تراجعت الحكومة عن قرارها بحظر استيراد القمح الذي يحتوي على بنسبة فطر الإرجوت 0.05%، بعد أن ألغى المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء قرار وزير الزراعة عصام فايد بهذا الشأن، على الرغم من تحذيرات الباحثين من خطورة الفطر على صحة المواطنين. والإرجوت فطر طفيلي ينمو على كثير من المحاصيل الزراعية كالشعير والقمح، ويحتوي على كثير من المواد الفعالة التي تختلف في تركيبها وأثرها على الجسم، وقد يتسبب بالتسمم، خصوصًا في المرضى الذين يعانون من أمراض الكبد والكلى. قرار رئيس الوزراء بالتراجع عن استيراد القمح الذي يحتوي على نسبة إرجوت جاء على خلفية عوامل أربعة هي: إلغاء مناقصات القمح مصر تُعتبر هيّ أكثر دول العالم استهلاكًا للقمح، حيثُ تستورد ما يقرب من 10 مليون طن قمح بشكل سنوي، وما حدث هو أن الشركات جميعها عزفت عن التقدم للمناقصات التي أعلنت عنها هيئة السلع التموينية، ما أدى إلى إلغاء 3 مناقصات متتالية لتوريد القمح من الخارج. وأجبر رجال الأعمال الحكومة على التراجع عن قرار حظر استيراد قمح الإرجوت السام، بعد اتفاقهم على عدم شراء أي كميات من القمح الخارجي بحجة أنه لا يوجد قمح يخلو من الإرجوت بنسب مختلفة. علميًا، لا يُمكن أن يخلو القمح من فطر الإرجوت، ولكن الخبراء أكدوا أنه بالغربلة وغسل القمح جيدًا فإن نسبة الإرجوت فيه تكاد تكون معدومة ويمكن تسمية النسبة في هذه الحالة ب "الزيرو"، ولكن بالتدقيق يُمكن اكتشاف إرجوت بسيط في القمح، وهي نسبة لا تكون مؤثرة على الإطلاق في الصحة العامة. كانت الحكومة تأمل أن ينصاع رجال الأعمال للاشتراطات الجديدة وأن تقوم الدول المصدرة لهم بغسل وغربلة القمح قبل التصدير، غير أن تلك الدول في هذه الحالة ستطلب أموال زائدة، لذلك اتفق الموردون ورجال الأعمال على رفض اشتراطات الحكومة فلم يتقدموا للمناقصات. وتشتري الحكومة 45 مليون طن قمح سنويًا لحسابها، بينما تترك 6 مليون طن للقطاع الخاص والممثل في عدد من الشركات المملوكة لرجال الأعمال، لذلك فإن لهم كلمة الفصل في أي قرار يُتخذ بخصوص القمح الذي يعتبر الغذاء الأساسي للمصريين. ضغوط الدول المصدرة عندما قررت الحكومة حظر استيراد القمح المصاب بالإرجوت، أعلنت روسيا بالتزامن مع ذلك عزمها على مراجعة جميع اشتراطات الزراعات المصرية القادمة إليها بما فيها الخضروات والفاكهة، ثم أوقفت بعد ذلك عدة محاصيل زراعية واتهمتها بأنها غير صالحة للاستهلاك لأنها تروى بمياه الصرف الصحي. الإجراء الروسي جاء متزامنًا مع حملة عالمية لمقاطعة المنتجات المصرية، لكن الاختلاف في حالة روسيا هيّ أن موسكو تعتبر هيّ أكبر مورد للقمح إلى مصر، كما أن زراعيين أكدوا أنها أكثر بلاد العالم يحتوي قمحها على فطر الإرجوت بالقمح. وبعد أن أعاد رئيس الوزراء قرار السماح باستيراد القمح المصاب بالإرجوت، بدأت شحنات القمح الروسي تدفق إلى مصر لحساب شركات تتبع رجال أعمال رفضوا سابقًا استيراد القمح بالاشتراطات الحكومية التي تمنع الإرجوت في القمح. السعر المحلي وفرق السعر العالمي أعلنت الحكومة عن سعر موحد لاستقبال محصول المزارعين من القمح وحددته ب 420 جنيهًا، وبالنظر إلى القمح المستورد فإنه يقل من 70 إلى 100 جنيه في الأردب الواحد، ما يعني أن الحكومة بفتحها باب الاستيراد من الخارج فإنها يُمكنها توفير الملايين هيّ في أمس الحاجة إليها. وهذا الإجراء يُسبب كل عام أزمة بين الحكومة والمزارعين، خصوصًا وأن عدد كبير من المزارعين لا يستطيعون تسويق محصولهم لوجود قمح مستورد بأسعار أقل فيقعون في النهاية فريسة لبعض التجار المستغلين. الفاو والكودكس أصدرت منظمة الفاو تقريرًا يوضح أن الإرجوت في مصر ليس خطيرًا، حيثُ أرسلت المنظمة خبيرًا لديها لدراسة الأجواء في مصر، وقرر الخبير أن نسبة ال 0.05 % الموجودة في القمح المورد لمصر لن يكون ضارًا على صحة المواطنين. وبقرار السماح بدخول قمح الإرجوت، تكون الحكومة قد تفادت الوقوع في إحراج مع منظمة الفاو خصوصًا وأنها من طلبت الخبير الحضور إلى مصر وإصدار قرار حول تأثير فطر الإرجوت على المواطنين.