"واشنطن اقتربت من حل بشأن قضية تمويل الجمعيات الأهلية فى مصر ونجرى الآن مباحثات مكثفة مع الحكومة المصرية لتسوية الملف"، هذه الكلمات كانت ضمن خطاب لوزيرة الخارجية الأمريكية، هيلارى كلينتون، أمام الكونجرس مساء أمس الأول، غير أن أصداءها وصلت القاهرة، حيث تبعها مباشرة إعلان المستشار محمد محمود شكرى التنحى عن نظر قضية التمويلات الأجنبية، ومعه هيئة المحكمة بالكامل، وهو القرار الذى أثار ردود فعل متباينة. وقال المستشار عبد المعز إبراهيم، رئيس محكمة استئناف القاهرة ل "المصريون"، إنه تسلم طلبًا من المستشار محمود شكرى، رئيس الدائرة الثامنة شمال القاهرة، ورئيس محكمة جنايات القاهرة التى تنظر قضية تمويل منظمات المجتمع المدني، بتنحى كامل هيئة المحكمة عن نظر القضية ل"استشعارها الحرج"، مشيرًا إلى أنه سيتم اختيار رئيس محكمة آخر خلال أسبوع. وهو ما أكده المستشار محمود شكرى بنفسه، رافضًا فى اتصال هاتفى ل"المصريون"، الإفصاح عن أسباب تنحيه فى الوقت الحالى، قائلاً فى رد مقتضب: "نعم تقدمت بطلب للتنحى عن نظر القضية ونقله التليفزيون المصرى وطبعًا التليفزيون مبيكدبش". وأكد مصدر مقرب من القاضى أن المستشار شكرى تنحى عن القضية لاستشعاره الحرج عندما علم من خلال متابعته لوسائل الإعلام المختلفة وجود محاولات من السفارة الأمريكية للتدخل فى القضية لإطلاق سراح المتهمين الأمريكيين فيها. وأضاف: "شكرى أرسل خطابًا إلى رئيس محكمة الاستئناف يطلب فيه التنحي عن نظر القضية احتجاجًا علي هذا التدخل السافر في شئون مصر وانتقل بنفسه برفقة المستشارين عصام اليمانى وأشرف النمساوى عضوى الدائرة إلى محكمة الاستئناف لتسليم الملف، تمهيدًا لتحديد دائرة أخرى وجلسة جديدة لنظر القضية أمامها". من جانبه، رحب المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض السابق، بتنحى هيئة المحكمة عن نظر القضية، معتبرًا أن مثل هذا القرار "يؤكد أن القضاء المصرى مازال بخير"، مضيفًا أن المحكمة استشعرت الحرج لتدخل أطراف رفض تسميتها بسير القضية. فيما رفض المستشار أشرف زهران عضو نادي القضاة ورئيس محكمة الاستئناف بالإسماعيلية ما يتردد بشأن أسباب تنحي هيئة المحكمة حول أن السفارة الأمريكية مارست ضغوطا علي رئيس المحكمة للتنحي عن نظر الدعوى ليس له أساس من الصحة. وأضاف: المستشار شكرى قرر التنحى عن نظر القضية لاستشعاره الحرج، من وسائل الإعلام التي نشرت معلومات وتصريحات تؤكد علي غير الحقيقة تدخل السفارة الأمريكية فى القضية لإطلاق سراح المتهمين الأمريكيين وذلك لرفع الحرج عن هيئة المحكمة الموقرة ولنزع أي غبار قد يلوث الوجه الأبيض للقضاء المصري الشامخ. وأشار إلى أن القضاء المصري مستقل ولا توجد قوة علي وجه الأرض يمكنها التدخل في شئون القضاء المصري خاصة بعد ثورة 25 يناير، مؤكدا أن السفارة الأمريكية تملك مخاطبة الحكومة المصرية والضغط عليها بالأوراق السياسية مثل المعونة الأمريكية وغيرها ولكنها لا تجرؤ علي مخاطبة المحكمة أو الضغط عليها لأنها تعلم يقينا أن القضاء المصري مستقل ولا سلطان لأحد عليه طبقا لنصوص الإعلان الدستوري ونصوص دستور 71 المعدل. وأوضح أن السفارة الأمريكية تمتلك مخاطبة الحكومة المصرية أو مخاطبة رئيس الجمهورية بطلب التماس للعفو عن رعاياها الأمريكيين المتهمين في قضية التمويل الأجنبي ولكنها لا تملك أن تخاطب المحكمة ولا تملك الضغط علي الهيئة القضائية مهما كانت التحديات في المقابل اعتبر النائب ناصر أمين، مدير المركز العربى لاستقلال القضاة والمحاماة وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن تنحي هيئة المحكمة عن نظر القضية يدل على أن القضاء المصري لا يريد المشاركة فى تلك القضية الملفقة، على حد وصفه، موضحًا أن القرار لا يجوز الطعن عليه، لأنه حق أصيل. بينما اعتبر حافظ أبو سعدة، رئيس منظمة حقوق الإنسان وأحد أعضاء فريق الدفاع عن المتهمين، أن التنحى حق قانونى، يتم إذا استشعرت المحكمة الحرج نتيجة لوجود شىء معنوى، مثل صلة قرابة تربط أحد المتهمين بأحد أعضاء هيئة المحكمة أو خصومة بينهم، غير أنه اعتبر فى الوقت ذاته أن القرار يثير علامات استفهام عديدة بالقضية.