الحكومة تتجه لتطبيق حزمة من الإجراءات القاسية تمهيدًا لرفع الدعم عن المواطن تقليل عدد العاملين بالدولة.. زيادة الضرائب.. زيادة أسعار الكهرباء والمياه.. ورفع الدعم عن الطاقة والسلع الأساسية
تسير الحكومة المصرية فى الوقت الحالى فى إجراءات تطبيق شروط صندوق النقد الدولى، والتى تسمى بإصلاحات اقتصادية، والتي بموجبها وافق مبدئيًا على منحها قرضًا بقيمة12مليار دولار على مدار 3سنوات. وتتضمن هذه الشروط تطبيق قانون الخدمة المدنية، لتقليل عدد العاملين فى الجهاز الإدارى، وزيادة الضرائب كما هو الحال فى قانون ضريبة القيمة المضافة، بجانب زيادة تكلفة الخدمات الحكومية، وهو ما تم بعد زيادة أسعار الكهرباء والمياه، ووضع دمغات متنوعة، وزيادة تعريفة العديد من وسائل النقل، ورفع الدعم عن الطاقة والسلع الأساسية بشكل تدريجى، مع ثبات الدخل وتقليص الزيادات السنوية. كل هذه الإجراءات من شأنها أن رفعت تكلفة المعيشة على المواطنين، إذ إنه ووفق تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة للإحصاء, فإن 27.8% من السكان فى مصر فقراء ولا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، و57% من سكان ريف الوجه القبلى فقراء، مقابل 19.7% من ريف الوجه البحرى، وتتوزع نسبة الفقر على نحو 27.4% فى حضر الوجه القبلى، وتقل النسبة إلى 9.7% فى حضر الوجه البحرى. أكد خبراء اقتصاديون، أن معدلات الفقر فى مصر فى تزايد مستمر فى غفلة من الحكومة التي تشرع فى إقرار إجراءات تراها من وجهة نظرها إصلاحية إلا أن ضعف الرؤية المستقبلية لما بعد تطبيق هذه الإجراءات والحصول على قرض صندوق النقد الدولى يجعل تسهم فى زيادة معدلات الفقر لتتجاوز ال35% خلال أشهر، ومن ثم تصل لنحو 50% من سكان مصر. وقال مدحت نافع الخبير الاقتصادى، إن هناك تفاوتًا كبيرًا فى توزيع الدخول والثروات والتى يكشف عنها مستوى الإنفاق بين الشرائح المختلفة، بل وداخل الشريحة أو الفئة الواحدة، فقد بلغ متوسط إنفاق الأسرة المصرية 36,7 ألف جنيه مصرى فى السنة، بينما لا يقل الإنفاق السنوى للأسرة فى أغنى فئة إنفاقية (تمثّل 14,7% من السكان) عن 12 ألفًا سنويًا ولا يزيد الإنفاق السنوى للأسرة فى أدنى فئة إنفاقية (تمثّل 10,8% من السكان) عن 4آلاف سنويًا. وأضاف ل"المصريون"،أن "الفقراء الذين لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغيرها، يمثلون نحو 27.8% من السكان وفقًا لنتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2015 مقارنة بنحو 26.3% من السكان فى العام السابق". وأوضح أن البحث الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، اعتمد فى تقديره لخط الفقر على مفهوم خط الفقر الأدنى الذى بلغ عنده نصيب الفرد من الدخل السنوى فى العام الماضى 3920 جنيها ما يعادل 1,22 دولار بسعر الصرف الرسمى الحالى البالغ 8,88 جنيه/دولار، بينما خط الفقر الأعلى يبلغ عنده إجمالى دخل الفرد سنويا 5066 جنيها ما يعادل 1,58 دولار فى اليوم بسعر الصرف الرسمى الحالي،مشيرًا إلى أن الحد الأعلى تحرّك هذا العام ليبلغ 5784 جنيهاً سنوياً وفقاً لتصريحات مستشارة رئيس الجهاز ،أى ما يعادل تقريباً 1,80 دولار فى اليوم". وتابع نافع: "التقدير الرسمى المتفائل لخط الفقر الأعلى ربما يعكس بدرجة أكبر نسبة الفقراء المعدمين الواقعين تحت خط الفقر، أما نسبة 10,8% الواردة بالتقرير والتى تنفق أقل من 4 آلاف جنيه سنويًا فهؤلاء يعيشون فى ظروف أصعب كثيرًا من التقديرات العالمية للفقر المدقع، ومن ثم فالقرارات