رئيس اتحاد عمال مصر: سنسحب الثقة من الوزير.. رئيس اتحاد نقابات الدلتا: غياب التنظيمات النقابية.. عضو اللجنة التنسيقية للنقابات المستقلة: لا وجود لمسئول لعمل حوار بناء
عادت الإضرابات العمالية بقوة، في ظل تأخر صرف الرواتب والحوافز، بالتوازي مع الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار؛ حيث شهدت الأيام القليلة الماضية العديد من المظاهرات العمالية ولا سيما بعد فشل الحكومة في تحقيق القليل من مطالب العمال. محافظة الإسكندرية أعربت منظمات عمالية في محافظة الإسكندرية، عن غضبها من تعامل إدارة بعض الشركات في فصل العاملين دون وجه حق، إذ بلغ عدد المفصولين خلال الشهر الماضي 282 عاملاً من شركات مختلفة. وشهدت شركات بالإسكندرية حالات فصل جماعي، ما أدى لعودة الاحتجاجات مرة أخرى للشركات، إذ بدأ الفصل أواخر الشهر الماضي بإنهاء إدارة الشركة العربية السويسرية أسيك تعاقدات 72 عاملاً دون إبداء أسباب، كما قامت إدارة شركة أفريقيا للصوامع بالإسكندرية في 30 يوليو الماضي بتسريح 200 عامل بعد قرار غلق قسم الخدمات بالشركة تسهيلاً لفصلهم دون صرف مستحقاتهم المالية. كما فصلت إدارة شركة "إكسون موبيل" بالإسكندرية أمين صندوق اللجنة النقابية تليفونيًا في 27 يوليو الماضي ودون قرار رسمي مسبب، ثم انتهى مسلسل الفصل التعسفي في بداية الشهر؛ حيث فصلت إدارة شركة "سيراميكا كليوباترا" 9 من أعضاء اللجنة النقابية في 2 أغسطس ومنعتهم من دخول الشركة دون إبداء أسباب قانونية. محافظة أسيوط شهدت محافظة أسيوط إضراب أكثر من 200 شخص ما بين عمال نظافة ومشرفين وسائقين بحي غرب مدينة أسيوط، داخل الورشة بمقر الحي؛ للمطالبة بتثبيتهم، واحتجاجًا على تردي أوضاعهم الاقتصادية. وقال أحمد علي، أحد العاملين بحي غرب، إن جميع العاملين المؤقتين بحي غرب والبالغ عددهم 250 دخلوا في إضراب عن العمل، مضيفًا: «نعمل مؤقتين من مدد تتراوح بين 8: 12 عامًا، وتم التعاقد معنا منذ عامين لمدته 6 أشهر قابلين للتجديد، ونتقاضى أجورًا من 400: 500 جنيه، وحتى الآن لم يتم تثبيتنا، وهذه المرتبات لا تكفي شخصًا يعيش بمفرده، ونحن لدينا أسر تحتاج إلى مصروفات طعام وشراب وعلاج ومدارس». وأوضح أحد العاملين المضربين – فضل عدم ذكر اسمه: «نظمنا إضرابًا منذ شهر تقريبًا، وطالبنا المهندس ياسر الدسوقي، محافظ أسيوط، وقتها بفض الإضراب، وطلب منا مهلة شهر واحد لحل مشكلتنا، وانتهت المهلة دون تغيير»، مضيفا: «نتعرض لتهديدات بتسليم أسمائنا لقطاع الأمن الوطني في حالة الاستمرار في الإضراب». العاشر من رمضان أقيمت العديد من التظاهرات العمالية، حيث استمر إضراب عمال بيراميدز عن العمل، والذي بدأ منذ الأربعاء الماضي، احتجاجًا على فصل اثنين من زملائهم بتهمة التحريض على الإضراب، رافضين التهديدات الأمنية للعمال المضربين التي تمثلت في تهديد عقيد شرطة للعمال المضربين حيث هددهم قائلاً: "أنا ممكن أجيب تشكيل يلمكوا في 5 دقايق"، ما آثار غضب العمال، وأكدوا أنهم مستعدون للموت بشركتهم قائلين: "إحنا على جثثنا نفض الإضراب ونسيب حقنا". وأكد المضربون استمرار إضرابهم رغم إصرار إدارة الشركة على عدم التفاوض معهم بل وتحريرها لمحاضر ضد 13 عاملاً تتهمهم فيها بالتخريب والبلطجة لدفعهم لفض الإضراب. وأكد العمال في مذكرة