برلمانيون: "عش دبابير".. قانونيون: "مغارة على بابا".. اقتصاديون:"تنعش الاقتصاد المتدهور".. أزهريون:"أكل لأموال الناس بالباطل" إسكندر: باب خلفى لفساد المسئولين.. يحيى: دجاجة تبيض ذهبًا.. خبير قانونى: لا تخضع للرقابة وإغلاقها مطلب عام.. اقتصادي: تُنهى عجز الموازنة.. فقيه: تعدٍ على المال العام
تعانى مصر من أزمة اقتصادية كبرى، بفعل السنوات ال6 التى تلت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، خاصة فى ظل الأزمات السياسية التى نعيشها حاليًا، منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، ما أدى لتقدم النائب هشام وآلي، عضو مجلس النواب، باقتراح مشروع قانون يقضى بإلغاء الصناديق الخاصة وضم أموالها لخزينة الدولة، وذلك بهدف سد عجز الموازنة البالغ 319 مليار جنيه، والاستغناء عن قرض صندوق النقد الدولى البالغ 12 مليار دولار، خاصة أنها لا تخضع لأجهزة الرقابة وتعد أحد الأبواب الخلفية للفساد داخل الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية. التعريف ب"الصناديق الخاصة" هى كل نظام فى أى جمعية أو نقابة أو هيئة أو من أفراد تربطهم مهنة واحدة أو عمل واحد أو أية صلة اجتماعية أخرى تتألف بغير رأس مال ويكون الغرض منها وفقًا لنظامه الأساسى أن تؤدى إلى أعضائه أو المستفيدين منه تعويضات أو مزايا مالية أو مرتبات دورية أو معاشات محددة. عدد الصناديق الخاصة وأموالها يتخطى عدد الصناديق الخاصة فى مصر 700 صندوق، بينما يبلغ عدد الأعضاء ما يقرب من 5 ملايين، وتقدر أموالها بمليارات الجنيهات. برلمانيون: الصناديق الخاصة "عش دبابير" على البرلمان أن يقتحمه أشاد عدد من نواب البرلمان، بمقترح النائب هشام وآلي، الخاص بتقديمه مشروع قانون لإلغاء الصناديق الخاصة بالوزارات والهيئات والمصالح الحكومية، معتبرين إياها بالدجاجة التى تبيض ذهبًا، وبابًا خلفيًا لإهدار المال العام. وقال النائب أشرف عزيز إسكندر، عضو مجلس النواب، إنه يتفق تمامًا مع مقترح إلغاء الصناديق الخاصة ووضع أموالها فى خزينة الدولة، وذلك للمساهمة فى سد عجز الموازنة ووقف أبواب الفساد المفتوحة من هذه الأموال. وأضاف إسكندر، فى تصريحات ل"المصريون"، أن أموال الصناديق الخاصة بمثابة عش الدبابير التى وجب على البرلمان أن يفتحها، لكشف أوجه الفساد المختلفة فيه، وإخضاعها لأجهزة الرقابة فى الدولة، مؤكدًا أنه وفقا للقانون المعمول به الآن فلا تخضع أموال تلك الصناديق للجهاز المركزى للمحاسبات. وكشف عضو مجلس النواب، عن أن الصناديق الخاصة التى يدفعها المواطن تؤول أموالها إلى الوزراء ومعاونيهم ووكلاء الوزراء وكبار المسئولين فى كل وزارة، ناهيك عن الرشاوى التى يمنحها هؤلاء المسئولون لبعضهم البعض، معتبرين إياها ب"كشوف البركة" التى يتمتعون بنعيمها، وبالتالى فلماذا لا تعود بالنفع على المواطن من خلال إدراج أموالها فى الموازنة العامة للدولة. وتابع:"هناك أنواع كثيرة من الصناديق الخاصة تضر بالمواطن كصندوق المواقف والمرور والمحاجر، وغيرها الكثير، يسعى الموظفون من خلالها لفرض الإتاوات على السائقين والباعة الجائلين المخالفين لجمع أموال طائلة فى صورة غرامات ويتركون هؤلاء الباعة ومن ثم يعودون إليهم بعد أيام لتكرار الغرامات وتوزيعها على بعضهم البعض وبالتالى يخسر هؤلاء الباعة ولا يستفيد سوى الموظفين وأيضًا لا تقف حائلاً تجاه تكرار نفس المخالفات". فى سياق متصل، أكد النائب عبدالفتاح محمد يحيى، عضو مجلس النواب، موافقته على مقترح القانون المقدم من قبل النائب هشام وآلي، بشأن إلغاء الصناديق الخاصة وتحويل أموالها إلى الموازنة العامة للدولة، مشيرًا إلى أنها بمثابة الدجاجة التى تبيض ذهبًا للوزراء