الحكومية الأخيرة سوف تمثّل مزيدًا من الضغط على مستويات المعيشة وسيدفع فاتورتها أبناء الطبقة المتوسطة أولاً ثم يمررونها بسرعة إلى الطبقات الأدنى لأن تلك الطبقة موصّل جيد للأعباء". وقال عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادى والمصرفي, إن "المسئولين فى مصر يعانون من فقر في الأفكار تسبب فى إفقار المصريين، فنسبة الفقر تتزايد سنويًا بسبب ارتفاع الأسعار بنسبة تقدر بأضعاف نسبة الزيادة فى المرتبات المعاشات، والسبب فى ذلك غياب عدالة توزيع الدخل العام للدولة على المواطنين، فوفقًا لإحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الحديثة فنسبه الفقر وصلت رسميا إلى 27.8٪ ، إلا أن النسبة المنطقية تتعدى ذلك وتصل إلى 45٪ فى المتوسط ، وهناك محافظات تتجاوز نسبه الفقر فيها 75٪ مثل بعض محافظات الصعيد فى أسيوط وسوهاج على سبيل المثال". وأضاف ل"المصريون" أن نسبه الفقر ستزداد قبل نهاية هذا العام لتصل إلى 35٪ رسميًا، بسبب سقوط العديد من أصحاب الدخول المتوسطة إلى شريحة الفقراء نتيجة لارتفاع الأسعار الجنونى دون رابط ولا ضبط من الحكومة، وزيادة أسعار الرسوم والخدمات الحكومية من المياه والغاز والكهرباء والبنزين والسولار، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة وقانون الخدمة المدنية ،الأمر الذى سيمثل ضربات موجعة لجيوب و مرتبات المصريين ويساهم فى زيادة الفجوة بين الفقراء والأغنياء". وتابع: "فالأسعار متوقع زيادتها مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة بخلاف تذبذب أسعار الدولار والقيود على الاستيراد للعديد من السلع، وستعيش مصر خلال الفترة المقبلة تتنقل بين الأسواق السوداء فى عدد من السلع التى سيشح وجودها، فشبح الدولار يطارد المصريين فى مضاجعهم يوميا خشيه ارتفاعات جديدة للأسعار فى اليوم التالى، وشبح الحكومة وإجراءاتها تطاردهم أيضًا بسبب عدم التيقن من أين ستأتى الضربة القادمة والتى ستتسبب ارتفاعات فى الأسعار". وطالب حسانين، الحكومة بالتريث فى تطبيق شرائح الكهرباء الجديدة وتأجيلها لمنتصف العام القادم يوليو 2017، وعلى أن يكون رفع دعم الكهرباء على عشر سنوات بدلا من خمس سنوات. فالمواطن سيكتوى بهذه الإجراءات يوميًا. فى نفس السياق، قال محمد الدشناوى خبير أسواق المال، إن "ارتفاع نسبة الفقر وتخطيها لربع عدد المصريين طبقًا للإحصائيات الرسمية والمعايير المصرية لخطة الفقر بالإضافة إلى تشوه الخريطة السكانية وسوء توزيع الفقر فى محافظات الصعيد، وبخاصة ريف الصعيد الذى تجاوز ثلثى السكان يعد مأساة وفاجعة كبرى تهدد بأزمات اقتصادية واجتماعية طاحنة خلال الفترة المقبلة". وأضاف ل"المصريون"، أن "المؤشرات الرسمية تدل على سوء العدالة الاجتماعية خاصة وإن اقل نسب فى تغطية البطاقات التموينية في محافظاتقنا وسوهاج وأسيوط, مع زيادة نسبة التضخم لمستويات تاريخية وزيادة الأعباء المعيشية بسبب عدم وجود اتجاه حكومى قوى لزيادة الإنتاج وتنويع الاستثمارات والحد من الواردات". وأوضح أن "الإجراءات الأخيرة المتعلقة بشروط صندوق النقد الدولى، والتى تتضمن تطبيق قانون ضريبة قيمة مضافة وزيادة أسعار الكهرباء والمياه مع رفع تكلفة الخدمات الحكومية، سوف يوثر بصورة كبير فى رفع الأسعار مرة أخرى بجانب تأثرها بنقص الدولار الذى يستخدم فى استيراد احتياجات المصريين من الخارج بنحو 70% مما يزيد من نسب الفقر بصورة كبيرة رغم مرعاة البعد الاجتماعى"، متوقعًا أن تقترب نسب الفقر من ثلث السكان خلال الفترة المقبلة.