قال الخبير العسكري الإسرائيلي ألون بن دافيد, إن هناك عدة أخطاء وقع فيها مخططو المحاولة الانقلابية الأخيرة في تركيا, ولذا نجح الرئيس رجب طيب أردوغان في البقاء بالسلطة. وأضاف بن دافيد في مقال له بصحيفة "معاريف" العبرية في 23 يوليو, أن مخططي هذه المحاولة لم يدركوا أن الزمن تغير، وأن الانقلابات التقليدية, التي عرفتها تركيا في الثمانينيات من القرن الماضي, لم تعد تصلح في الوقت الراهن, خاصة في ظل وجود الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. وتابع أن القوى الليبرالية والعلمانية في تركيا وقفت أيضا إلى جانب الديمقراطية, بالإضافة إلى أن المحاولة الانقلابية لم تنل أي مساندة من الدول الكبرى, حيث أدارت الولاياتالمتحدة ظهرها للانقلابيين بسرعة, حسب تعبيره. ورغم ما سبق, لم يستبعد بن دافيد أن تشهد تركيا محاولة انقلابية جديدة, في ظل ما سماها حملات التطهير الواسعة التي يقوم بها أردوغان في صفوف الجيش, والتي يشعر معها الضباط والقادة بالإهانة, حسب تعبيره. وكان أردوغان أعلن أن بلاده أصبحت أقوى بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، وأنها مستمرة في تحقيق أهدافها، مشيرا إلى توقيف نحو 13 ألفا بتحقيقات تجريها النيابات العامة التركية في كافة الولايات. وقال الرئيس التركي في خطاب ألقاه مساء السبت 23 يوليو من المجمع الرئاسي بأنقرة أن من بين الموقوفين والمحبوسين 8385 عسكريا، و2101 قاض ومدع عام، و1485 شرطيا، و52 موظفا حكوميا، و689 غيرهم. واتهم أردوغان جهات -لم يسمها- ب"عرقلة تقدم تركيا كلما سنحت لها الفرصة لفعل ذلك"، وشدد على أن بلاده عازمة على مواصلة تحقيق أهدافها، وأنها دخلت مرحلة وهي أقوى مما كانت عليها يوم المحاولة الانقلابية الفاشلة، على حد قوله. وتابع "تركيا أصبحت من بين الدول الأقوى اقتصاديا في العالم، والآن نحن غير مرتبطين بالخارج في مجال الصناعات الدفاعية، وسنواصل تنفيذنا للمشاريع العملاقة التي خططنا لها، لذلك يحاولون عرقلتنا". وأضاف "يتعين على الحكومة اجتثاث منظمة الكيان الموازي الإرهابية من تركيا، وأتباعها من مؤسسات الدولة"، مؤكدا "إغلاق 934 مدرسة و109 سكنات طلابية و15 جامعة و104 أوقاف و35 مؤسسة صحية و1125 جمعية و19 نقابة تعود للمنظمة، ووضعت دولة يدها عليها". وفي السياق ذاته, قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم في 23 يوليو أيضا, إن المرحلة المقبلة ستشهد إعادة هيكلة للجيش تقطع صلته بالسياسة، وأضاف أنه سيتم حل الحرس الرئاسي، واتخاذ تدابير تحول دون محاولة انقلابية جديدة. وحسب "الجزيرة", شدد يلدرم -في مقابلة تليفزيونية مع قناتين محليتين- على الحاجة الماسة لإعادة هيكلة الجيش، موضحا أن الكيان الموازي (منظمة فتح الله غولن) وكيانات أخرى ظهرت داخل الجيش. وقال إنه لا يمكن للجيش في الدولة العصرية أن يشكل مصدر تهديد لشعبه ووطنه، مشيرا إلى أن من أسباب سقوط الدولة العثمانية تدخل الجيش بالسياسة في سنواتها الأخيرة. كما أشار رئيس الوزراء التركي إلى أن بلاده لن تسمح مرة أخرى "بمحاولات حمقاء تستهدف أمن البلاد وسلامة المواطنين"، مؤكدا اتخاذ السلطات سلسلة من التدابير في هذا الصدد. ومن الإجراءات التي اتخذتها السلطات التركية -وفق يلدرم- حل فوج من الحرس الرئاسي الذي كان قام بالهجوم على مقر القناة التركية "تي آر تي"، وذلك بعد توقيف ثلاثمائة من عناصره على إثر محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو. وقال يلدرم :"لن يكون هناك حرس رئاسي، ليس هناك سبب لوجوده، لسنا بحاجة إليه". وعن حالة الطوارئ المعلنة لمدة ثلاثة أشهر, أكد أن بلاده لا تعتزم تمديدها، لكنه استطرد, قائلا :"هدفنا هو ألا تمدد، ولكن إذا اقتضت الحاجة فبالطبع ستمدد". وفي سياق التحقيق مع الانقلابيين، قال نعمان قورتولموش نائب رئيس الوزراء التركي إن السلطات بدأت في الحصول على اعترافات من عدد من الموقوفين بأنهم ينتمون إلى جماعة فتح الله غولن. ومن جهة أخرى، قال مسئول في الرئاسة التركية إن السلطات اعتقلت خالص خانجي الذي يوصف بأنه المساعد الرئيسي لفتح الله غولن، مضيفا أن خانجي دخل تركيا على الأرجح قبل محاولة الانقلاب بيومين. وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان السلطات التركية عن اعتقال محمد سعيد غولن ابن أخ فتح الله غولن بولاية أرضروم في إطار التحقيقات الخاصة بالانقلاب. يذكر أن السلطات التركية أعلنت إطلاق سراح 1200 عسكري لم يثبت تورطهم بالانقلاب الفاشل.