فصل الدين عن السياسة, كانت مطلبًا للأحزاب المدنية، خاصة بعد قيام ثورة يناير, ووصول جماعة "الإخوان المسلمين" إلى سُدة الحكم, مطالبة بسن قوانين تمنع قيام وتكوين أحزاب سياسية على أساس ديني كنوع من التطور السياسي نحو الديمقراطية. لكن ما أثار غضب الرافضين لخلط الدين بالسياسة تكرر مع ممارسة الكنيسة لأنشطة سياسية ظهرت جلية في حشدها لدعم النظام الحالي في المحافل الخارجية، كما حصل مؤخرًا خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. ورأى الكاتب والمفكر القبطي، جمال أسعد، أن "ما حدث من الكنيسة لحشد الأقباط يعد من الأخطاء الفادحة التي ترتكبها في الفترة الأخيرة؛ لأن السيسي لا يحتاج إلى حشد باعتباره جاء بإرادة شعبية ومعترفًا به". وأضاف أسعد ل"المصريون": "الكنسية مؤسسة دينية لا يجب أن تتدخل في العمل السياسي"، موضحًا أن الكنيسة اعتمدت هذا النهج منذ عهد الرئيس الأسبق أنور السادات. وتابع: "السيسي رئيس دولة مدنية لا يجب أن يتم الحشد إليه عن طريق دعوة الكنيسة لأقباط المهجر لاستقباله، لأنه رئيس له شرعية"، متسائلاً: "هل أقباط المهجر أكثر وطنية من المسلمين المصريين الذين يعيشون في أمريكا، ولماذا لا تتم الدعوة للحشد في استقبال الرئيس السيسي"؟. وأوضح أن "استقبال السيسي من المفترض أن يكون من كل محبيه وليس الأقباط فقط"، مشيرًا إلى أن "ما حدث يعد حشدًا مسيحيًا وليس مصريًا وأن هذا يترك أثرًا على المسلم, مما يساعد على إشعال الفتنة بين أبناء الوطن؛ بسبب تدخل الكنيسة في السياسة"، لافتًا إلى أن "هذا الحشد لم نره لأي رئيس دولة من المشاركين في الأممالمتحدة". وطالب أسعد، الكنيسة بالابتعاد عن السياسة والقيام بدورها الدعوي، موضحًا أن المسيحيين لهم حق الاختيار في أن يعارضوا أو يؤيدوا وألا يكون لهم موقف سياسي, قائلاً: "سيظل الحب سمة بين الشعب المصري لأن الرؤساء زائلون ولكن تبقي المواقف بين أطياف أبناء المجتمع من المسلمين والمسيحيين". من جانبه، رفض الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، تدخل الأزهر والكنيسة في العملية السياسية؛ لأن كلا منهما له دوره، مشيرًا إلى أنه ضد الحشد الطائفي الذي يمكن أن يجلب فتنة طائفية فضلاً عن العواقب الوخيمة على المجتمع. وأضاف صادق ل"المصريون": "الكنيسة تريد كسب حب السيسي، وتقوم على تدعيمه لاسيما بعد ثورة 30 يونيو، لذلك طلبت بحشد أقباط المهجر لاستقبال الرئيس السيسي". وتابع: "المسيحيون أقلية وتتعرض لمواقف كثيرة، والحكومة والأجهزة موقفهما سيئ من الأقليات الدينية خاصة في منعهم من بناء الكنائس وتقييد حريتهم، موضحًا أنهم في الفترة الأخيرة تدخلوا في السياسة لأنهم شعروا بأن حقهم ضائع". وأوضح أن "دعوة الأقباط وحشدهم من قبل الكنيسة يهدف إلى لكسر شوكة المعارضين للرئيس السيسي في أمريكا الذين يريدون تشويه صورته أمام العالم، وإظهار أن الشعب لا يقبل الممارسات التي يقوم بها وإعطاء انطباع سيئ عنه بأنه لاشعبية له، لذلك خرجوا بمظاهرات مؤيدة له أثناء وجوده بالولايات المتحدة".