عقدت صحيفة " وول ستريت جورنال الأمريكية " فى مقارنة لديها الأسباب التي أدت لفشل المحاولة الانقلابية التي وقعت في تركيا على الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مساء الجمعة، بعكس ما حدث مع الرئيس المعزول محمد مرسى في مصر. وتساءلت الصحيفة فى تحليلا لها بعنوان "أردوغان تركيا يتجنب مصير مرسي مصر" للكاتب "ياروسلاف تروفيموف" نشرته أمس السبت، عن مستقبل العلاقات بين أردوغان والمعارضة السياسية التي أيدته في الوقت الحرج. وأضافت الصحيفة بأن فى مصر ، كانت هناك حشودا ضخمة في الشوارع، وعدد كبير من المعارضة الليبرالية تدعم بحماسوكان ذلك سقوط السريع للرئيس محمد مرسي. وألمحت الصحيفة الأمريكية إلى إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حليف مرسي، قلق منذ البداية من محاولة قيام الجيش التركي بمحاولة من من هذا القبيل مشيرة إلى إن أردوغان، على عكس مرسي، كان لديه إنجازات كبيرة، فقد قاد عقدا من الازدهار الذي عزز شعبيته، وهو ما ساعد على فوز حزبه بأغلبية برلمانية العام الماضي.
ولكن، عندما بدأت محاولة الانقلاب مساء الجمعة في اسطنبول وأنقرة، كان رد الفعل مختلف تماما، ففي تحد لحظر التجول، المتظاهرون ضد الانقلاب العسكري تدفقوا إلى الشوارع، جميع الأطراف، بما في ذلك المعارضة والاكراد الذين كان أردوغان يحاول سجنهم بتهم التأمر، دعو إلى استمرار الحكومة الديمقراطية. في نهاية اليوم، كانت هناك معارضة شعبية واسعة للانقلاب، ووسائل الإعلام الاجتماعي لعبت دورا كبيرا في فشل الانقلاب، وانتشرت عبارات من بينها مع كل عيوبه ونزعاته الاستبدادية، أردوغان، الذي جاء للحكم في انتخابات ديمقراطية منذ أقل من عامين، أفضل من الدكتاتورية العسكرية غير الخاضعة للمساءلة التي من المرجح أن تضيق الخناق على الحريات بشكل كبير. و تطرقت الصحيفة إلى إنه فى مصر شهدت حملة دموية على أنصار مرسي وجماعة الإخوان المسلمين بدعم من الجماعات الليبرالية، ما دفع أردوغان -الذي رفض الاعتراف بشرعية السيسي - لتذكير مواطنيه في كثير من الأحيان، أنه بعد انقلاب مصر، أصبحت البلاد أكثر قمعا مما كانت عليه قبل الربيع العربي عام 2011 على حد وصف الصحيفة الأمريكية . وتابعت الصحيفة " أوجه التشابه كانت كثيرة ليلة الجمعة، المتظاهرين الذين خرجوا للشوارع في اسطنبول في كثير من الأحيان كانوا يرفعون علامة "رابعة" - رمز المقاومة ضد السيسي، ويشير للمذبحة التي راح ضحيتها المئات من أنصار الإخوان في رابعة العدوية أغسطس 2013-، فالرمز مألوف لمعظم الأتراك، فقد علقت لافتات رسم عليها علامات رابعة على الطرق الرئيسية، والساحات في تركيا لعدة أشهر بعد تلك المأساة ". وأكثر من أي وقت مضى منذ وصوله للسلطة عام 2003، سعى أردوغان أيضا "لتقليم أظافر" الجيش التركي للتأكد من انه لن يصل لمصير الزعيم الاسلامي المخضرم رئيس الوزراء السابق نجم الدين أربكان، الذي أطيح به من قبل الجنرالات عام 1997. وبعكس الانقلابات السابقة في تركيا، بدا المتآمرين مساء الجمعة غير أكفاء بشكل مذهل، فقد فشلوا في السيطرة على مفاصل الدولة، أو إغلاق محطات التلفزيون، وشبكات الاتصالات التي نجح من خلالها الرئيس اردوغان ورئيس الوزراء بين علي يلديريم في توجيه نداءات فعالة للشعب للوقوف في وجه الانقلاب. كما أن قادة الانقلاب لم يكن لديهم حجة لانقلابهم ضده أردوغان، وبدلا من إظهار وجوههم أجبروا مذيعة على قراءة بيانهم الأول على التلفزيون الحكومي. وحشية جنود الانقلاب لم تؤد إلا لتحفيز المقاومة، وبشكل حاسم المتآمرين لم يهاجموا أردوغان بل أرسلوا الطائرات الحربية لضرب البرلمان التركي، حيث كان هناك نواب من مختلف الأطراف، بما في ذلك المعارضة. ومع ذلك، فإن حقيقة رفض العديد من كبار الضباط لحكم أردوغان كانت مفاجأة، فالرئيس التركي أجرى موجات من عمليات التطهير في المناصب العليا، بدأ من محاكمات "ارجينيكون" لمدبري انقلاب عام 2008، إلى انقلاب الجمعة الذي يشتبه في صلته بجماعة فتح الله كولن. ورغم إدانة كولن لمحاولة الانقلاب، أردوغان اتهمه بالوقوف وراء هذه العملية في أول خطاب علني، وعقب فشل الانقلاب شنت السلطات حملة شرسه لتطهير المؤيدين والمتعاطفين مع كولن من الحياة التركية. ومما لا شك فيه، خلال الأيام القادمة سوف تشن السلطات حملة واسعة أيضا في صفوف القوات التركية لتطهيرها من كل المتعاطفين، الأمر الذي من شأنه التأثير على دور تركيا في سوريا، وكذلك يمكن أن يؤثر على الحملة ضد حزب العمال الكردستاني. السؤال الكبير، هو، كيف سيكون شكل العلاقة بين اردوغان والمعارضة السياسية الذين أيدوه في الساعة الحرجة، حتى الآن، كان على رأس أولويات أردوغان تحقيق تغييرات دستورية من شأنها تهميش المعارضة، وتوسيع سلطاته التنفيذية كرئيس إلى مستويات شبه ديكتاتورية، ووضع خطة للحصول على الأغلبية البرلمانية التي كان يفتقر أليها. و أختتم الكاتب تحليلة السياسى متسائلا "مع صورته الجديدة كمنقذ للنظام الدستوري في تركيا، أردوغان هل يميل إلى اغتنام الزخم وتنفيذ خططه الرئاسة، أم قد يلجأ إلى استخدام هذه اللحظة لبناء جسور مع خصومه السياسيين، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني وترسيخ الديمقراطية التركية التي أظهرت نفسها؟." مضيفا بقوله " حتى الآن لم يعط أردوغان بعد مؤشرا على المسار الذي سوف يختاره".