السعدني: "الزيطة والزمبيلطة".. "يورومنى" مؤتمر مُسكّن للاقتصاد.. تعويم الجنيه أبرز نتائج المؤتمر.. الدسوقي: اشترينا ب100 مليون جنيه "فنكوش" الشافعي: خسائر مصر من المؤتمرات تعدت ال"مليار".. 120 مليار دولار مساعدات بمؤتمر شرم الشيخ "فص ملح وداب"
رغم الضجّة الشديدة التي تحيط بأي مؤتمر اقتصادي والحديث عن سيل المليارات التي ستحصل عليها مصر على شكل ودائع أو مشروعات جراء ذلك, إلا أنها تظل مجرد أرقام على ورق يشوبها الغموض والتساؤلات, ومع تزايد حجم الأزمات الاقتصادية التي تعانى منها مصر, والتي لم يجد الرئيس عبدالتفاح السيسي بدًا من اللجوء لمثل هذه المؤتمرات اعتقادًا منه بزيادة الاستثمارات الأجنبية والعربية, والنهوض بالبلاد في ظل بلوغ الدين الداخلي 2.49 تريليون جنيه و53.4 مليار دولار للدين الخارجي، بحسب تقرير البنك المركزي المصري تظل فلوس المؤتمرات الاقتصادية "فص ملح وداب". وتعتبر نتائج المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ الذي عقد في منتصف مارس العام الماضي خير إجابة على سؤال "ماذا جنت مصر من هذه المؤتمرات؟", وخير دليل على ذلك, مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي, فعلى الرغم أنه تردد حينها وفقًا لتصريحات مجلس الوزراء، أن حجم الاستثمارات التي تم الاتفاق عليها خلاله تجاوز 120 مليار دولار استثمارات بقيمة 63 مليار دولار، وتصريحات أخرى بأن قيمة الاستثمارات وصلت ل33 بليون دولار، فضلًا عن 5.2 بليون دولار في صورة مساعدات وقروض أوروبية حينها. إلا أنه وفقًا لخبراء الاقتصاد مجرد حبر على ورق، الأمر الذي دفع السيسي لعقد مؤتمر آخر عرف باسم مؤتمر يوروموني والذي يشارك فيه حوالي 900 خبير اقتصادي من 28 دولة, وانطلقت فعالياته الاثنين الماضي، لمناقشة الوضع الاقتصادي الحالي لمصر؛ حيث يطرح مجموعة من التساؤلات التي تتناول الأوضاع الاقتصادية في البلاد ومنها "ما الذي يعنيه اتفاق صندوق النقد الدولي لمصر، وما انعكاس ذلك على المواطنين المصريين، وهل يمكن بالفعل إجراء الإصلاحات الاقتصادية، وكيف يمكن للحكومة المصرية تحقيق نمو اقتصادي مستدام، والتعامل مع أهم التحديات الاجتماعية، وما الذي تقوم به الحكومة على أرض الواقع لضبط الميزان التجاري، وهل تنجح تلك الإجراءات فعليًا، وهل يمكن أن تعود الاستثمارات من دون وضع حلول دائمة لأزمة العملات الأجنبية؟". واستطاع المؤتمر هذا العام، حسب المسئولين، حشد أكثر من 800 خبير عالمي في مجالات التمويل والاستثمار وقطاعات الأعمال المختلفة, ليعتبر أهم مؤتمر مالي واستثماري في مصر, حسب تصريحات المسئولين, ورغم ذلك لم تخرج مصر بشيء ملموس من هذا المؤتمر سوى تعويم الجنيه الذي أعلنت مصر رسميًا خلال المؤتمر بتنفيذه خلال الفترة المقبلة. من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي، خالد الشافعي، أن انعقاد مؤتمر اليورومني في مصر هذا العام يأتي وسط ظروف اقتصادية صعبة تختلف عن السنوات الماضية، وكذلك يتزامن المؤتمر مع بدء الحكومة في تنفيذ برنامجها الإصلاحي الذي يستهدف خفض عجز الموازنة العامة من خلال خفض الدعم عن بعض السلع وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، الأمر الذي يجب الترويج له بشكل حيوي داخل المؤتمر وبأفكار خلاقة بعيدًا عن البيانات والتصريحات فقط. وأضاف الشافعي، في تصريحان صحفية، أن مصر لم تجن شيئًا من المؤتمرات الاقتصادية السابقة سواء اليورومني أو مؤتمر شرم الشيخ، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل حول جدوى تلك المشاركات طالما أنه لا توجد خطة واضحة للاستفادة من تلك