العسكرية الأخيرة    «اتصالات النواب» توضح حقيقة رفع أسعار خدمات الإنترنت    تسلا تسجل أرباحا مفاجئة خلال الربع الثالث    الذكرى ال57 للقوات البحرية| الفريق أشرف عطوة: نسعى دائما لتطوير منظومة التسليح العسكري    محمد عبدالله: دوافع الزمالك أكبر للفوز بالسوبر المصري    أكروباتية خرافية من هالاند.. سيتي يقسو على سبارتا براج بخماسية في دوري أبطال أوروبا    النصر الليبي يعلن مواجهة الزمالك في مهرجان اعتزال أسطورته    مدرب برشلونة يتغنى بهاتريك رافينيا أمام بايرن ميونخ ويوجه رسالة نارية ل ريال مدريد    حزب مستقبل وطن بالأقصر ينظم قافلة للكشف عن أمراض السكر بمنطقة الكرنك    حريق هائل يدمر شقة المطرب نادر أبو الليف بحدائق الأهرام    انقلاب مروع على طريق "القاهرة-الفيوم" يودي بحياة شخصين ويصيب 7 آخرين    «الأمن الاقتصادى»: ضبط 7787 قضية سرقة كهرباء ومخالفة شروط التعاقد خلال 24 ساعة    «شكرا أخي الرئيس».. كل الأجيال لن تنسى فضله    منها إجبارهم على شرب مياه ملوّثة .. انتهاكات جديدة بحق المعتقلين بسجن برج العرب    نشرة التوك شو| موعد المراجعة الرابعة لصندوق النقد الدولي.. وحقيقة رفع أسعار خدمات الإنترنت    الأزهر للفتوى يهدي طلاب جامعة عين شمس منحة لتلقي برنامج تأهيل المقبلين على الزواج (ًصور)    خمول وتعب في الصحة العامة.. توقعات برج الدلو اليوم الخميس 24 أكتوبر    محافظ الإسماعيلية ورئيس هيئة قناة السويس يشهدان احتفالية ذكرى انتصارات أكتوبر    قصة عجيبة.. سيدة تدعو على أولادها فماتوا.. والإفتاء تحذر الأمهات من ساعة الإجابة    ما هي بدائل الشبكة الذهب؟.. الإفتاء توضح للمقبلين على الزواج    أذكار النوم: راحة البال والطمأنينة الروحية قبل الاستغراق في النوم    قصف جوي أمريكي بريطاني يستهدف مواقع للحوثيين في مطار الحديدة    السكة الحديد تنظم ندوة توعية للعاملين عن مخاطر تعاطي المخدرات    برلماني: الحوادث في مصر 10 أضعاف المعدل العالمي    إطلاق المرحلة الأولى لمبادرة «تشجير المدارس»    مفاجأة بشأن موعد محاكمة ثلاثي الزمالك في الإمارات    الأكاديمية الطبية العسكرية تنظّم المؤتمر السنوى ل«الطب النفسي»    «جذع نخلة وماسورة مياه» وسيلة الوصول لمدارس 3 عزب بأسيوط    محافظ بورسعيد: نعمل سويًا مع الجامعة لرفع كفاءة الملاعب وتطويرها    مشاكل تتعلق بالثقة بالنفس.. توقعات برج الجدي اليوم 24 أكتوبر    حظك اليوم| برج القوس الخميس 24 أكتوبر.. «وقت للتحول الإيجابي»    حظك اليوم| برج العقرب الخميس 24 أكتوبر.. «تعامل مع الخلافات بسلوك هادئ»    «آركين».. «كل نهاية بداية جديدة»    عاجل - "أفضل خيار لشراء سيارة سيدان أوتوماتيك لعام 2024 بسعر 250 ألف"    بيان عاجل من هيئة السياحة حول تأشيرة الترانزيت للسعودية: ما الحقيقة؟    خبير اقتصادي: الهدف من مراجعة صندوق النقد تقليل وتيرة ارتفاع الأسعار    تهنئة بقدوم شهر جمادى الأولى 1446: فرصة للتوبة والدعاء والبركة    جامعة الأزهر تكشف حقيقة شكاوى الطلاب من الوجبات الغذائية    سعر الذهب اليوم الخميس في مصر يواصل الارتفاع.. عيار 21 يحطم الأرقام القياسية (تفاصيل)    «المصريين الأحرار»: لا يوجد نظام انتخابي مثالي.. والقوائم تتجنب جولات الإعادة    للمرة الثانية.. حزب الله يستهدف قوات الاحتلال في محيط «عيترون» بجنوب لبنان بقذائف المدفعية    حصاد 83 يوما .. حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 131 مليون خدمة طبية مجانية    وزير الصحة يبحث دعم خدمات الصحة الإنجابية مع إحدى الشركات الرائدة عالميا    لتغيبه عن العمل.. محافظ البحيرة تقرر إقالة مدير الوحدة الصحية بقرية ديبونو    محافظ المنيا: تقديم خدمات طبية ل 1168 مواطناً خلال قافلة بسمالوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقفات مع منهج الدكتور الهلالي في الفتوى (1-3)
نشر في المصريون يوم 02 - 11 - 2016

