التنسيقية تهنئ 5 من أعضائها بعد تجديد ثقة القيادة السياسية فيهم كنواب للمحافظين    بعد حلف اليمين.. بيان من وزيرة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي    طاقم حكام مباراة الأهلي والداخلية في الدوري المصري    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 برقم الجلوس عبر بوابة التعليم الفني    قصواء الخلالي: نثق فى الدكتور مدبولي ونتمنى أن يوفق في مساره ومصر يكون حالها أفضل    جيش الاحتلال: مقتل ضابط وإصابة 3 آخرين في حي الشجاعية بمدينة غزة    رغم الخوف من غدره.. 3 أسباب تجعلك تصادق برج العقرب    أدعية رأس السنة الهجرية.. يجعلها بداية الفرح ونهاية لكل همومك    شهيد العمل.. أسرة لاعب كمال الأجسام المتوفى أثناء هدم منزل بسوهاج تروي التفاصيل (فيديو)    الموساد يتلقى من الوسطاء رد حركة حماس على صفقة تبادل الأسرى    مشاهد مروعة من إعصار بيريل المدمر في الكاريبي (فيديو)    وزير العمل: سنرى في مصر تاكسي دون سائق وسوبر ماركت دون عمالة (فيديو)    «ألذ واحدة».. كيف علقت أسماء جلال على ظهورها في برنامج منى الشاذلي؟    تامر حسني: مستغرب البنات اللي عجبتهم أغنية «سي السيد» فجأة    في هذا الموعد.. أبطال فيلم "عصابة الماكس" ضيوف برنامج ON Set    تصل ل 1450 ريالًا.. أسعار تذاكر حفل كاظم الساهر في جدة    بيسكوف: أردوغان لا يمكن أن يصبح وسيطا في مفاوضات الأزمة الأوكرانية    أمين الفتوى: لا تبرروا كل ما يحدث لكم بشماعة السحر والحسد (فيديو)    إحالة طبيب وتمريض وحدتي رعاية أولية بشمال سيناء للتحقيق بسبب الغياب عن العمل    أهم تكليفات الرئيس لوزير الصحة خالد عبد الغفار.. الاستثمار في بناء الإنسان المصري    شاهد شاطى المساعيد غرب العريش الواجهة الأجمل للمصطافين.. لايف    أستاذ حديث: إفشاء أسرار البيوت على الانترنت جريمة أخلاقية    بنى سويف: استكمال مشروعات حياة كريمة    لافروف: مفاوضات بوتين مع شي جين بينغ كانت جيدة    تهدف لتحقيق النمو الاقتصادى.. معلومات عن مبادرة " ابدأ " الوطنية (إنفوجراف)    تعيين عبلة الألفي نائبة لوزير الصحة والسكان    احذر من النوم بالقرب عن تليفونك .. مخاطر صحية للنوم بالقرب من الهواتف المحمولة    منتخب إنجلترا بالقوة الضاربة قبل مواجهة سويسرا    أبو الغيط يبحث مع الدبيبة التطورات على الساحة الليبية    "سي إن بي سي": نزوح جديد في خان يونس نتيجة رد إسرائيل على صواريخ حماس    مهام كبيرة على عاتق وزير الخارجية الجديد.. اختيار بدر عبد العاطى يعكس تعاطى الدولة مع المستجدات العالمية.. إدارته للعلاقات مع أوروبا تؤهله لقيادة الحقيبة الدبلوماسية.. ويمثل وجها للتعددية فى الجمهورية الجديدة    تونس.. فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة خلال يوليو الجاري    منتخب مصر فى التصنيف الأول قبل سحب قرعة تصفيات أمم أفريقيا 2025 غدا    هيئة الدواء توافق على زيادة سعر 3 أدوية (تفاصيل)    21 توصية للمؤتمر الثالث لعلوم البساتين.. أبرزها زراعة نبات الجوجوبا    بيان الإنقاذ وخطاب التكليف !    مجلس الوزراء يحسم موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2024.. الأحد أم الإثنين؟    