قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم الإثنين، إنه بصدد اتخاذ إجراءات "قاسية" من أجل إصلاح الاقتصاد الواهن، مضيفًا أن الإشكالية ليست في الإجراءات، ولكن في مدى قبول المجتمع والرأي العام لها، وفي إذا ما كان لديه الاستعداد أو قدر من المعرفة لقبول الإجراءات التي قد تكون صعبة أو قاسية. جاء هذا خلال مشاركته في جلسة برنامج "محاكاة الحكومة المصرية" الذي يعقد في إطار البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، ومضى قائلاً: "المصريون محبون لوطنهم وقادرون على تحدى الصعاب، إلا أنهم مشغولون بحياتهم اليومية، ولذلك يجب أن يتاح لهم قدر من المعرفة بشأن الإجراءات المطلوب اتخاذها لتجاوز الصعاب". ووعد الرئيس السيسي، في الوقت الذي تتفاوض فيه الحكومة مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 12 مليارًا، بأن المواطن سيتمكن قريبًا جدًا من التوجه للبنوك والحصول على الدولار "بسعر موحد". واستقبلت مصر يوم السبت الماضي، وفدًا من صندوق النقد الدولي لإجراء مفاوضات على طلب الحكومة اقتراض 12 مليار دولار ضمن برنامج تمويلي بقيمة 21 مليار دولار على ثلاث سنوات. وأشار السيسي إلى أنه ستكون هناك معالجة للدعم دون أن تطال محدودي الدخل، موضحًا: "حرصنا خلال هيكلة أسعار الكهرباء أن تبقى الشرائح الثلاثة الأولى بأسعار تناسب معظم المصريين". وقال السيسي في كلمته أن القوات المسلحة تتدخل دائمًا لكبح جماح ارتفاع الأسعار، مضيفًا: "القوات المسلحة تتدخل عندما ترتفع أسعار سلعة ما، كاللحوم أو الدواجن، لكبح ذلك الارتفاع في الأسعار، وذلك عن طريق طرح كميات من هذه السلعة". وعلى مدى العام المنصرم، بدأت شاحنات الجيش تجوب أنحاء البلاد لبيع السلع الغذائية بأسعار زهيدة بينما انتشرت منافذ البيع التابعة للقوات المسلحة. وقال هاني جنينة من بلتون المالية ل«رويترز»، إن تصريحات الرئيس اليوم الإثنين "تمهيد لما هو قادم.. لابد من وجود إصلاح على المدى القصير في ظل وجود بعثة الصندوق في مصر.. لابد من حدوث إصلاح في ملفات الدعم في المياه والكهرباء والبنزين بجانب تحرير سعر الصرف". وقلصت الحكومة في السنة المالية 2015-2016 دعم الوقود إلى 61 مليار جنيه، من نحو 100 مليار جنيه في 2014-2015. وفي يوليو 2014 خفضت الحكومة، الدعم ورفعت أسعار البنزين والسولار والغاز الطبيعي بنسب وصلت إلى 78 بالمائة. وبدأت الحكومة في 2014-2015 خطة على خمس سنوات لتحرير أسعار الكهرباء تدريجيًا. وتدعم الحكومة أسعار المياه والكهرباء والوقود بجانب دعم السلع التموينية الأساسية لنحو 90 بالمائة من تعداد الشعب الذي يتجاوز 91 مليون نسمة. وأضاف جنينة: "تحرير سعر الصرف لابد أن يتبعه رفع سعر الفائدة وأيضًا سنشهد ارتفاعًا في الأسعار وخاصة الأغذية والأدوية لأنهم الأكثر تأثرًا بسعر العملة". وبينما تواجه مصر أزمة شديدة في توفير العملة الصعبة؛ حيث قفز الدولار في السوق السوداء إلى مستوى 13 جنيهًا خلال الأسبوع الماضي، قال السيسي إن المواطن سيتمكن قريبًا جدًا من التوجه للبنوك والحصول على الدولار "بسعر موحد"، دون أن يكشف عن كيفية حدوث ذلك. ويبلغ السعر الرسمي للجنيه في البنوك 8.88 جنيه للدولار لتعاملات الأفراد، بينما يبلغ أكثر من 12 جنيهًا في السوق السوداء. وقال خمسة متعاملين في السوق الموازية للدولار إنهم نفذوا، اليوم الإثنين، عمليات بيع للعملة الأمريكية بين 12.40 و12.70 جنيه. وأضاف الرئيس السيسي أن الدولار "تحول خلال الأعوام الخمسة الماضية إلى سلعة تجارية البعض فضل الاحتفاظ به.. الحكومة تحتاج إلى اتخاذ إجراءات لإنهاء قضية أن الدولار سلعة يحتفظ بها ويتم الاتجار بها مع مراعاة عامل الوقت". ولم ينجح البنك المركزي في القضاء على السوق السوداء أو حتى تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية سواء بخفض سعر العملة في مارس، أو العطاءات الاستثنائية أو سحب تراخيص نحو 23 شركة صرافة في الأشهر الستة الأولى من العام. ولم تنجح أيضًا حملات مباحث الأموال العامة على شركات الصرافة في القضاء على السوق الموازية. وقال متعامل: "تأثير تصريحات السيسي في السوق الموازية لن تظهر قبل الليل، قد تستقر الأسعار بعض الشيء". وذكر مستورد: "شاهدت الليلة الماضية تنفيذ صفقة على مليون دولار بسعر 12.42 جنيه وصفقة على 500 ألف دولار بسعر 12.45 جنيه". وتشهد جميع إيرادات مصر من العملة الصعبة هبوطًا حادًا سواء إيرادات قناة السويس التي لم تعلن منذ مارس الماضي أو إيرادات السياحة التي تأثرت منذ سقوط الطائرة الروسية العام الماضي أو تحويلات المصريين في الخارج والتي يذهب أغلبها إلى السوق الموازية. وقالت مؤسسة فيتش للتصنيفات الائتمانية، اليوم الإثنين، إن التوصل لاتفاق مع صندوق النقد سيكون إيجابيًا بالنسبة للتصنيف الائتماني لمصر. وترى فيتش أن صندوق النقد سيتفهم على الأرجح المخاوف المصرية من تطبيق "إصلاحات مالية أقوى من اللازم" في ضوء المخاطر السياسية والحاجة لنمو اقتصادي. وقالت إن السلطات المصرية قد تحجم عن الإصلاحات في مرحلة ما خلال برنامج الصندوق إذا واجهت معارضة شعبية لكن "حتى إذا مضى تطبيق الإصلاحات حسب المقرر فستواجه مصر فترة صعبة من الإصلاحات المالية والنقدية والهيكلية".