مع ظهور القنوات الفضائية ومواقع الشبكة العنكبوتية أصبحت الفتوى تتجاوز حدود الأقاليم والبلدان، تقال الفتوى على الشاشات فتطير بذكرها الركبان، ويتناقلها الصغير والكبير، والمثقف والأمي.
ولا شك أن في هذا خيرا كثيرا، وفوائد جمَّة، ولكن مع هذا الخير شر، فقد أظهرت لنا الشاشات نوعين من المفتين:

الأول: مفتي مذهبي، لا يذكر إلا مذهبا ورأيا واحدا، دون الإشارة لخلاف، فضلا عن الترجيح بين الآراء.

والنوع الآخر: مفتي يتوسَّع في ذكر جميع المذاهب الفقهية، وربما تجاوزها إلى آراء الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، وكل قول في المسألة إلى عصرنا الحاضر.

غير أنه من هذا النوع من المفتين من يذكر الآراء دون تمييز بين الراجح والمرجوح، والضعيف والشاذ، أو بين فتوى على سبيل الاستثناء والرأي الفقهي المستقر، وتنبيه المشاهدين على ذلك. بل يذكر الآراء مجردة عن الدليل الذي اعتمدت عليه، ويترك مسألة الترجيح والاختيار للجمهور، يختار من هذه الآراء ما يشاء، وَفْق الهوى، أو الورع، أو التفضيل الشخصي، أو الميل القلبي.

ويتزعم هذا الفريق د. سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، ومن العجيب أنه يذكر الآراء الفقهية الشاذة والمهجورة والمتروكة جنبا إلى جنب مع الآراء المعتبرة!

ويقول للمستفتي: أنا لست وصيا دينيا حتى أقول رأيي. بل إنه يطالب العلماء والوعاظ أن يحذوا حذوه، حتى لا يكونوا أوصياء على الدين!! مُغفلا أن أغلبية الناس لا تستوعب قضية الخلافات الفقهية، ومنهم بسطاء وأميون لا يستطيعون فهم الآراء والأدلة، فضلا عن الاختيار بينها!!

وإذا كان في الناس من يستفتي قلبه ويترك ما حاك في صدره، ومنهم من يتورع عن الحرام، ويجعل بينه وبينه حاجزا بترك الشبهات، بل بترك بعض الحلال خوفًا من الوقوع في الحرام، فإن منهم كذلك صاحب الهوى، والفاسق، والمبتدع، وأعداء الدين، الذين يأخذون بعض الفتاوى على سبيل التندُّر والسخرية أحيانًا. وفي الأثر الذي رواه البخاري عن علي رضي الله عنه: "حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذَّب الله ورسوله"؟!

ولي على مسلك الدكتور الهلالي ثمان ملاحظات:

أولًا: المفتي خبير في علوم الشريعة، وليس وصيا ولا كاهنا:

المفتي موقِّع عن الله، أي: مبيِّن لحكمه من خلال تخصصه في علوم الدين، وليس وصيا على الناس ولا كاهنا، مثله مثل كل المتخصصين في العلوم التجريبية والإنسانية والأدبية والفلسفية.

