كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن حالة الفزع التى انتابت المسئولين الأمريكيين عشية أولى جلسات المحاكمة فى قضية "التمويل الأجنبى" المتهم فيها 19 أمريكيًا يعملون لصالح منظمات على صلة وثيقة بالكونجرس الأمريكى منها (المعهد الديموقراطى الوطنى) و(المعهد الجمهورى الدولى). وأوضحت الصحيفة أنه فى وقت متأخر من مساء السبت أقر مسئولون أمريكيون بعجزهم عن التنبؤ بما سيحدث عندما تبدأ الأحد محاكمة الأمريكيين ومنهم سام لحود نجل وزير النقل الأمريكي. ورأت أنه فى حال تمت إدانة المواطنين الأمريكيين وفشلت واشنطن في إيجاد حل للقضية فإن التحالف الثلاثي بين واشنطن والقاهرة وإسرائيل الذى قالت إنه كان عنصرًا أساسيًا للاستقرار الإقليمى في المنطقة من المحتمل تمزيقه لقطع الكونجرس الأمريكي وإدارة أوباما المساعدات المالية عن مصر والتى تقدر بنحو 1,3 مليار دولار سنويًا. ونسبت الصحيفة إلى مسئولين أمريكيين قولهم، إن هناك حلاً اقترحه محامون مصريون يحفظ "ماء وجه" السلطات المصرية علي حد وصفها ألا وهو قيام الأجهزة الأمنية المسئولة على الإشراف عن المنظمات الغير ربحية بمنح التراخيص للمنظمات الأجنبية ؛ مما سيخفف من العقوبة. وذكرت أن دبلوماسيين أمريكيين ومحامين مصريين، وغيرهم ممن لهم صلة بالقضية كانوا قد صرحوا بتعثر جهودهم وسط فقدان خطوط التواصل مع الحكومة المصرية المؤقتة بقيادة المجلس العسكرى خلال الأشهر الأخيرة قبل تعهد المجلس العسكرى بالتخلي عن السلطة. ولفتت إلى فشل المسئولين الأمريكيين فى إيجاد نظراء مصريين ربما يستطيعون حل المسألة؛ إذ أعرب القادة المصريون عن أسفهم لعجزهم عن التدخل فى العملية القضائية. وكشفت الصحيفة عن أن 7 أمريكيين ممن وجهت لهم اتهامات جنائية بالعمل لصالح منظمات غير مرخصة وتلقي أموال أجنبية لتشغيلها قد اتخذوا من السفارة الأمريكية ملاذًا آمنًا لهم اعتبارًا من السبت خوفًا من الاعتقال بينهم نجل وزير النقل الأمريكي، لافتة إلي أنهم قد يواجهون عقوبة السجن التى قد تصل إلى ست سنوات ودفع غرامات مالية إذا ما ثبُتت إدانتهم . وأشارت إلى أن واشنطن رفضت التهم المصرية ورأت "أنه من غير المعقول أن تدفع الولاياتالمتحدة ما يقدر بنحو 15 مليار دولار سنويًا لجعل المنظمتين يسعون إلى تقويض مصر فى الوقت الذى تنفق فيه 1,3 مليار دولار سنويًا لدعم الجيش المصرى. وتابعت أن النيابة العامة أدانت المنظمات بالعمل لصالح وكالة الاستخبارات الأمريكية لشن حملة تهدف لزعزعة استقرار مصر والتلاعب بثورتها لصالح الولاياتالمتحدة وإسرائيل . وقالت الصحيفة إن واشنطن فوجئت بشن السلطات المصرية تلك الحملة علي المنظمات؛ إذ أنهم كانوا يتوقعون حصولها علي مساحة أكبر من الحرية بعد أن تمت الإطاحة بمبارك والحصول على التراخيص التى كانوا قد تقدموا بها؛ لذا ازداد تمويلهم لها؛ إلا أن الدكتورة فايزة أبو النجا – وزير التخطيط والتعاون الدولى – والتى تحتفظ بمنصبها قامت بتطبيق القوانيين القديمة بصورة أكثر صرامة، على حد وصف الصحيفة. وأعربت "نيويورك تايمز" عن اندهاشها من الموقف المصرى المتمسك بتصعيد القضية رغم تسامح مصر مع انتهاك المنظمتين لاثنين من القيود التى كانت مفروضة على منظمات المجتمع المدنى فى عهد المخلوع إذ تتلقي المنظمتان علنًا تمويلاً من الخارج، وسعت إلى العمل دون ترخيص جنبًا إلى جنب عشرات المنظمات الغير ربحية المصرية التى انتهكت نفس القوانين، خلال السنوات الماضية. وذكرت أنه على الرغم من تأكيد السيناتور الجمهورى جون ماكين، رئيس المعهد الجمهورى الدولى الأسبوع الماضي أن الحل كان فى متناول اليد بعد اجتماعه بقيادات عسكرية مصرية إلا أن القضية تمضى قدمًا، والتهديدات الأمريكية بقطع المساعدات المالية عن مصر تفجر موجة جديدة من القومية المصرية. من جانبها قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن السلطات المصرية تجاهلت التهديدات الأمريكية بقطع المعونة بعقد أولي جلسات محاكمة المتهمين فى قضية المنظمات (المشبوهة) أمس. ورأت أن الإعلام المصرى الرسمى قد نجح فى حملة تشويهه لصورة تلك المنظمات التي ترسخت في أذهان الكثير من المصريين؛ إذ صورت القضية بأنها معركة من أجل السيادة الوطنية فى مواجهة الاستبدادية الغربية. وأشارت إلى قيام مجلة أكتوبر الرسمية بنشر قصة على صفحة كاملة تتهم فيها منظمة "فريدوم هاوس" الأمريكية بأنها كيان صهيونى تعمل لصالح إسرائيل.