المؤتمرات وعدم الاكتفاء بالتوصيات التي لا تخرج إلى أرض الواقع. وأشار إلى أن مؤتمر اليورومنى إذا لم يتم استغلاله للترويج للفرص الاستثمارية في مصر وكذلك برنامج الإصلاح الاقتصادي فإنه سيكون أشبه بالمؤتمرات السابقة، ولابد من اعتماد خطة واضحة تقبل التنفيذ لنقل رؤية إيجابية عن مستقبل الاستثمار في مصر للمشاركين في مؤتمر اليورومني لجذب استثمارات جديدة. وانتقد عزت السعدني، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، تعامل مصر مع المؤتمرات الدولية, مشيرًا إلى أن هناك أزمة اقتصادية كبيرة, يجب على الحكومة مواجهتها, منتقدًا الطريقة التي تتم دعوة المستثمرين للاستثمار بها في مصر دون تهيئة المناخ المناسب لهم, مشيرًا إلى أن مصر يجب أن تعمل على تشجيع البيئة الاستثمارية من خلال وضع قوانين تصب في صالح المستثمر والدولة معًا. وأضاف في تصريح خاص ل"المصريون" أن بداية تشجيع الاستثمار وجذب مستثمرين أجانب يبدأ من الاهتمام بالمستثمر المحلي, مشيرًا إلى أن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر لن تحل بعقد مؤتمرات أو لقاءات يتم تنظيمها ولكن الحلول ستأتي من كيفية الاستفادة من هذه المؤتمرات وترجمة نتائجها إلى استثمارات على أرض الواقع، قائلاً: "مصر لم يدخل في جيبها مليم من مؤتمر شرم الشيخ ورغم ذلك اتجه السيسى لمؤتمر جديد بدون داعٍ، فالحين فى الزيطة والزمبليطة"؟، على حد قوله. وتساءل السعدني قائلاً: "فين ال63 مليار دولا اللى قال عليهم محلب"، مؤكدًا: "احنا بننسرق علني"، مشددًا على أن الدولة يجب أن تكون حريصة على تهيئة المناخ للمستثمرين الأجانب في مصر، معتبرًا أنه لم يحدث أي جديد منذ إقامة المؤتمر الاقتصادي، حيث لم نر إلا كلامًا. وأشار إلى أن الكثير من المستثمرين لديهم الرغبة لدخول السوق المصرية، خاصة أن هذه الفترة توجد العديد من المشكلات في الخليج يمكن أن تستغلها مصر لجذب المستثمرين. في السياق ذاته، أعرب الدكتور إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد ومدير مركز البحوث بأكاديمية السادات، عن أسفه الشديد لعدم توافر أي معلومات عن الاتفاقيات والعقود التي أبرمتها الحكومة المصرية مع المستثمرين والشركات التي شاركت في مؤتمر شرم الشيخ في مارس الماضي والمؤتمر الحالي. وأوضح "الدسوقي" في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن الشعب كان يبني آمالاً عريضة على المؤتمر الاقتصادي لتحسين الأحوال الاقتصادية والاستثمارية في البلاد، إلا أن عدم سعي الحكومة الجاد في تهيئة المناخ الاستثماري تسبب في شعور عام لدى المصريين بالإحباط، كما أنه لم يتم تنفيذ أي من المشروعات والاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة مع المستثمرين على أرض الواقع، قائلاً: "صرفنا كتير ومفيش فايدة عادت علينا، بعنا الذهب واشترينا الفانكوش"، على حد تعبيره. ومن جانبه، أكد الدكتور "عبداللطيف عبدالحميد"، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات، أن عدم وجود الشباك الموحد للاستثمار أضعف إنجازات المؤتمر الاقتصادي الذي يمضي اليوم عامًا على إطلاقه، ولذلك لم تظهر بعض المشروعات للنور وتم الاختلاف على تمويل العاصمة الإدارية. وأضاف "عبدالحميد" في بيان له، أن السياسة الاقتصادية بمصر تحتاج لتوازن وفض نزاعات الاستثمار حتى نشعر بنتائج المؤتمر الاقتصادي بشكل ملموس على أرض الواقع، مشيرًا إلى أنه حتى الآن هناك العديد من المشروعات الاستثمارية تم الاتفاق عليها بالمؤتمر الاقتصادي مازالت معلقة؛ بسبب قوانين الاستثمار التي جعلت المستثمر المصري يهرب خارجًا ويستثمر خارج مصر.