وفي ذلك يقول الشاطبي: (المفتي هو القائم في الأمة مقام النبي صلى الله عليه وسلم) [الموافقات (5/253)]. أي يعلِّمها أحكام الله سبحانه وتعالى كما علَّم النبي صحابته.

ويعرف ابنُ حمدان الحنبلي المفتيَ بقوله: (هو المخبر بحكم الله تعالى لمعرفته بدليله ... وقيل: هو المتمكن من معرفة أحكام الوقائع شرعا بالدليل مع حفظه لأكثر الفقه) [صفة الفتوى ص4].

وهذه التعريفات وغيرها مما ذكره العلماء في كتبهم توضِّح أن المفتي مخبر عن حكم الله سبحانه وتعالى في هذه المسألة أو النازلة بمقتضى تخصصه في علوم الدين.

وقد وضع العلماء للمفتي شروطا منها: أن يكون مسلمًا، ثقة، مأمونًا، متنزهًا عن أسباب الفسق ومسقطات المروءة، كما في كتب (آداب المفتي والمستفي) و(كتب أصول الفقه).

ويعقد ابن القيم موازنة بين الحاكم (أي القاضي) والمفتي والشاهد فيقول: (كلٌّ منهم مخبر عن حكم الله؛ فالحاكم مخبر منفذ، والمفتي مخبر غير منفذ، والشاهد مخبر عن الحكم الكوني القدري المطابق للحكم الديني الأمري؛ فمن أخبر منهم عما يعلم خلافه فهو كاذب على الله عمدا) [إعلام الموقعين (4/133)].

ثانيًا: هل يجوز عرض المسألة على العامة دون ترجيح؟

في بعض النوازل والفتاوى الجديدة يكون دور المفتي هو الاجتهاد لمعرفة حكم الله تعالى فيها، وفي بعض القضايا المشهورة التي يكثر السؤال عنها يكون دوره هو نقل الحكم الشرعي المعروف سلفًا لمن يجهله، ثم يرجح أحد هذه الأقوال تبعا لقوة الدليل، مراعيا الواقع وما طرأ عليه من تغير. لا أن يترك المفتي المستفتي حائرًا بين مجموعة من الآراء الفقهية القديمة التي حكاها، مكلفا إياه بما لا يطيق، ولم يتأهل له، من ترجيح بين الأقوال، والبحث عن الأدلة، واختيار الرأي الصحيح، إذ لو كانت لديه هذه القدرة لما سأل.

يقول الإمام الشاطبي: (عامة الأقوال الجارية في مسائل الفقه إنما تدور بين النفي والإثبات، والهوى لا يعدوهما، فإذا عرض العامي نازلته على المفتي؛ فهو قائل له: أخرجني عن هواي، ودلني على اتباع الحق. فلا يمكن - والحال هذه - أن يقول له (أي المفتي): في مسألتك قولان؛ فاختر لشهوتك أيهما شئت!

فإن معنى هذا تحكيم الهوى دون الشرع، ولا ينجيه من هذا أن يقول (المستفتي): ما فعلت إلا بقول عالم. لأنه حيلة من جملة الحيل التي تنصبها النفس وقايةً عن القال والقيل، وشبكةً لنيل الأغراض الدنيوية، وتسليطُ المفتي العامي على تحكيم الهوى بعد أن طلب منه إخراجه عن هواه: رمي في عَماية، وجهل بالشريعة، وغش في النصيحة. وهذا المعنى جارٍ في الحاكم وغيره، والتوفيق بيد الله تعالى). [الموافقات (5/97)].

فانظر إلى شناعة الوصف الذي وصف به الشاطبي هذا المسلك: رمْي في عَماية، وجهل بالشريعة، وغش في النصيحة. نعوذ بالله تعالى من ذلك.


------------------
(*) باحث في الدراسات الإسلامية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.