والمسئولين بعيدًا عن أعين أجهزة الرقابة. وأضاف يحيى، فى تصريحات ل"المصريون"، أن أعداد الصناديق الخاصة فى مصر تقدر بالمئات بعضها يتبع الوزارات والأخرى تتبع المجالس المحلية والهيئات فى المحافظات، ورغم كثرة الأموال الموجودة بها والتى تقدر بالمليارات لا تعود بالنفع على المواطن لكونها لا تندرج تحت الموازنة العامة للدولة ومن ثم توزع على موظفى هذه الهيئات فى صورة منح ومكافآت ورشاوى مقننة. دستوريون: الصناديق الخاصة تنقذ مصر من أزمتها الاقتصادية كشف خبراء قانونيون، عن مخالفة الصناديق الخاصة، للقوانين واللوائح التى نص عليها الدستور، والتى تلزم الدولة بإخضاع كل أموالها لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، مؤكدين فى الوقت نفسه، أن مقترح النائب هشام وآلي، المقدم للبرلمان، لإلغاء تلك الصناديق وضم أموالها للموازنة العامة للدولة سيساعد فى وقف إهدار المال العام وكشف الفساد المتوارى خلفها. وقال الدكتور محمد الذهبي، الفقيه الدستورى والقانوني، إنه لا يجود مادة فى الدساتير تحظر إشراف الدولة وأجهزتها الرقابية على الصناديق الخاصة، مؤكدًا أن الأمر فى هذه المسائل يخضع للوائح والقوانين المنظمة لكل وزارة وهيئة ولذا تعانى هذه الصناديق من الفساد. وأضاف الذهبي، فى تصريحات إلى "المصريون"، أن الصناديق الخاصة لها سند قانونى وتخضع للرقابة من أكثر من جهة كوزارة المالية والأجهزة الرقابية والجهاز المركزى للمحاسبات، مؤكدًا أن أموال هذه الصناديق عامة، وتخضع للحماية الجنائية التى يقرّها قانون العقوبات للأموال العامة، وبالتالى الاعتداء عليها بطريق الاختلاس أو بغيره من الجرائم يشكل اعتداءً على الأموال العامة، التى تعد هذه الصفة ظرفاً مشدداً للعقوبة قد تصل للسجن المشدد. وأشار، إلى أن مقترح أحد النواب بشأن إلغاء هذا القوانين له مميزات ومساوئ، لافتًا إلى أن أبرز هذه المميزات أنها توفر الطمأنينة لأعضائها إضافة إلى كونها تساهم فى الحفاظ على المستوى المعيشة للأفراد، أما مساوئها فتكمن فى إهدارها للمال العام وعدم الرقابة عليها من قبل أجهزة الدولة. وأكد نبيه الوحش، الفقيه القانوني، أن إلغاء الصناديق الخاصة مطلب عام تأخر كثيرًا وسيساعد الدولة على سد عجز الموازنة، مضيفًا أن المقترح المقدم من أحد النواب بشأن هذا الأمر يستحق الإشادة لكونها أشبه ب"مغارة على بابا". واستطرد: "على الدولة مصادرة أموال هذه الصناديق وسد عجز الموازنة وكشف الفساد المستشرى بها، ومعاقبة المتسترين عليها والمستفيدين منها فى التربح والإضرار بالمال العام". اقتصاديون: تساعد على إنعاش الاقتصاد وسد عجز الموازنة من جانبهم طالب خبراء الاقتصاد، بضم أموال "الصناديق الخاصة" للخزينة العامة للدولة، لسد عجز الموازنة والمساهمة فى الاقتصاد المتدهور الذى تعانى منه الدولة، مؤكدين ضرورة فرض رقابة على تلك الصناديق وكشف أوجه إنفاقها لعدم إهدار أموالها من قبل المسئولين عنها فى كافة الوزارات والقطاعات والمؤسسات الحكومية. وقال الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، إن ضم الصناديق الخاصة يساعد بشكل كبير على سد عجز الموازنة العامة، متمنيًا قيام مجلس النواب بالرقابة على تلك الصناديق. وأوضح النجار، فى تصريح خاص ل"المصريون"، أن ضم تلك الصناديق، والتى أصبحت مرتعًا للفساد، الذى ليس له أول ولا آخر، سيؤدى إلى إغلاق باب من أبواب الفساد المستشرى فى كافة ربوع الدولة". وعن عدم قيام الحكومة، بضم تلك الصناديق حتى الآن، قال النجار، إن هذا الأمر لا يشغل الحكومة، ولا تضعه على أولويات أجندتها، كما أنها لم تتحمس لهذا الأمر المهم، متسائلًا: "ما الذى يمنع الحكومة من ضم أموال تلك الصناديق فى