وزير العمل: العمال في أعيننا.. وسنعمل على تدريبهم وتثقيفهم    يامال: أتمنى انتقال نيكو ويليامز إلى برشلونة    أشرف صبحي: مستمرون في تحقيق رؤية مصر 2030    وزير الأوقاف: سنعمل على تقديم خطاب ديني رشيد    ارتياح فى وزارة التموين بعد تولى شريف فاروق حقيبة الوزارة    لويس دياز يحذر من الاسترخاء أمام بنما    إفيه يكتبه روبير الفارس.. شر السؤال    ضبط 44 جروبًا على "واتس آب وتليجرام" لتسريب الامتحانات    المؤبد و10 سنوات لصاحب معرض السيارات وصديقه تاجري المخدرات بالشرقية    للتدريب على استلهام ثقافة المكان في الفن.. قصور الثقافة تطلق ورش "مصر جميلة" للموهوبين بدمياط    السيرة الذاتية للدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة    تعرف على أسباب بقاء وزير التعليم العالي في منصبه    النائب إيهاب وهبة يطالب الحكومة بالتوسع في إنشاء صناديق الاستثمار العقاري    "رموا عليهم زجاجة بنزين مشتعلة".. كواليس إصابة 5 بائعين بحروق في الشرابية    حملات يومية بالوادي الجديد لضمان التزام أصحاب المحلات بمواعيد الغلق    أمين الفتوى: ثواب جميع الأعمال الصالحة يصل إلى المُتوفى إلا هذا العمل (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 3-7-2024    نيابة ثان أسيوط تستعجل تقرير الإدارة الهندسية لملابسات انهيار منزل حي شرق    ليس زيزو.. الزمالك يحسم ملف تجديد عقد نجم الفريق    تعرف على القسم الذي تؤديه الحكومة أمام الرئيس السيسي اليوم    يورو 2024.. مواجهات ربع النهائي ومواعيد المباريات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع المصالح يهدد التقارب التركي الروسي
"فورين أفيرز":
نشر في المصريون يوم 17 - 08 - 2016

نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية رؤى المراقبون السياسيين بشأن التقارب فى العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وروسيا حيث يتوقعونه بأن التقارب مازال مهددا في ظل وجود صراع على مصالح البلدين بما يشكل عدد من الدوافع الإستراتيجية لكل منه على حده.
ونقلت المجلة الأمريكية عن المراقبين بأنهم لا يظنون أن هناك تغييرًا جذريًا سيحدث في السياسة الخارجية التركية مشيرين إلى إن روسيا هي أكبر الفائزين من محاولة الانقلاب الفاشلة، فالرئيس التركى رجب طيب أردوغان يسيطر على السلطة أكثر من أي وقت آخر، وهو حانق الآن على الولايات المتحدة والغرب.
ويرى الذين يعتقدون في ضلوع الولايات المتحدة في محاولة الإطاحة ب«أردوغان»، في الدعم الروسي قيمة كبيرة من منظور البقاء السياسي.
في الوقت الذي تعاني فيه العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا من أسوأ حالاتها منذ عقود، طار الرئيس التركي الثلاثاء الماضي إلى سان بطرسبرغ ليقابل نظيره الروسي.
كما أعلن الرجلان أن هذه المقابلة ستساعد بالتأكيد في مرحلة جديدة من التقارب الروسي التركي.
وكان الإعلام التركي قد ركز الضوء على الدعم الروسي لحكومة تركيا المنتخبة بعد محاولة الانقلاب الفاشل في منتصف يوليو الماضي، في الوقت الذي تقاعست فيه حكومات وإعلام الغرب عن المساندة.
اتصل الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» بالرئيس التركي بعد ثاني أيام محاولة الانقلاب، بينما روجت الصحف الروسية خبرًا ملفقًا بأن المخابرات الروسية قد أنقذت «أردوغان» بتحذيره من محاولة الانقلاب.
بينما لم يتصل الرئيس الأمريكي «أوباما» إلا في يوم 19 يوليو بعدما كانت الصحافة التركية قد روجت لأخبار تتهم تركيا بالوقوف خلف المؤامرة.
ويظل الجيش عاملًا معقدًا في الموقف الاستراتيجي لتركيا في الوقت الذي تم فيه القبض على عدد كبير من جنرالاته وضباطه وأفراده على خلفية المحاولة الانقلابية.
وخلال أكثر من عام، كان الجيش التركي يواجه جبهات مختلفة، فبينما كان يقاتل المتمردين الأكراد، واجه الثوار الذين تدعمهم تركيا انتكاسات متلاحقة على أيدي «الدولة الإسلامية» والقوات الكردية السورية وقوات «الأسد».
كانت أنقرة بالفعل قد بدأت إصلاح علاقاتها الإقليمية قبل محاولة الانقلاب.
