لم تكد أزمة "الخطبة المكتوبة" تنتهي، حتى جددت "صكوك الأضحية" الصراع مرة أخرى بين الأزهر والأوقاف، فما أن أعلن الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف اليوم، البدء في تنفيذ صك الأضحية بقيمة 1200جنيه للصك، بالتعاون بين الوزارتين لتعظيم قيم التكافل والعمل التطوعي في المجتمع، وتخصيص حساب للصك في بنوك مصر والقاهرة والأهلي لشراء هذه الصكوك والاستفادة من عائدها لشراء الأضاحي وذبحها وتوزيعها على الفقراء المستحقين، وفق قاعدة بيانات موثقة، حتى خرجت رموز أزهرية تستنكر هذا الأمر واصفة إياه "ذبح بالوكالة لا يجوز". وقال جمعة خلال مؤتمر صحفي مع الدكتور خالد حنفي، التموين والتجارة الداخلية، إنه من المتوقع تجميع 100 ألف صك في المرحلة الأولى من المشروع وفق حسابات موثقة ودفاتر رسمية بأرقام مسلسلة لمنع أي تزوير والحصول على إذن، بالتوزيع من الوزارتين لضمان الحفاظ على أموال الصكوك. وأضاف: "صك الأضحية عمل تطوعي منظم له أبعاد شرعية ووطنية بعيدًا عن أي استغلال حزبي أو ديني، وسنحقِّق من خلاله العدالة في التوزيع، ولتعظيم ثواب الصدقة فقد يكون في بعض المناطق مضحين أكثر من المستحقين مع مراعاة الجانب النفسي لصاحب الأضحية بتقديم أفضل خدمة، حيث إن بعض الناس قد يضحي بالأفضل والآخر قد يضحي بالأقل جودة. وأوضح أنه تم الاتفاق بين الوزارتين أن التوزيع للفقراء المستحقين جميعًا دون أي تفرقة بينهم، بعد أن تحقَّقت من المشروع قيم الوطنية واللحمة بعيدًا عن أي توجه ديني بعد إعلان الكنيسة الإنجيلية شراء صكوك للأضحية. وقال الدكتور أحمد كريمه, أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن "صك الأضحية فيه إضاعة للشعائر الدينية، ويشبه الذبح بالوكالة"، مضيفًا: "توزيع لحوم الأضاحي لا يجوز إلا في حالات الضرورة القصوى". وتابع كريمة "المصريون"، أن "النبي صلى الله عليه وسلم كان أول ما ينزل في بطنه يوم عيد الأضحى بعد الخطبة والصلاة هو لحم الأضحية"، موضحًا أن "الحكمة من الذبح هو ذكر اسم الله عز وجل والتكبير وهو ما لايتحقق في الذبح بالوكالة أو ما يسمى بصك الأضحية". وأشار إلى أن "صك الأضحية قد يؤدي على المدى البعيد إلى اختفاء شعيرة الذبح نفسها في مصر"، لافتًا إلى أن "ذبح الأضاحي خارج مصر وإحضارها بعد العيد لا يدخل ضمن الأضحية مع العلم بأن هناك لبس وسوء فهم حول توزيعها على من يستحقها". وتابع: "هناك من سيتكل مباشرة على بنوك الطعام والمؤسسات الخيرية لتوزيع هذه اللحوم دون إجهاد نفسه بالبحث عن الفقراء مشيرا إلى أن ذلك قد يؤدي إلى ذهابها إلى من لا يستحقها". من جهته، أكد الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن وعضو هيئة كبار العلماء جواز فكرة صك الأضحية، أنه "لابد أن يكون المضحي على قدر كبير من الثقة بهذه الجمعية الخيرية، التي ستتولى القيام بالأضحية"، منوهًا إلى ضرورة تأكده من التزام الجمعية بآداب الأضحية. وأوضح عثمان في تصريح صحفي "أنه في ظل الارتفاع المتزايد لأسعار الأضاحي، يجوز للمضحي أن يشتري صك الأضحية من الجمعيات الخيرية، التي تقوم بالنيابة عنه في الشراء والذبح والتوزيع على الفقراء والمحتاجين بحسب ما نصت عليه الشريعة الإسلامية في الأضحية". بدوره رفض عبد الواحد الرزيقي، المسئول بالعلاقات العامة لوزارة الأوقاف، الإدلاء بأية تصريحات صحفية حول تدشين صك الأضحية بين وزارتي الأوقاف والتموين مشيرًا إلى أن الوزارة في حالة صمت إعلامي. وأضاف الرزيقي ل"المصريون"، أن "وزير الأوقاف طالب كل العاملين بالوزارة بالامتناع عن التصريح لوسائل الإعلام". وأصدرت وزارة الأوقاف، منشورُا يحمل رقم 88، يقضى ب"منع جميع العاملين بديوان عام الوزارة والجهات التابعة لها، من المديريات الإقليمية والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وهيئة الأوقاف ومستشفى الدعاة، من إصدار أي تصريحات إعلامية إلا بناء على موافقة كتابية مسبقة مع عرض أي تصريح على رئيس القطاع لعرضه على السلطات المختصة قبل التصريح به"، محذرة العاملين من أن "من يخالف ذلك يتعرض للمساءلة القانونية". من جهته، أكد رشاد عبده الخبير الاقتصادي، أن "فكرة الصكوك قديمة قام بها "بنك الطعام"، و"جمعية الأورمان"، موضحًا أن الهدف منها هي سد احتياجات المواطن الفقير من اللحوم. وأضاف عبده ل"المصريون" أن "الفكرة طيبة لكن المهم هو الشفافية في إعلان أماكن صرفها، خوفًا من تفكير البعض فذ ذهاب هذه الأموال لسد عجز موازنة الدولة".