رغم صدور حكم قضائي بزيادة بدل العدوى للأطباء من 19 جنيهًا إلى 1000 جنيه، ورفض الاستشكال الذي قدمته وزارة الصحة لوقف الزيادة، إلا أن الأخيرة تعنتت في تنفيذ ذلك الحكم؛ بزعم أن ميزانية الوزارة لا تسمح، وهو ما دفع الأطباء إلى التهديد بإضراب جزئي. وكانت الدائرة الخامسة عشرة، بمجلس الدولة قضت بأحقية الأطباء في تنفيذ حكم بدل العدوى الصادر في شهر نوفمبر الماضي؛ بعد أن تقدمت الحكومة باستشكال لوقف تنفيذ الحكم، وقضت المحكمة برفض الاستشكال وإلزام المستشكلين بالمصروفات، مشيرة إلى أن الاستشكال استوفى أوضاعه الشكلية قانونًا، ومن ثم فهو مقبول شكلًا. وأضاف الحكم "ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم ولما كانت الأسباب التي استند إليها المستشكلون في استشكالهم قوامها أن الحكم يتعطل تنفيذه من الناحية الواقعية لما يمثله من إرهاق للخزانة العامة، ولاسيما في ظل تضخم عدد الأطباء، فضلًا عن كونه صدر في ظل قانون الخدمة المدنية، وهي أسباب بعضها سابق على صدور الحكم المستشكل في تنفيذه، وليست لاحقة لصدوره ومتعلقة بتنفيذه، وبعضها تصلح للطعن عليه، ولا تصلح سندًا لقبول الاستشكال في تنفيذه؛ مما يتعين معه الحكم برفض الإشكال، ولذلك قررت هيئة المحكمة قبول الدعوى شكلًا ورفضها موضوعًا". وبدورهم عبر الأطباء عن استيائهم؛ مما وصفوه بابتزاز وزارة الصحة في التعامل مع ما يحدث لهم، مشيرين إلى أن الوزارة قاتلة للأطباء والمرضى معًا، مهددين بإضراب جزئي في حال عدم زيادة البدل خاصة في ظل المخاطر التي يعانون منها. الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، أكد أن بدل العدوى الحالي ليس له قيمة فعلية، حيث يتراوح من 19 إلى 25 جنيهًا شهريًا بما يعادل أقل من جنيه واحد في اليوم، كما لا يغطي مخاطر مهنة الطب وتعرض الأطباء للخطر أو تكلفة العلاج، موضحًا أن العدوى خطر يهدد عشرات الآلاف من الأطباء والممرضين العاملين بالمستشفيات والوحدات والمراكز الصحية. وأضاف سمير، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن الأطباء والممرضين هم أكثر أعضاء الفريق الطبي عرضة للعدوى، مشيرًا إلى وجود تخصصات طبية محددة تزداد فيها فرص العدوى مثل الطوارئ والرعاية المركزة والأمراض الصدرية والجراحات والأمراض الوبائية. وأشار إلى أن النقابة العامة للأطباء خاطبت وزير الصحة المهندس شريف إسماعيل؛ لتطبيق حكم بل العدوى؛ تقديرًا لما يتعرض له الأطباء من مخاطر، مستنكرًا طعن وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين على الحكم، مشيرًا إلى أنه من المفترض أن يكون المدافع الأول عن حقوق الأطباء. وقال: إن العدوى تهدد كل الأطباء لأن كل طبيب يتعامل مع مرضى مع اختلاف أمراضهم، في حين أن وزارة الصحة لا تعترف بالعدوى كإصابة عمل وتتهرب من مسئوليتها تجاه الطبيب المصاب رغم أنه لا يمثل خطرًا على حياته فقط، بل على المجتمع ككل لتحوله إلى مصدر للعدوى التي قد تنتقل من الطبيب المصاب للمريض؛ لأن بعض الأطباء حينما يمرضون يضطرون إلى مواصلة عملهم بالمستشفيات والوحدات خوفًا من خصم حوافزهم، وبالتالي تنتقل العدوى من الطبيب للمرضى. وبدأت أزمة بدل العدوى من العام الماضي 2015؛ حينما قررت نقابة الأطباء رفع دعوى قضائية بمحكمة القضاء الإداري؛ لرفع البدل نتيجة وفاة عدد من الأطباء بسببها وعلى رأسهم الدكتورة داليا محرز، الطبيبة بمستشفى الإسماعيلية. ومن جانبه اتهم الدكتور إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة الأطباء، رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة، بالامتناع عن تنفيذ حكم قضائي، مشيرًا إلى أن عقوبة الجنح المباشرة لأي مسئول بالدولة؛ لامتناعه عن تنفيذ حكم قضائي هو الحبس والعزل من الوظيفة. وأشار "الطاهر"، إلى مخاطبة النقابة لرئيس الوزراء ووزير الصحة بشكل ودي في الأسبوع الماضي؛ لتنفيذ الحكم القضائي، أما في حالة استمرارهما بالامتناع عن تنفيذ الحكم؛ سيتم تحريك دعوى قضائية ضدهما، مؤكدًا وجود أموال في الدولة ولكن يتم توزيعها بعيدًا عن الأولويات والفئات المستحقة، كما أن هناك فئات محظوظة لدى الحكومة تأخذ كل مستحقاتها المالية، مطالبًا الحكومة بتوزيع بنود الموازنة وفقًا للأولويات لتحسين المنظومة الصحية. فيما قال الدكتور إبراهيم كامل، إن الطبيب في مصر يحصل على بدل عدوى 19 جنيهًا فيما يحصل القاضي على 5000 جنيه كبدل لذات الغرض، قائلًا "هذا هو الملخص المفيد لوضع الطبيب المصري، والذي يدل على حجم الإهمال الذي يلاقيه من قبل الدولة".