فقد سعت الحكومة التركية لكسر عزلتها السياسية المتزايدة بالتواصل مع روسيا و(إسرائيل) في الأشهر الأخيرة، حتى أنها قد أرسلت إشارات تصالحية لنظام «الأسد».
ففي تصريح لمسؤول بارز بحزب العدالة والتنمية قال: «الأسد في النهاية قاتل، لكنه لا يدعم الحكم الذاتي الكردي».
عندما اهتزت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة في أكثر من مناسبة أثناء الحرب الباردة، سعى قادة تركيا لتحسين العلاقات مع روسيا.
في أواخر الخمسينات، أظهر «عدنان مندريس»، الرجل الذي جلب تركيا إلى حلف الناتو، ورقة روسيا بوضوح، حين ظهر صراع المساعدات الاقتصادية الأمريكية.
وفي السبعينيات، سعى رئيس وزراء تركيا «بولنت أجاويد» إلى تقارب محدود مع الاتحاد السوفييتي بعد الصدام مع الولايات المتحدة بسبب قبرص وإنتاج الأفيون التركي، إلا أن الإتحاد السوفييتي ظل يمثل تهديدًا لأمن تركيا، ما جعل التقارب مع الروس مهددًا.
وحقيقةً، لم تستفد أنقرة من علاقتها المقربة بموسكو إلا في وقت أن كانت روسيا في أضعف حالاتها بعد الحرب العالمية الأولى حين استخدم أتاتورك سلاح البلاشفة في هزيمة القوى الاستعمارية الأوروبية وتحرير الأناضول.
ووجد «مصطفى أتاتورك» في الاتحاد السوفييتي حليفًا استراتيجيًا ضد قوى الاستعمار الغربي، واتخذ أفكاره منهجا في النظام الاقتصادي الذي تقوده الدولة.
لذا فإن ما يريح واشنطن والغرب، أنه كلما كانت روسيا أقوى وأكثر عدوانية، كلما قلت فرص الشراكة الحقيقية بينها وبين تركيا.
الخلاف حول سوريا
وما يجعل التقارب بينهما بعيدًا أيضًا، هو الصراع في سوريا، حيث يبدو أن روسيا ستشترط من أجل هذا التقارب أن تتخلى تركيا عن البلاد وأن تعترف بانتصار «الأسد».
وفي تصريح منفرد ل«بوتين» في المؤتمر الصحفي بعد لقائه بأردوغان في سؤال له عن سوريا قال: «لا يمكن جلب الديمقراطية إلى سوريا إلا بالوسائل الديمقراطية»، وهو انتقاد صريح لاستراتيجية تركيا في دعم المعارضة المسلحة تحت اسم الديمقراطية السورية. ويبدو أن الجميع ينتظر ما يحدث من تقدم للمعارضة السورية في حلب، وينتظر الكرملين ما سيحدث، فربما تكون هناك مقايضة بشأن حلب والأكراد السوريين.
وحتى الآن لا يبدو أن أيًا منهما سيتخلى عن جانبه، فموسكو لديها علاقات بالجماعات الكردية تعود لعقود، ولا يبدو أنها ستتخلى عنهم.
ولم يتغير تعامل روسيا مع دعم الولايات المتحدة للمليشيات الكردية ضد «تنظيم الدولة». وفي نفس الوقت فإن قوات المعارضة حول حلب والتي تدعمها تركيا تمثل التهديد الأكبر للنظام السوري المدعوم من روسيا، ومن المحتمل أن تخرج محادثات جنيف باتفاق ما بين المعارضة و«الأسد»، إلا أن لقاء سان بطرسبرغ يومئ لذلك بشكل مباشر.
المزيد من القضايا العالقة
ولكن حتى لو افترضنا توصل تركيا وروسيا إلى اتفاق بشأن سوريا، فإن هناك العديد من القضايا العالقة التي تفرق بينهما. وثلاثة من تلك القضايا، قبرص والقوقاز وشبه جزيرة القرم. تواجه تركيا ضغوطات داخلية لدعم أذربيجان والعمل على عدم احتكار روسيا لأنابيب النفط والغاز والتي تمر من أذربيجان عبر جوجيا وتنتهي في تركيا، وتواجه أيضًا ضغوطات محلية لدعم تتار القرم.