الوقت التى تسعى فيه بكل الطرق للحصول على أموال المواطن الخاصة لسد العجز؟. وأضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، أن جميع الدول لديها ما يسمى بالموازنة العامة للدولة ولا يوجد ما يطلق عليها "الصناديق الخاصة"، وبالتالى لا مانع من إغلاقها. وفى السياق ذاته، قالت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن الصناديق الخاص بها ما يقرب من 40 مليار جنيه وفقًا لإحصائيات مختلفة، مضيفة أنه إذا تم ضمها للخزينة العامة للدولة والرقابة عليها ستساعد بشكل كبير فى سد عجز موازنة الدولة، علاوة على استخدام أموالها فى إنشاء مشروعات جديدة تخدم الشباب. وأوضحت الحماقى، فى تصريح ل"المصريون"، أن هناك مشكلة خاصة بتلك الصناديق، وهى أن غالبيتها تضع قواعد خاصة بها تنظم عملها، وهذا يؤدى لمساعدة بعض القائمين عليها للسرقة والتربح، والحصول على مكاسب خاصة لهم. وأضافت الحماقى: "يجب الأخذ فى الاعتبار، عند مناقشة ذلك الأمر مراعاة أن بعض هذه الصناديق، تقدم خدمات مهمة لبعض المواطنين، حتى لا يحدث تصادم واشتعال أزمة بين الدولة والمواطنين". على الجانب الآخر، قال الدكتور مختار الشريف أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، إن الحديث عن الصناديق الخاصة واستفادة الدولة منها، لا يجب أن يطرح للحديث، موضحا أن الدولة لا علاقة لها بتلك الصناديق، لأنها صناديق أنشأها أفراد فلا يحق للدولة ضم أموالها لخزينتها. وأضاف أستاذ الاقتصاد فى تصريح ل"المصريون"، أن غالبية المؤسسات والوزارات تنشئ صندوقًا خاصًا بها، يكون مهمته صرف بعض الأموال للأشخاص المشتركين به، وذلك أثناء وجود بعض المناسبات لديهم، متسائلاً: "ما دخل الدولة بهذا الأمر؟". أزهريون: إلغاء الصناديق الخاصة "أكل لأموال الناس بالباطل" بدورهم قال أزهريون، إن إلغاء الصناديق الخاصة داخل المؤسسات والجهات حكومية دون استشارة العاملين وبدون الرجوع للوائح والقوانين الخاصة بالعمل أمر غير جائز شرعًا كما عدوه من قبيل أكل أموال الناس بالباطل. وأرجعوا ذلك إلى حرمة التعدى على المال العام التى تعد أشد حرمة عند الله تعالى من الاعتداء على المال الخاص لما فيه من الإضرار بمصلحة العاملين سواء كانوا مسلمين أو غير ذلك اقتداءً بتعاليم الشريعة الإسلامية التى تقول "لا ضرر ولا ضرار". وقال الدكتور محمد عبد العاطي، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة الأزهر، إن إلغاء الصناديق الخاصة للمؤسسات والجهات الحكومية أو الخاصة والاستيلاء على أموالها بدون لائحة أو قانون ينظم ذلك ودون اتفاق العاملين بالمؤسسة لا يجوز شرعًا. وأضاف عبدالعاطى ل "المصريون"، أن "رب العمل أو المدير إذا رأى المصلحة تقتضى إلغاء هذا الصندوق بموافقة واستشارة العاملين، فإن ذلك أمر لا بأس به، إذ أن التصرف فيها لا بد وأن يخضع لرضا الجميع لأنها أموال عامة" وأشار إلى أن "إلغاء هذه الصناديق وفقًا لقانون أو لائحة متعارف عليها وبرضا جميع العاملين وعلمهم أمر لا بأس به من رب العمل إذا رأى المصلحة العليا تقتضى ذلك". وقال الدكتور عبدالحليم منصور، وكيل كلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف، إن "الاستيلاء على الأموال التابعة لصندوق داخل إحدى المؤسسات لابد وأن يتم باستشارة جميع العاملين"، مشيرًا إلى أنه "ليس حكرًا على أحد بعينه من الناس". وأضاف منصور ل "المصريون"، أن "أخذ هذه الأموال دون وجه حق أمر غير جائز شرعًا"، معتبرًا إياه "من قبيل أكل أموال الناس بالباطل". واستشهد بقوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا"، كما دلل على ذلك من السنة بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه".