أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في كلمته أمس في أول ظهور له بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، أن المجموعة التي نفذت محاولة الانقلاب العسكري تتبع للكيان الموازي فتح الله جولن متوعداً إياها بالحساب العسير . "المصريون" تلقي الضوء على شخصية فتح الله غولن الراجل الذي قد لا يعرفه الكثيرين وطبيعة الجماعة التي أسسها لمعارضة نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. نشأته ولد "جولن" في قرية بمحافظة أرضروم شرق البلاد يوم 27 أبريل 1941 وتلقى تعليما دينيا منذ صباه، إضافة لعلم الفلسفة وغيرها، كما اطلع على الثقافة الغربية وأفكارها وفلسفاتها إلى جانب الفلسفة الشرقية. وفي العشرين من عمره، عُين جولن إمام جامع في مدينة إدرنة (شمال غرب) لكنه بدأ عمله الدعوي في مدينة إزمير، وانطلق بعدها ليعمل واعظا يلقي الخطب والمواعظ في جوامع غرب الأناضول، كما رتب محاضرات علمية ودينية واجتماعية وفلسفية وفكرية. ماهي حركة جولن؟ جماعة أسسها فتح الله غولن تأسست عام 1970، وتوسعت داخل تركيا وخارجها آراءها السياسية متعددة وتصب في انتقاد حكومة حزب العدالة والتنمية التركي. النشأة والتأسيس أنشأ فتح الله غولن النواة الأولى لجماعة الخدمة في بداية سنة 1970 بمدينة إزمير التركية، غير أنها توسعت وأصبحت حركة قوية داخل البلاد وخارجها. التوجه الأيديولوجي تعتمد الجماعة على فكر غولن وآرائه ومواقفه، وتوصف بأنها حركة اجتماعية صوفية تركز على مسلمي تركيا ومنفتحة أكثر على الغرب. ورغم أن كتب غولن تحوي الكثير من الفقه والتفسير والسيرة وغيرها، فإن السمة البارزة في منهج الجماعة الفكري اقتصارها على فكر شيخها وعدم تجاوزه إلى غيره. كانت القفزة الكبيرة في نشاط الجماعة بعد انقلاب عام 1980، حيث استفادت من دعم الدولة ومن مساحات الحرية المتاحة، لتبدأ رحلتها مع إنشاء المدارس خارج تركيا، مروراً بتكوين وقف الصحفيين والكتاب الأتراك، الجهة الممثلة للجماعة بشكل شبه رسمي. وتبرز أدبيات “الخدمة” فكرة النفوذ والتغلغل في أجهزة الدولة المختلفة دون رؤية واضحة أو أهداف محددة لمرحلة ما بعد “التمكين” الذي تتحدث عنه. ويرى البعض أن الجماعة تنتهج “تقية سياسية” تجيز لأعضائها التخلي عن بعض العبادات والشعائر لإخفاء هويتهم، حتى لا يتم استبعادهم من أجهزة الدولة، خاصة الجيش والشرطة. أهدافها وتسعى الحركة للوصول إلى المناصب العليا في مختلف المؤسسات -وخصوصاً الجيش والاستخبارات والشرطة- تأهباً لمشروع سياسي مستقبلي. كما يتهمها خصومها بتجاوز العداء الديني للمشروع الصهيوني، حيث سبق لغولن أن انتقد تسيير سفينة مرمرة لكسر الحصار المفروض على غزة، كما أنه أدان سحب السفير التركي من تل أبيب عقب تلك الأحداث وإن كان عبر عن تضامنه مع شهداء غزة خلال العدوان الإسرائيلي في صيف 2014. وفي القطاع الاقتصادي تمتلك الحركة ”بنك آسيا”، بينما يتجمع رجال الأعمال الذين يدورون في فلكها في جمعية “توسكون”. يتهم الخصوم الجماعة بأنها تهدف إلى تمييع التدين والتركيز على الجانب الصوفي كوسيلة للتغلغل داخل المجتمع. فغولن يتبنى مفهوما غير مسيس للدين، فهو يرى أن “الإسلام ليس أيديولوجية سياسية أو نظام حكم أو شكلاً للدولة” كما يصر على وصف جماعته أنها ”فوق السياسة”. وفي الوقت الذي تبتعد فيه الجماعة عن العمل السياسي الحزبي، فإنها تنهمك في التحالف مع الأحزاب السياسية في مقابل الدعم والامتيازات، وتعمل على التغلغل في مؤسسات الدولة والتقدم في المناصب الهامة. ويضيف خصوم الحركة أنها كانت دائما تؤكد أن مجال اشتغالها العمل الاجتماعي وفق مبادئ التصوف الروحي، غير أن صراعها مع حكومة رجب طيب أرودغان كشف انخراطها في العمل السياسي من خلال أعضائها والمتعاطفين معها، إلى جانب تصريحات مؤسسها غولن الذي انتقد مرارا قرارات اتخذتها الحكومة التركية، كما أنه سبق واتهم أردوغان بجر البلاد نحو الديكتاتورية. صراعها مع أردوغان اتُّهمت الجماعة بإعلان الحرب على حكومة حزب العدالة والتنمية عبر تسريب أشرطة تنصت غير مشروعة. واتهمت الحكومة التركية الجماعة بأنها كيان مواز تغلغل داخل أجهزة القضاء والشرطة، ما مكنها من القيام بعمليات تنصت غير مشروعة وفبركة تسجيلات صوتية. ويعيش غولن في منفاه الاختياري بولاية بنسلفانيا في الولاياتالمتحدة الأميركية، وعلق على دعوة سابقة لأردوغان بعودته إلى البلاد بقوله لصحيفة زمان “سأقرر ذلك بعد التشاور مع إخواني الذين أثق بصدقهم وأمانتهم، وليس بناء على أفكارِ مَن كان بالأمس شيئا، وأصبح اليوم شيئا آخر”. وقد اتهم رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو “الكيان الموازي” (في إشارة إلى جماعة غولن) بمحاولة الانقلاب على القضاء بتركيا في أبريل 2015 عندما صدر قرار محكمة الجزاء الابتدائية ال32 بإسطنبول بإخلاء سبيل العديد من المتهمين الموقوفين على خلفية تحقيقات “الكيان الموازي، من بينهم “هدايت قاراجه” مدير النشر بصحيفة “زمان” المحسوبة على غولن، ومديرين أمنيين آخرين، وذلك رغم وجود قرار من محكمة أخرى يقضي بعكس ذلك، ورغم عدم إرسال المدعين العامين الذين يديرون التحقيقات لملفات القضية.