فهمي: غياب الرقابة جعلها «سداح مداح».. عيسى: نتاج 40 سنة «فشل».. وغنيم: لا علاقة للدولار بها "عيد بأي حال عدت يا عيد".. هذا هو لسان حال المواطن المصري المهموم بالأزمات.. ارتفاع صارخ للأسعار.. اختفاء سلع.. فإذا ما استفاق من أزمة فاجأته الحكومة بأخرى، وهو ما يقتل فرحته في الصميم. وأرجع خبراء اقتصاديون، الارتفاع الحاد في أسعار بعض السلع كاللحوم والخضروات، في ظل أزمة نقص أسطوانات الغاز، تزامنًا مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، إلى غياب الرقابة على الأسعار في الأسواق. فيما يرى آخرون أن غياب جمعيات حماية المستهلك, واتحادات المستهلكين, وعدم توعية الجمهور بضرورة الإبلاغ عن أي محاولات لرفع الأسعار, ومواجهة جشع التجار ووقف التهريب, وملاحقة السلع مجهولة المصدر, والتصدي لحملات الترويج للسلع المستوردة على حساب المنتج المحلي، أحد أسباب تفاقم الأزمة في عيد الأضحى. ترصد "المصريون" أربع أزمات واجهت المواطنين قبيل عيد الأضحى المبارك، والمتوقع استمرارها خلال أيامه. 25% زيادة بأسعار الخضار والفاكهة ارتفعت أسعار الخضراوات والفاكهة بنسبة تتراوح بين 20 و25%، حيث وصل سعر كيلو الطماطم 5 جنيهات، فيما تراوح سعر كيلو الخيار بين 4 و5 جنيهات، وارتفع الباذنجان إلى 4 جنيهات، كما وصل سعر كيلو الكوسة إلى 5 جنيهات. وجاءت الزيادة في أسعار الخضروات والفواكه بالتوازى مع ارتفاع أسعار منتجات اللحوم، رغم تأكيد الحكومة والممثلة في وزارتي الزراعة والتموين، ضخ منتجات إضافية لمواجهة ارتفاع الأسعار. أزمة "لبن الأطفال" مازالت مستمرة وفي الأيام القليلة الماضية، أثارت أزمة نقص لبن الأطفال، غضبًا شديدًا لدى الأسر المصرية، ما أدى إلى قطع عشرات المواطنين طريق كورنيش شبرا أمام معهد ناصر، احتجاجًا على رفع أسعار لبن الأطفال المدعم، ما تسبب في شلل مروري تام بكورنيش النيل. كما تجمع عشرات الأهالي في منطقة شبرا، وقطعوا شارعي شبرا وجسر البحر، بسبب اختفاء لبن الأطفال، ما تسبب في شلل مروري أيضًا بشبرا والشوارع المحيطة بها. وقال العميد محمد سمير، المتحدث باسم القوات المسلحة، إن الشركات المختصة باستيراد عبوات لبن الأطفال، تقوم باحتكارها ل"المغالاة في سعرها ما تسبب في زيادة المعاناة على المواطن البسيط"، متحدثًا عن أن دور القوات المسلحة هو التعاقد لإبقاء سعر العبوات ب30 جنيها بدل 60 جنيهًا. ونفى المتحدث العسكري، أن تكون للجيش عبوات مخزنة، مشيرًا إلى أن استيراد أول دفعة من الألبان سيتم منتصف الشهر الجاري، وسيتم توزيعها على الصيدليات بالثمن المشار إليه، مطالبًا المواطنين بعدم الانسياق وراء الشائعات، والحملة المغرضة التي شنتها شركات استيراد الألبان، بهدف التأثير على الرأي العام. ويأتي نفي الجيش، بعد تصريحات لوزير الصحة، قال فيها إن الجيش استورد بالفعل 30 مليون عبوة حليب لأجل تخفيض أسعارها. أسعار اللحوم ومع اقتراب عيد الأضحى، ارتفعت أسعار اللحوم، التي تخطت حاجز ال 90 جنيهًا للكيلو الواحد. بدورها، تعهدت حكومة المهندس شريف إسماعيل، بتوفير السلع الأساسية واللحوم بأسعار مخفضة للمواطنين، حيث شدد رئيس الوزراء، على تكثيف إجراءات المراقبة والمتابعة المستمرة على الأسواق من جانب الأجهزة الرقابية، لضمان إحكام السيطرة والرقابة عليها. في الوقت ذاته، بلغت نسبة الارتفاع في أسعار اللحوم بمدينة الإسكندرية 15%، بحسب شعبة اللحوم والدواجن بالغرفة التجارية، كما سجل سعر كيلو اللحم "البتلو" 130 جنيهًا، ليسجل أعلى ارتفاع له على الإطلاق وهو ما يؤرق المصريين في هذه المناسبات وعلى وجه الخصوص في عيد الأضحى المبارك. نقص أسطوانات الغاز واستكمالاً لمسلسل الأزمات المتكررة، تعرضت عدة محافظات خلال الفترة الأخيرة لأزمة حادة في توفير أسطوانات الغاز، التي ارتفعت أسعارها في السوق السوداء لتتخطى حاجز ال40 جنيهًا نتيجة نقصها في السوق الرسمية. ويعتبَر النقص الحاد في الغاز الطبيعي من الأزمات الأكثر إلحاحًا التي يواجهها الاقتصاد المصري كل عدة أشهر، خلال السنوات الخمس الماضية. خبراء: غياب الرقابة جعلها "سداح مداح" قال صلاح الدين فهمي، رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، إن ارتفاع الأسعار الذي سببه غياب الرقابة، مشيرًا إلى أن "المواسم" المقبلة وزيادة الطلب على المنتجات من أسباب زيادة الأسعار. وأضاف فهمي ل"المصريون"، أن جشع التجار من العوامل الأساسية في التي أدت لزيادة الأسعار، موضحًا أن ارتفاع سعر الدولار أبرز أسباب الغلاء الموجود بالسلع المنتشرة في الأسواق. وأشار إلى أن جهاز حماية المستهلك، ووزارة التموين، يجب عليهما التصدي لاستغلال التجار، لافتًا إلى أن حل الأزمة يكمن في عودة السياحة والمستثمرين للحصول على العملة الصعبة. ورأى الدكتور رضا عيسى، الخبير الاقتصادي، أن ما يحدث في الأسواق المصرية الآن من اختفاء بعض السلع وارتفاع في الأسعار ، يرجع إلى فشل النظام الاقتصادي المطبق منذ 40 سنة، قائلاً: "هناك فشل في السياسة التي تسير عليها الدولة والتي تتمثل في استيراد كل المنتجات من الخارج دون عناء". وأضاف عيسى ل"المصريون"، أن ما يحدث في الأسواق نتيجة غياب الرقابة الفعلية، مشيرًا إلى أن الأسواق المصرية أصبحت "سداح مداح" للتجار الجشعين. وحمل وزارة التموين المسئولية عن القصور في الرقابة والمتابعة, وعدم قيام قطاع التجارة الداخلية ومفتشي التموين بمهام الرقابة على الأسواق, ومكافحة جشع التجار, ومخالفات الأسعار. وشدد على ضرورة تفعيل أجهزة الرقابة على الأسواق، بالإضافة إلى تفعيل دور جمعيات حماية المستهلك, واتحادات المستهلكين, للوصول إلى المستهلكين الحقيقيين, وتوعيتهم بضرورة الإبلاغ عن أي محاولات لرفع الأسعار, ومواجهة جشع التجار، بالإضافة إلى وقف التهريب, وملاحقة السلع مجهولة المصدر, والتصدي لحملات الترويج للسلع المستوردة على حساب المنتج المحلي, لعودة الحياة الطبيعية للمواطن البسيط. من جانبه، قال الدكتور هيثم غنيم، الخبير الاقتصادي والرئيس التنفيذي لمنظمة الوحدة الإفريقية، إن جشع التجار وسيطرتهم على السلع، والتحكم في أسعارها ناتج عن غياب الدور الرقابي للحكومة تمامًا في حماية أسواقها، مشيرا إلى أن غياب الرقابة بمثابة ضوء أخضر لهم "لتنفيض" جيوب المواطنين. وحمّل غنيم، مسئولية ارتفاع الأسعار إلى وزارة التموين، نتيجة القصور في الرقابة والمتابعة, وعدم قيام قطاع التجارة الداخلية ومفتشي التموين بمهام الرقابة على الأسواق, ومكافحة جشع التجار, ومخالفات الأسعار. وأضاف، أن الحكومة فشلت في السيطرة على الأسعار, موضحًا أن الدولار لا علاقة له بارتفاع الأسعار، كما يزعم البعض، وتصدير هذا المفهوم للشارع أمر خاطئ وبعيد كل البعد عن الصحة. وأكد أن حل الأزمات يكمن في ضرورة تفعيل مواجهة جشع التجار, ووقف التهريب, وملاحقة السلع مجهولة المصدر, والتصدي لحملات الترويج للسلع المستوردة على حساب المنتج المحلي.