تقدموا بها للإدارة، مطالبهم ببدل الوجبة 300 جنيه بدلًا من 150، وأن يكون بدل الوردية الأولى 10 جنيهات، وبدل الوردية الثانية 15 جنيهًا، وبدل الوردية الثالثة 20 جنيهًا. وأضافوا أن مطالبهم تشمل كذلك إعادة الحافز الإنتاجي الشهري، واحتساب الإضافي بدون عرض على مدير عام المصنع في حالة موافقة مدير القسم، وإضافة الإضافي والبدلات، وهي بدل الوجبة وبدل الورادي، على المرتب الشهري، فضلًا عن تعديل المرتبات بزيادة 200 جنيه غلاء معيشة، وتعديل شريحة التأمين الاجتماعي بحد أدنى 600 جنيه، وإعادة النظر في الأرباح السنوية الماضية 2015 بحد أدنى 1600 جنيه. وطالب العمال بإنشاء مكتب للتحقيقات في أمور العمال بالنسبة للجزاءات والفصل التعسفي بدون وجه حق، وقبول الإجازات السنوية للعمال حتى نهاية الشهر، وأخيرًا تأمين شامل على العمال ضد مخاطر الخامات. وكانت مدينة العاشر من رمضان الصناعية شهدت خلال الشهر الحالي إضرابات لعمال السيراميك في أوميجا وفارسينا والأمراء وبيراميدز، للمطالبة بصرف مستحقات مالية متأخرة من أرباح وبدلات، والمطالبة بتحسين أوضاع إجراءات السلامة والصحة المهنية، حيث يعانون من إصابات دائمة ومتكررة، بسبب فقدان الحماية الحقيقية للعمال. الشرقية وفي إضراب عمال "سرميكا مصر" بمحافظة الشرقية والذين قرر العشرات منهم منذ يومين تنفيذ إضراب عن الطعام؛ نتيجة ارتفاع كلفة المعيشة وتدني مستوى الرواتب. ويؤكد أحد هؤلاء العمال مطالبهم تتمثل في "صرف أرباحهم السنوية وبدل المخاطر وتوفير أدوات الصحة والسلامة المهنية واحتساب قيمة الساعات الإضافية على الراتب الشامل وخصم قيمة الجزاءات من الراتب الأساسي". وقرر عمال "سيراميكا مصر" الإضراب عن العمل منذ أربعة عشر يومًا للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة والخاصة بالأعمال الإضافية التي يؤدونها وأيام العطلات الرسمية التي يعملون فيها وإجازة السبعة أيام الخاصة بالصناعات الثقيلة التي تشمل "السيراميك"، فضلاً عن حقهم في الأرباح السنوية وصرف بدل المخاطر. قال سعد شعبان، رئيس اتحاد عمال مصر الديمقراطي، إن وزير القوى العاملة، محمد سعفان، لا يتحرك لحل الإضرابات العمالية المتزايدة، مضيفًا أن اتحاده يستعد لتنظيم حملة لسحب الثقة من الوزير. وأوضح شعبان "أن الوزير أساء تمثيل العمال، في المحافل الدولية خاصة منظمة العمل الدولية بعد الشكاوى المتعددة التي تلقتها المنظمة من النقابات المستقلة المتعلقة بالانتهاكات التي يتعرضون لها. وأكد أن الوزير لم يجر أي حوار مجتمعي حول قانون التنظيمات النقابية الذي أقر بوصوله للبرلمان ويرفض تمامًا الإفصاح عن النسخة النهائية للقانون، ما سبب إرباكًا في مواقف النقابات المستقلة من القانون. وأشار إلى أن معدلات الاحتجاجات العمالية في عهد الوزير الحالي أكبر من سابقيه، موضحًا أن الوزير ليس لديه رؤية لحل مشاكل مجتمع العمل. وقال إن الوزارة تحولت في عهد الوزير الحالي إلى ما يشبه الثكنة العسكرية؛ حيث يمنع الأمن دخول العمال وممثلي النقابات، على عكس ما كان يحدث في عهد الوزراء السابقين. وبحسب رئيس اتحاد عمال مصر الديمقراطي، فإن حملة سحب الثقة من الوزير الحالي ستكون من خلال استمارات موقعة من العمال على غرار الحملة التي نظموها إبان عهد الوزيرة السابقة ناهد العشري تحت