وفي هذه الصراعات الإقليمية الثلاثة، ازدادت سيطرة الجيش الروسي في السنوات الأخيرة. فروسيا تنشر حاليًا أنظمة دفاع جوي متقدمة في القرم وأرمينيا وفي قواعدها في سوريا شرق البحر المتوسط. روسيا في الحقيقة قد طوقت تركيا، من الشمال في القرم، والشرق في أرمينيا، والجنوب الغربي في سوريا. وتعد القدرات العسكرية الجديدة لروسيا مصدر قلق في تركيا، والتي لا ترحب بأي زيادة جديدة في القوة العسكرية لروسيا.
رغم ذلك، فقد وعد مسؤولون بوزارة الخارجية الروسية بتحسين العلاقات في التجارة والطاقة والزراعة والنقل. ولكن روسيا كانت بالفعل قد رفعت العقوبات على السياحة والزراعة والتي كانت قد وقعتها على تركيا في أواخر عام 2015، كما أن الكريملين ليس في وضع يسمح له بتمويل تركيا. وكان هناك وعد أيضًا بمد خطوط أنابيب الغاز الروسي عبر تركيا إلى أوروبا، لكن «أوميت يارديم»، السفير التركي في روسيا، صرح للإعلام مؤخرًا أن اتفاقًا بهذا الشأن لن يوقع قريبًا. ويتحدث الكريملين عن إشراك تركيا في مشروعه للتكامل الأوروآسيوي، لكن أوروبا تظل شريكًا تجاريًا أهم بكثير لتركيا من روسيا.
لكل أسبابه
الأكثر أهمية بالنسبة لكلا الزعيمين من أي تنازلات محددة، هو أن مجرد المساومة تعطي انطباعًا بتحسن العلاقات بين البلدين. فالحكومة التركية والعديد من الأتراك يشعرون بالغضب بشأن التعامل الغربي مع الانقلاب الأخير، بينما يقدرون رد الفعل السريع لروسيا في هذا الأمر برفضها للانقلاب ، بينما لم توجه روسيا لأردوغان أية انتقادات بشأن عملية التطهير التي تحدث في البلاد بخلاف أوروبا والولايات المتحدة. لذا فإن قيادة تركيا تعلم أنه كلما نجحت في إيصال رسالة بتقارب أكبر مع روسيا، كلما قلت انتقادات الغرب ل«أردوغان»، وعادت حكومات أوروبا عن نغمة الانتقادات إلى الحد الذي يكون مقبولًا في تركيا. فتركيا تعني الكثير لأوروبا والولايات المتحدة وخصوصًا في سوريا والناتو واتفاقية اللاجئين.
وإختتمت المجلة الأمريكية تقريرها إلى إن الرئيس الروسى أيضا له أسبابه لتحسين العلاقات مع تركيا فالكرملين غير سعيد بنوايا حلف شمال الأطلسي، الناتو، ببناء قوة في البحر الأسود، وهو سعيد لرؤية توتر داخل الناتو،كأداة سياسية وكورقة ضغط على القوى الغربية، يظل التقارب نافعًا لكلا الزعيمين، لكن إيجاد مصالح مشتركة شيء ضروري لديمومة العلاقات، وليس مجرد صداقة زائفة قائمة على هدف انتزاع تنازلات من الغرب.

ونقلت المجلة الأمريكية عن المراقبين بأنهم لا يظنون أن هناك تغييرًا جذريًا سيحدث في السياسة الخارجية التركية مشيرين إلى إن روسيا هي أكبر الفائزين من محاولة الانقلاب الفاشلة، فالرئيس التركى رجب طيب أردوغان يسيطر على السلطة أكثر من أي وقت آخر، وهو حانق الآن على الولايات المتحدة والغرب.
ويرى الذين يعتقدون في ضلوع الولايات المتحدة في محاولة الإطاحة ب«أردوغان»، في الدعم الروسي قيمة كبيرة من منظور البقاء السياسي.
في الوقت الذي تعاني فيه العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا من أسوأ حالاتها منذ عقود، طار الرئيس التركي الثلاثاء الماضي إلى سان بطرسبرغ ليقابل نظيره الروسي.
كما أعلن الرجلان أن هذه المقابلة ستساعد بالتأكيد في مرحلة جديدة من التقارب الروسي التركي.
وكان الإعلام التركي قد ركز الضوء على الدعم الروسي لحكومة تركيا المنتخبة بعد محاولة الانقلاب الفاشل في منتصف يوليو الماضي، في الوقت الذي تقاعست فيه حكومات وإعلام الغرب عن المساندة.
