أفتت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأن الإضراب الذى يؤدى إلى تعطيل مصالح البلاد والعباد حرام شرعًا، مع تأكيدها في ذات الوقت جواز التظاهر من حيث الأصل بشروط معينة، باعتباره من وسائل الاعتراض الجماعى التى عرفها المسلمون فى أزمنة وأماكن مختلفة قديمًا، وكانت تستعمل مع الولاة أحيانًا، وأحيانًا مع المحتل الغاصب. واتفق معها في الرأي علماء أزهريون مؤكدين تحريم العصيان المدنى، وأفتى بعضهم بتطبيق حد الحرابة على الداعين والمشاركين فى هذا العصيان الذي دعا إليه ناشطون على موقع "فيسبوك"، عبر وقف العمل فى جميع المؤسسات والهيئات والجهات العامة والخاصة وتنظيم اعتصامات مفتوحة وإضرابات عن الطعام حتى يتم تسليم السلطة إلى مجلس رئاسى مدنى منتخب. وأكدت دار الإفتاء أن الدعوة إلى الإضراب العام بمعنى إيقاف السكك الحديدية، والمواصلات، والنقل، وإيقاف العمل فى المصانع والمؤسسات والجامعات والمدارس، والتوقف عن سداد الأموال المستحقة للحكومة سواء كانت ضرائب أو فواتير الكهرباء والمياه والغاز أو غيرها من أمور تعطل مصالح الدولة والعباد حرام شرعًا. وأشارت إلى أن هذا كله من شأنه أن يفاقم الأوضاع الاقتصادية السيئة بما يؤدى إلى تعطيل مصالح الناس وتعريض حياتهم للخطر خاصة ذوى الأعذار منهم، فضلاً عن أنها تؤدى إلى تفكيك الدولة وانهيارها. ودعت دار الإفتاء المصريين جميعًا إلى تقوى الله وتحكيم العقل والحكمة والمنطق وتغليب الصالح العام على المصالح الضيقة والانصراف عن الدعوات الهدامة. من جانبه، قال الدكتور محمد مختار المهدى، الرئيس العام للجمعية الشرعية، إن الدعوة للعصيان المدنى أمر لا يقبله الشرع إذا قُصد به الدمار والخراب فى الشارع المصرى من باب قول النبى صلى الله عليه وسلم، "لا ضرر ولا ضرار"، وقوله: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده". ووصف العصيان المدنى بالإفساد فى الأرض وأنه يدخل فى من ينطبق عليهم حد الحرابة, وأنه فى حالة حدوث بلطجة وقتل وتدمير وتخريب يجب على جميع السلطات أن تطبق عليهم حد الحرابة، حتى يكون كل مخرب عبرة لمن يريد الشر لمصر وأهلها. واتهم الداعين إلى العصيان بأنهم يعملون لصالح أجندات خارجية لتركيع مصر بعد نجاح ثورتها العظيمة وبعد نجاح الإسلاميين بهذه الصورة فى مصر ودول العالم الإسلامى, مطالبا الشعب المصرى بعدم التخريب والحفاظ على أمن مصر والعمل على بنائها ومساعدة المؤسسة المنتخبة المعبرة عن غالبية الشعب المصرى من أجل النهوض بالوطن وقطع الطريق على كل المخربين من أعداء مصر. فيما أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أنه لا يصح أن يدعو أحد من أبناء الوطن إلى عصيان مدنى، ولكن ينبغى أن نصحح الأوضاع بصورة تليق بالشعب المصرى وحضارته العريقة، مؤكدا على ضرورة توحيد الصف من أجل البناء وليس من أجل التخريب والهدم والتدمير. واعتبر هاشم أن التخريب الناتج عن الدعوة للعصيان المدنى حرام شرعًا، ولا يقره الشرع الحنيف ولا أى دين سماوى، وأنه إذا كان لابد من وجود عصيان فيجب أن يكون بضوابط، بحيث لا تتوقف المصالح ولا توقف حركة العمل فى الشارع ولا تزيد من مشاكل الوطن.