شعار كارت أحمر. وأرجع الاحتجاجات العمالية الآخذة في التصاعد إلى الأزمة الاقتصادية التي جعلت الدولة تستجيب لتهديدات رجال الأعمال المتمثلة في إغلاق مصانعهم على حساب العمال. فيما يرجع طلال شكر عضو اللجنة التنسيقية للنقابات المستقلة تصاعد الإضرابات خلال شهري يوليو وأغسطس الجاري إلى تعنت أصحاب العمل في هذا التوقيت بشكل دوري. وأضاف شكر: "العمال يلجأون للإضراب لأنهم لا يجدون من يقيم معهم حوارًا بناءً، خاصة في غياب دور وزارة القوى العاملة المنوط بها السعي لتقريب وجهات النظر بين العمال وأصحاب الأعمال وتشجيع الطرفين للتعاون فيما بينهما لحل نزاعات العمل. ويتفق معه القيادي العمالي صلاح الأنصاري الذي يقول إن هذا التوقيت مرتبط دائمًا بصرف الأرباح السنوية، ورجال الأعمال يرفضون التفاوض على حقوق العمال لأنهم لا يعرفون سوى ثقافة لي الذراع بالتالي يلجأ العمال للإضراب. وفي سياق متصل، يرى محمد سالم، رئيس اتحاد نقابات الدلتا، أن العمال هم الطرف الأضعف الذي لا يجد مَن يحمي أبسط حقوقه، مشيرًا إلى أن الحكومة تسترضي رجال الأعمال على حساب العمال. ويوضح سالم أن غياب التنظيمات النقابية التي تدافع عن العمال الرسمية والمستقلة التي تعاني من التعسف ضدها من جانب التنظيم الحكومي ووزارة القوى العاملة في عهد الوزير الحالي، هذا المشهد فرض على العمال ضرورة تصاعد الإضرابات العمالية. في السياق ذاته، يرى الناشط اليساري، عضو حركة الاشتراكيين الثوريين المصرية، هشام فؤاد أن إضرابات العمال خلال الشهر الجاري، تمكنت من تحقيق نتائج وإحراز مكتسبات لا سيما مع حرص العمال على ضمان عدم المساس بقيادات الاحتجاج من جانب الإدارة. وأضاف فؤاد "المهم اليوم في ظل موجة رفع الأسعار الحالية والمقبلة والتي تسحق الفقراء، هو النضال من أجل ربط الأجر بالأسعار، بزيادة سنوية تعادل نسبة التضخم، على أن تكون الزيادة على الأجر الأساسي وليس المتغير وتنظيم أنفسهم لكي يستطيعوا النضال من أجل الحصول على المزيد من المكاسب والتصدي للهجوم". وأشار إلى أن نضال العمال العفوي الهادف إلى تحقيق نتائج ملموسة سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي يحتاج لابتداع أشكال تنظيمية جديدة تستطيع الصمود في ظل مناخ الاستبداد الراهن، على حد قوله. ويضيف: "نحتاج أشكالاً تنظيمية تقود تحركات العمال الاقتصادية مثل الأجور والأرباح ومطالبهم السياسية بدءًا من تشريع قوانين جديدة للعمل ومناهضة الغلاء وحق التظاهر والإضراب، وصولاً إلى خلق مجتمع جديد". وتابع "أن تراكم الخبرات المستخلصة من الاعتصامات والإضرابات وتأسيس نقابات في وقت سابق، يعتبر الأساس الذي يمكن للعمال البناء عليه لخلق تنظيماتهم الجديدة المتحررة من مشاكل الماضي لمواجهة الإفقار والاستبداد"-بحسب قوله. وكانت الاحتجاجات العمالية قد تزايدت خلال شهري يوليو وأغسطس الجاري تحمل في معظمها مطالب متعلقة بالمستحقات المالية المتأخرة أو زيادة هذه المستحقات بشكل يتناسب مع الزيادة المستمرة للأسعار. وشهدت المحافظات 1117 احتجاجًا خلال عام 2015، بحسب الإحصاء الذي أعلنت عنه منظمة مؤشر الديمقراطية، في تقرير أشار أيضًا إلى أن العام الماضي شهد فصل أكثر من 1300 عامل، و15 ألف قضية عمالية في المحاكم، ومقتل 54 عاملاً بسبب الإصابات أثناء العمل.