اتصل الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» بالرئيس التركي بعد ثاني أيام محاولة الانقلاب، بينما روجت الصحف الروسية خبرًا ملفقًا بأن المخابرات الروسية قد أنقذت «أردوغان» بتحذيره من محاولة الانقلاب.
بينما لم يتصل الرئيس الأمريكي «أوباما» إلا في يوم 19 يوليو بعدما كانت الصحافة التركية قد روجت لأخبار تتهم تركيا بالوقوف خلف المؤامرة.
ويظل الجيش عاملًا معقدًا في الموقف الاستراتيجي لتركيا في الوقت الذي تم فيه القبض على عدد كبير من جنرالاته وضباطه وأفراده على خلفية المحاولة الانقلابية.
وخلال أكثر من عام، كان الجيش التركي يواجه جبهات مختلفة، فبينما كان يقاتل المتمردين الأكراد، واجه الثوار الذين تدعمهم تركيا انتكاسات متلاحقة على أيدي «الدولة الإسلامية» والقوات الكردية السورية وقوات «الأسد».
كانت أنقرة بالفعل قد بدأت إصلاح علاقاتها الإقليمية قبل محاولة الانقلاب.
فقد سعت الحكومة التركية لكسر عزلتها السياسية المتزايدة بالتواصل مع روسيا و(إسرائيل) في الأشهر الأخيرة، حتى أنها قد أرسلت إشارات تصالحية لنظام «الأسد».
ففي تصريح لمسؤول بارز بحزب العدالة والتنمية قال: «الأسد في النهاية قاتل، لكنه لا يدعم الحكم الذاتي الكردي».
عندما اهتزت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة في أكثر من مناسبة أثناء الحرب الباردة، سعى قادة تركيا لتحسين العلاقات مع روسيا.
في أواخر الخمسينات، أظهر «عدنان مندريس»، الرجل الذي جلب تركيا إلى حلف الناتو، ورقة روسيا بوضوح، حين ظهر صراع المساعدات الاقتصادية الأمريكية.
وفي السبعينيات، سعى رئيس وزراء تركيا «بولنت أجاويد» إلى تقارب محدود مع الاتحاد السوفييتي بعد الصدام مع الولايات المتحدة بسبب قبرص وإنتاج الأفيون التركي، إلا أن الإتحاد السوفييتي ظل يمثل تهديدًا لأمن تركيا، ما جعل التقارب مع الروس مهددًا.
وحقيقةً، لم تستفد أنقرة من علاقتها المقربة بموسكو إلا في وقت أن كانت روسيا في أضعف حالاتها بعد الحرب العالمية الأولى حين استخدم أتاتورك سلاح البلاشفة في هزيمة القوى الاستعمارية الأوروبية وتحرير الأناضول.
ووجد «مصطفى أتاتورك» في الاتحاد السوفييتي حليفًا استراتيجيًا ضد قوى الاستعمار الغربي، واتخذ أفكاره منهجا في النظام الاقتصادي الذي تقوده الدولة.
لذا فإن ما يريح واشنطن والغرب، أنه كلما كانت روسيا أقوى وأكثر عدوانية، كلما قلت فرص الشراكة الحقيقية بينها وبين تركيا.
الخلاف حول سوريا
وما يجعل التقارب بينهما بعيدًا أيضًا، هو الصراع في سوريا، حيث يبدو أن روسيا ستشترط من أجل هذا التقارب أن تتخلى تركيا عن البلاد وأن تعترف بانتصار «الأسد».
وفي تصريح منفرد ل«بوتين» في المؤتمر الصحفي بعد لقائه بأردوغان في سؤال له عن سوريا قال: «لا يمكن جلب الديمقراطية إلى سوريا إلا بالوسائل الديمقراطية»، وهو انتقاد صريح لاستراتيجية تركيا في دعم المعارضة المسلحة تحت اسم الديمقراطية السورية. ويبدو أن الجميع ينتظر ما يحدث من تقدم للمعارضة السورية في حلب، وينتظر الكرملين ما سيحدث، فربما تكون هناك مقايضة بشأن حلب والأكراد السوريين.
وحتى الآن لا يبدو أن أيًا منهما سيتخلى عن جانبه، فموسكو لديها علاقات بالجماعات الكردية تعود لعقود، ولا يبدو أنها ستتخلى عنهم.
