كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن سلسلة من الأخطاء التى أجهضت محاولة الإنقلاب على الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى تركيا . وأضافت الصحيفة في تقرير نشرته أمس السبت بأن أبرز تلك الأخطاء لفشل الإنقلابهو عدم كفاءة قادة الانقلاب في تركيا قادتهم إلى هذا المصير، فضلا عن أن الانقلاب كان على الطراز القديم مشابه لما كان يحدث في سبعينيات القرن المنصرم، حيث اعتقدوا أن السيطرة على التلفزيون الحكومي وإذاعة البيان من خلاله كافية لنجاحه. وأوضحت الصحيفة بأن وسائل الإعلام التي تركها قادة الانقلاب، ساعدت أردوغان على استعادة السلطة، حيث مكنته من بث رسائل للشعب للنزول في وجه الإنقلاب، وهو ما حدث. وفيما يلي نص التقرير.. في البداية عندما توقف الجنود والدبابات على جسر البوسفور في اسطنبول، وسمع صوت الطائرات المقاتلة تحلق على ارتفاع منخفض، فوق المدينة الثانية في تركيا، قلة من الناس فهم على الفور ما كان يحدث. معظم التوقعات اتجهت إلى أنه تهديد إرهابي جديد، خاصة مع أنه مازالت المجزرة الأخيرة التي وقعت في مطار اسطنبول عالقة في أذهان الناس. ولكن بعد وقت قصير بدأت تقارير تتحدث عن إطلاق نار في أنقرة، العاصمة التركية، ولم يلق الرئيس رجب طيب أردوغان أي بيان يوضح ما يحدث، وتجاهل المتحدثين باسمه طلبات التعليق، حتى بدأ الجنود ينتشرون في الشوارع المدينة، وحينها بدأ الأمر يتضح للجميع. من المفترض أن عصر الانقلابات التركية قد انتهى، الرابع والأخير وقع عام 1997، أردوغان والحكم والاسلامي له منتقدوه في أوساط العلمانية، ولكن كثيرون يروا أنه نجح في ترويض الجيش، وفاز بولاء الكثير من السكان. ولكن مع تزايد عدم اليقين ليلة الجمعة، بدأ الناس يتساءلون، لماذا تم إغلاق الجسر؟ لماذا وصلت الدبابات للمطارات؟ ومن الذي يسيطر على البلاد؟ والجميع بدأ يتساءل ويسخر هل هذا انقلاب؟ حتى جاءت الصدمة الأولى عندما ظهر رئيس الوزراء التركي يلدرم يعلن عن محاولة انقلابية، ويؤكد أن الحكومة باقية ولن تسقط حتى يقول الشعب ذلك. في البداية، كانت المؤشرات لا تبدو جيدة لأردوغان، وساد الذعر في البلاد، وبدأ الأتراك يهرولون للمحلات التجارية، لشراء وتخزين الطعام والماء للتأمين ضد احتمال دخول البلاد في فترات طويلة من عدم الاستقرار. وفي الوقت نفسه، واصل مدبري الانقلاب التعبئة، مع انتشار الدبابات والشاحنات العسكرية في أنحاء أنقرةواسطنبول، وتأمين المطار الرئيسي في وقت متأخر مساء الجمعة، ثم أصدر قادة الانقلاب بيانا بزعم سيطرتهم على السلطة لحماية النظام الديمقراطي. ومع بقاء أردوغان بعيدا عن مقاليد الأمور، بدا الأمر وكأنها النهاية بالنسبة للرئيس المحاصر، ولكن بعد ذلك قادة الانقلاب ارتكبوا سلسلة من الأخطاء، في بداية سمح لأردوغان بالهروب من المكان الذي كان يختبيء، وبحسب دوجو ارجيل استاذ العلوم السياسية في جامعة أنقرة فأن "مكان الرئيس أردوغان كان معروف لقادة الانقلاب.. إلا أنهم قصفوه فقط عندما غادره". وأضاف: نتيجة لذلك، كان أردوغان في النهاية قادرا على بث الرسائل لمؤيديه، حتى وإن كانت عبر مكالمة هاتفية". وعقب دعوة أردوغان تدفق الشعب للشوارع، وسار الآلاف باتجاه المطار الرئيسي في اسطنبول، وهنا بدأت إخفاقات الانقلاب تظهر. وقال ارجيل:" لقد كان انقلاب على الطراز القديم.. لأنهم وضعوا شخص لقراءة البيان على التلفزيون الحكومي، ولكن كانت هناك 15 محطة آخرى تبث الأخبار، فقد اعتقد قادة الانقلاب أن إعلان بيانهم على التلفزيون الرسمي سيكون كافيا، وترك العديد من القنوات الخاصة الأخرى في البلاد دون رقابة". وأضاف: بعد ذلك كان هناك وسائل الاعلام الاجتماعية التي لعبت دورا كبيرا في إفشال الانقلاب". وأخيرا كان هناك أقدم وسائل الإعلام: الأذان من المساجد، والتكبير، والذي كان حاسما في تعبئة أنصار حزب العدالة والتنمية إلى حد كبير". ورغم ذلك المعركة لم تنته بعد، ففي وقت مبكر من صباح السبت فتحت دبابات الانقلاب النار خارج البرلمان في أنقرة على الحشود، مما أدى لمقتل العديد من الأشخاص، وظهرت صور لجثث مشوهة، كما أندلعت معارك بين المؤيدين والمعارضين بين القوات الجوية، وسمع صوت عدة انفجارات في أنحاء المدينة، وتمكن أردوغان من مغادرة الأجواء التركية في طائرته الخاصة، وظل فترة يحلق في الجوء لا يعرف ما إذا يجري. ولكن في غضون ساعة، تحول الأمر لصالح أردوغان، مع رفض العديد من القيادة العليا للجيش الانقلاب، ومن صمت الرئيس الأميركي باراك أوباما بشكل واضح في الجزء الأول من الليل، أصدر بيانا قويا لصالح أردوغان. ومرة أخرى في تركيا، أدانت كل أحزاب المعارضة العلمانية الرئيسية الانقلاب، وهذا تعبير نادر عن الوحدة كما ساهم ربما لفقدان الانقلابيين توازنهم". وقالت "هيسي أوزسوي" النائبة المؤيديه لحزب العمال الكردستاني:" هناك حاجة لأولئك الذين كانوا مسؤولين عن محاولة انقلاب على إعادة التفكير في تصرفاتهم .. نعم لدينا مشاكل في تركيا، ولكن في الوقت نفسه أي تدخل عسكري لا يمكن أن يكون حلا". وفي الوقت نفسه في اسطنبول، استعاد أنصار أردوغان السيطرة على المطار الرئيسي في المدينة، مما وجه ضربة نفسية هائلة لقادة الانقلاب. وتدفق الكثير من الناس للشوارع لدعم أردوغان، وشوهدت بعض السيارات العسكرية يحتشدون لمساعدة الشرطة لاعتقال الجنود، وهذا جزء أساسي آخر من نجاح إدارة أردوغان، ولاء الشرطة، الذي تم تعزيز دورها في ظل إدارة أردوغان. لكن الآن بعدما استعاد أردوغان السلطة، السؤال الذي يردده الكثير كيف سوف يمارسوها، لسنوات، أردوغان يتوق لتشكيل حكومة رجل واحد مع اتحاد السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبحسب أرجيل أصبح الآن سهل تحقيقه.