بعبارات شابتها لهجة الاستعلاء، قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن المجلس العسكري ينبغي ألا ينخدع بإمكانية الحفاظ على المساعدات العسكرية الأمريكية؛ لمجرد سماحه بمغادرة ستة أمريكيين، وسبعة آخرين من العاملين بمنظمات المجتمع المدني المتهمة في قضية التمويل الأجنبي غير المشروع بمغادرة مصر بعد دفع غرامة مالية تقدر بنحو أربعة ملايين دولار، واصفة تلك الخطوة بأنها "تنازل بسيط". وقالت الصحيفة في افتتاحيتها أمس، إن إدارة الرئيس باراك أوباما أثبتت أن المساعدات العسكرية للجيش المصري ليست قابلة للنقض، وأنها تستطيع وينبغي أن تستخدم المساعدات كوسيلة ضغط لتحقيق الانتقال إلى الديمقراطية، مؤكدة أنه ينبغي على الإدارة الأمريكية أن تري الانتقال صوب الديمقراطية في مصر يمضي قُدمًا. ورأت أن قرار "العسكري" بالسماح للأمريكيين وغيرهم من العاملين بالمنظمات الأمريكية بمغادرة البلاد ، على الرغم من أنه قد قلل من حدة تصاعد أزمة توتر العلاقات بين القاهرةوواشنطن جزئيًا؛ إلا أنه يحمل ضمنيًا الكثير من المخاطر. ودللت الصحيفة على ذلك بتصريح فكيتوريا نولاند المتحدثة باسم وزيرة الخارجية الأمريكية الخميس بأن الإدارة لا تزال تشعر بالقلق بشأن "النتيجة النهائية للعملية القانونية" وتريد أن تحصل تلك المنظمات على التراخيص. واعتبرت أن الأهم من ذلك هو تصرح مسئولين أمريكيين بأنه لن يتم اتخاذ أي قرار بشأن استمرار المساعدات الأمريكية لمصر حتى أبريل المقبل؛ والذي من شأنه أن يستند إلى تقييم واسع عما إذا كانت مصر تسير نحو الانتقال الديمقراطي كما يشترط الكونجرس الأمريكي. وأوضحت أن علي الرغم من سماح "العسكري" للأمريكيين المتهمين في قضية التمويل بمغادرة البلاد، يعطيهم الفرصة لتجنب السجن؛ إلا أن المحاكمة لا تزال مستمرة، ولم تسقط التهم الموجهة ضدهم؛ إذ لم تتراجع الحكومة المصرية عن ادعائها بأن "المعهد الجمهوري الدولي"، و"المعهد الديمقراطي الوطني"، و"فريدوم هاوس" قد خططوا لقلب نظام الحكم وتقسيم البلاد. وذكرت الصحيفة أن إطلاق سراح العاملين بتلك المنظمات قد أثار موجة جديدة من ردود الفعل في الشارع المصري المناهض للأمريكيين مجددًا؛ إذ احتج المصريون على ما اعتبروه تدخلاً من قبل المجلس العسكري يهدد استقلالية القضاء، واتهموه بالخضوع للضغوط الأمريكية. وحملت المجلس العسكري مسئولية ما يواجهه من ازدراء؛ إذ أنه المسئول عن إطلاق قضية ذات دوافع سياسية وإثارة أزمة في العلاقات مع واشنطن. ورأت أن الولاياتالمتحدة كانت مُحقة في تهديداتها بتعليق المساعدات العسكرية إلى مصر؛ حتى يتم إسقاط القضية بالكامل. ورأت الصحيفة أنه إذا كان التنازل الوحيد الذي قدمه المجلس العسكري لواشنطن؛ للحماية تلك المساعدات هو السماح للأجانب المتهمين بمغادرة البلاد فإن كلاً من الولاياتالمتحدة وعملية الانتقال الديمقراطي في مصر مهددة بالخطر. وطالبت الحكومة المصرية لتجنب قطع المساعدات الأمريكية منح تلك المنظمات التراخيص لمنح عملها الشرعية، وإخطار النيابة العامة بأنها لن تعود لتتعاون مع المحاكمة وتعمل علي تعديل قانون المنظمات غير الحكومية في مصر، مشيرة إلى تأييد جماعة "الإخوان المسلمين" لتعديل هذا القانون والذي وصفته ب "المشجع"؛ على الرغم من عدم تصريح "الإخوان" بأية تفاصيل بعد.