ولم يتغير تعامل روسيا مع دعم الولايات المتحدة للمليشيات الكردية ضد «تنظيم الدولة». وفي نفس الوقت فإن قوات المعارضة حول حلب والتي تدعمها تركيا تمثل التهديد الأكبر للنظام السوري المدعوم من روسيا، ومن المحتمل أن تخرج محادثات جنيف باتفاق ما بين المعارضة و«الأسد»، إلا أن لقاء سان بطرسبرغ يومئ لذلك بشكل مباشر.
المزيد من القضايا العالقة
ولكن حتى لو افترضنا توصل تركيا وروسيا إلى اتفاق بشأن سوريا، فإن هناك العديد من القضايا العالقة التي تفرق بينهما. وثلاثة من تلك القضايا، قبرص والقوقاز وشبه جزيرة القرم. تواجه تركيا ضغوطات داخلية لدعم أذربيجان والعمل على عدم احتكار روسيا لأنابيب النفط والغاز والتي تمر من أذربيجان عبر جوجيا وتنتهي في تركيا، وتواجه أيضًا ضغوطات محلية لدعم تتار القرم.
وفي هذه الصراعات الإقليمية الثلاثة، ازدادت سيطرة الجيش الروسي في السنوات الأخيرة. فروسيا تنشر حاليًا أنظمة دفاع جوي متقدمة في القرم وأرمينيا وفي قواعدها في سوريا شرق البحر المتوسط. روسيا في الحقيقة قد طوقت تركيا، من الشمال في القرم، والشرق في أرمينيا، والجنوب الغربي في سوريا. وتعد القدرات العسكرية الجديدة لروسيا مصدر قلق في تركيا، والتي لا ترحب بأي زيادة جديدة في القوة العسكرية لروسيا.
رغم ذلك، فقد وعد مسؤولون بوزارة الخارجية الروسية بتحسين العلاقات في التجارة والطاقة والزراعة والنقل. ولكن روسيا كانت بالفعل قد رفعت العقوبات على السياحة والزراعة والتي كانت قد وقعتها على تركيا في أواخر عام 2015، كما أن الكريملين ليس في وضع يسمح له بتمويل تركيا. وكان هناك وعد أيضًا بمد خطوط أنابيب الغاز الروسي عبر تركيا إلى أوروبا، لكن «أوميت يارديم»، السفير التركي في روسيا، صرح للإعلام مؤخرًا أن اتفاقًا بهذا الشأن لن يوقع قريبًا. ويتحدث الكريملين عن إشراك تركيا في مشروعه للتكامل الأوروآسيوي، لكن أوروبا تظل شريكًا تجاريًا أهم بكثير لتركيا من روسيا.
لكل أسبابه
الأكثر أهمية بالنسبة لكلا الزعيمين من أي تنازلات محددة، هو أن مجرد المساومة تعطي انطباعًا بتحسن العلاقات بين البلدين. فالحكومة التركية والعديد من الأتراك يشعرون بالغضب بشأن التعامل الغربي مع الانقلاب الأخير، بينما يقدرون رد الفعل السريع لروسيا في هذا الأمر برفضها للانقلاب ، بينما لم توجه روسيا لأردوغان أية انتقادات بشأن عملية التطهير التي تحدث في البلاد بخلاف أوروبا والولايات المتحدة. لذا فإن قيادة تركيا تعلم أنه كلما نجحت في إيصال رسالة بتقارب أكبر مع روسيا، كلما قلت انتقادات الغرب ل«أردوغان»، وعادت حكومات أوروبا عن نغمة الانتقادات إلى الحد الذي يكون مقبولًا في تركيا. فتركيا تعني الكثير لأوروبا والولايات المتحدة وخصوصًا في سوريا والناتو واتفاقية اللاجئين.
وإختتمت المجلة الأمريكية تقريرها إلى إن الرئيس الروسى أيضا له أسبابه لتحسين العلاقات مع تركيا فالكرملين غير سعيد بنوايا حلف شمال الأطلسي، الناتو، ببناء قوة في البحر الأسود، وهو سعيد لرؤية توتر داخل الناتو،كأداة سياسية وكورقة ضغط على القوى الغربية، يظل التقارب نافعًا لكلا الزعيمين، لكن إيجاد مصالح مشتركة شيء ضروري لديمومة العلاقات، وليس مجرد صداقة زائفة قائمة على هدف انتزاع تنازلات من الغرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.