تخطى الدولار الأمريكي مستوي قياسيًا له في السوق السوداء، اليوم، حيث وصل إلى نحو 12.05 جنيه ليواصل مستوياته التاريخية، متحديًا محاولات البنك المركزي في تقليص الفجوة مع السعر الرسمي المقدر بنحو 8.78 جنيه، بينما يشتري الأفراد الدولار من البنوك بسعر 8.88 جنيه. وقال مصرفيون بقطاعات الخزانة في البنوك المصرية ل"رويترز"، اليوم، إن سعر الدولار في السوق الموازية تسارع بوتيرة لم يشهدها من قبل خلال الساعات القليلة الماضية بعد تصريحات محافظ البنك المركزي طارق عامر في مجلس النواب يوم الأربعاء. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن عامر قوله: "لا يمكن الحديث عن تعويم الجنيه حاليًا.. أما الخفض فهو يرجع لما يراه البنك في الوقت المناسب". وهذه هي المرة الثانية التي يلمح فيها عامر إلى إمكانية التخفيض في الوقت المناسب للمركزي، حيث شدد في الثالث من يوليو في مقابلات مع ثلاث صحف مصرية على أن الحفاظ على سعر غير حقيقي للجنيه كان خطأ وأنه مستعد لأخذ القرارات الصحيحة وتحمل نتائجها. وقبل تصريحات محافظ المركزي للصحف المصرية الثلاث كان الدولار يجرى تداوله في السوق الموازية بين 11 جنيهًا و11.05 جنيه في أغلب أيام شهر رمضان. وتوقع الخبراء الاقتصاديون استمرار صعود الدولار مقابل الجنيه بدعم من البنك المركزي الذي يحاول أن يترك الأمر للسوق للوصول إلى سعر مناسب ينخفض عنده الدولار مقابل الجنيه. قال عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادي والمصرفي، إن ارتفاع الدولار اليوم ووصوله إلى 12جنيهًا هو أمر متوقع وسيظل يرتفع في غيبه تامة عن الحكومة، مستغلاً أوضاع الاحتياطي النقدي المتدهورة وعدم قدره المركزي عن ضبط سعر الصرف وسوق الصرف رغمًا عنه لضعف موارد الدولة من الدولار . وأضاف في تصريح خاص ل"المصريون" أن المركزي سيترك سوق الصرف لتحدد سعرها وما يرتضيه التجار والصناع والمضاربون حتى تصل إلى سعر ستتوقف عنده المضاربات والشراء والبيع، وهو السعر الذي سيتوقف عنده التجار والصناع عن الشراء لمنع ارتفاع الأسعار وبسبب أن المستهلكين لن يقبلوا على الشراء تحت هذا السعر، فسيحدث الانكماش في الطلب على السلع، وبالتالي انكماش في الطلب على الدولار ليصحح السوق نفسه من جديد لينخفض الدولار من تلقاء نفسه ووصوله إلى السعر العادل المناسب للاستيراد من الخارج والذي سيتقبله المستهلك لشراء السلع المستوردة بالداخل وسيجني المركزي من هذه السياسة خفض الواردات وضبط ميزات التجارة نسبيًا وخفض عجز ميزان المدفوعات. وتابع: "أرى أن الدولار سيواصل الارتفاع محلقًا حتى 16 جنيهًا وعندها سيتوقف السوق تمامًا، وأنه السعر المستهدف من الحكومة, أيضًا، وإن المركزي لن يخفض الجنيه رسميًا خلال الفترة القادمة ولظروف تتعلق بارتفاع مستمر للتضخم بسبب الدولار وبسبب قيام الدولة برفع العديد من الرسوم علي المواطنين ورفع شرائح الكهرباء وزيادتها بخلاف تطبيق ضريبة القيمة المضافة وما سوف تساعده به في رفع مستويات الأسعار، فسيكتفي المركزي بكل هذه الإجراءات الحكومية حاليا والتي ستساهم فيما كان يريده وهو الانكماش وخفض الاستهلاك العام". ووصف حسانين ما يحدث بسوق الصرف الآن، بأن السوق السوداء والمضاربين والصرافة يلعبون في الملعب منفردين وأن المركزي انسحب من مركز الحكم والمراقب للمباراة إلى مقصورة المشاهدين مثله مثل أي مشاهد من خارج الملعب. ومن جانبه، توقع محمد الدشناوي، الخبير الاقتصادي، أن تصعد قيمة الدولار في السوق المحلي بأكثر من 12جنيهًا على أن يعبر هذه المستويات بسهولة إلا في حالة وجود أحداث مؤثرة سواء كانت طبيعية أم مختلقة من قبل مستفيدين من ارتفاع الدولار وزيادة المضاربة عليها. وأوضح في تصريح خاص ل"المصريون" أن الظروف والمؤثرات مازلت صعبة، بالإضافة إلى دخول عنصر قوي وسلبي وهو ارتفاع التضخم العام والذي أعتقد بأن البنك المركزي سوف يواجهه بقوة لخطورته على الاقتصاد.