مصطفى كامل.. أنشأ جامعة فؤاد الأول.. أسقط اللورد كرومر.. أسس جريدة اللواء.. وفضح الاحتلال البريطانى الباشا "مصطفى كامل"، زعيم سياسي مصري، ناهض الاستعمار البريطاني على مصر وكان له دور كبير في النهضة المصرية بمجالات نشر التعليم وإنشاء الجامعة الإسلامية، وتأسيس الحزب الوطني وجريدة اللواء، فضح جرائم الاحتلال البريطاني وخاصةً مذبحة دنشواي وأدت تحركاته الصحفية والسياسية إلى سقوط اللورد "كرومر" المندوب السامي البريطاني في مصر. وتحل اليوم ذكرى ميلاده في ال 14 من أغسطس عام1874م، في قرية كتامة التابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية وكان أبوه "علي محمد" من ضباط الجيش المصري، ورُزِقَ بابنه مصطفى وهو في الستين من عمره، وعُرِف عن الابن النابه حبُّه للنضال والحرية منذ صغره، وهو الأمر الذي كان مفتاح شخصيته وصاحبه على مدى 34 عامًا، هي عمره القصير.
وتلقى "كامل"، تعليمه الابتدائي في ثلاث مدارس، وفي التعليم الثانوي التحق بالمدرسة الخديوية، أفضل مدارس مصر آنذاك، والوحيدة أيضًا، وأسس جماعة أدبية وطنية كان يخطب من خلالها في زملائه، وحصل على الثانوية وهو في السادسة عشرة من عمره، ثم التحق بمدرسة الحقوق عام 1891م، التي كانت تعد مدرسة الكتابة والخطابة في عصره، فأتقن اللغة الفرنسية، والتحق بجمعيتين وطنيتين، وأصبح يتنقل بين عدد من الجمعيات؛ وهو ما أدى إلى صقل وطنيته وقدراته الخطابية. واستطاع الزعيم الشعبي، أن يتعرف على عدد من الشخصيات الوطنية والأدبية، منهم " إسماعيل صبري الشاعر الكبير ووكيل وزارة العدل، والشاعر الكبير خليل مطران، وفي عام1893م" ترك مصطفى كامل مصر ليلتحق بمدرسة الحقوق الفرنسية، ليكمل بقية سنوات دراسته، ثم التحق بعد عام بكلية حقوق "تولوز"، واستطاع أن يحصل منها على شهادة الحقوق، وألف في تلك الفترة مسرحية "فتح الأندلس" التي تعتبر أول مسرحية مصرية، وبعد عودته إلى مصر سطع نجمه في سماء الصحافة، واستطاع أن يتعرف على بعض رجال وسيدات الثقافة والفكر في فرنسا، ومن أبرزهم جولييت آدم، وازدادت شهرته مع هجوم الصحافة البريطانية عليه.
وأرسل مصطفى كامل، إلى الشيخ علي يوسف صاحب جريدة "المؤيد" رسالة دعاه فيها إلى فتح باب التبرع لمشروع الجامعة المصرية، وأعلن مبادرته إلى الاكتتاب بخمسمائة جنيه لمشروع إنشاء هذه الجامعة، وكان هذا المبلغ كبيرًا في تلك الأيام، فنشرت الجريدة رسالة الزعيم الكبير في عددها الصادر بتاريخ 30 سبتمبر 1906م فلم تكد تنفد الجريدة من الأسواق حتى توالت خطابات التأييد للمشروع من جانب أعيان الدولة، وسارع بعض الكبراء وأهل الرأي بالاكتتاب والتبرع، ونشرت الجريدة قائمة بأسماء المتبرعين، وكان في مقدمتهم حسن بك جمجوم الذي تبرع بألف جنيه، وسعد زغلول وقاسم أمين المستشاران بمحكمة الاستئناف الأهلية، وتبرع كل منهما بمائة جنيه، وتم إنشاء الجامعة المصرية يرئسها الملك فؤاد الأول آنذاك. وفي عام 1898م ظهر أول كتاب سياسي لمصطفى كامل بعنوان "كتاب المسألة الشرقية"، وهو من الكتب المهمة في تاريخ السياسة المصرية، وفي عام 1900م أصدر جريدة اللواء اليومية، واهتم بالتعليم، وجعله مقرونًا بالتربية، ومن أقواله المأثورة،" لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً، وأحراراً في أوطاننا، كرماءً مع ضيوفنا، الأمل هو دليل الحياة والطريق إلى الحرية، ولا يأس مع الحياة ولا معنى للحياة مع اليأس، وإني أعتقد أن التعليم بلا تربية عديم الفائدة".
ومن كلماته المأثورة أيضًا،:" إن الأمة التي لا تأكل مما تزرع وتلبس مما لا تصنع أمة محكوم عليها بالتبعية والفناء وإن من يتهاون في حق من حقوق دينه وأمته ولو مرة واحدة يعش أبد الدهر مزعزع العقيدة سقيم الوجدان، وإن مصر للمصريين أجمع وعلى حامل اللواء أن يجدّ ويجتهد حتى ينصهر داخل العمل الوطني فلا تستطيع أن تقول إلا أنه جزء من الشعلة". وكان كامل، يفضل وجود الدولة العثمانية عن الوجود البريطاني بشكل عام بالبلاد العربية، حيث إن الدولة العثمانية كانت تمثل الخلافة الإسلامية وهي التي كان يرى وجوب الخضوع لها، وتوفي عن عمر يناهز 34 عامًا رغم أنه عاش ثمانى سنوات فقط في القرن العشرين فإن بصماته امتدت حتى منتصف القرن, وصعدت روحه للسماء في اليوم ال 10 من فبراير عام 1908م.