وجه المفتى العام للقارة الأسترالية العالم الأزهري المصري الأستاذ الدكتور إبراهيم أبو محمد في خطبة عيد الفطر المبارك التي ألقاها صباح أمس في جموع المصلين بمدينة سيدنيبأستراليا، مجموعة من الرسائل باللغتين العربية والإنجليزية، نقلتها بعض القنوات الفضائية والإذاعات مباشرة، تناولت رسالة لعموم للمسلمين في أستراليا، وكذلك رسالة للشباب المسلم في أستراليا وخارجها، ورسالة للمجتمع الأسترالي عمومًا وبخاصة غير المسلمين، ورسالة للعالم أجمع. طالب أبو محمد في رسالته للجالية المسلمة بأستراليا بوحدة الصف والاعتصام المطلق بالدين منهجًا ورسالةً ورسولاً، وبأن يكون كل مسلم يعيش على أرض أستراليا سفيرًا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) خلقًا وسلوكًا؛ لتتجلى أمام المجتمع قيم الإسلام العظيمة في الصدق والوفاء والأدب والعفة والتفوق العلمي والأداء الحضاري المتميز بالإتقان والإبداع والروعة. وحذرهم من أي تدخل في شؤونهم ومبادئهم وقيمهم وثوابتهم، بالإضافة إلى كيفية مواجهة رعونات التعصب والكراهية بمزيد من التعقل والتسامح والدفع بالتي هي أحسن كما علمنا الإسلام، دون التفريط في الحقوق؛ لأن التعصب لا يمثل حقًا يضيء، ولكنه يمثل حماسًا يشتعل. وخطاب مفتى أستراليا الجالية المصرية بأن يتركوا إنجازاتهم وأعمالهم الناجحة تتحدث عنهم وتدافع عن قيم الحق والخير والرحمة التى يحملونها. وقال أبو محمد إن الجالية المصرية شريحة مهمة من المجتمع الأسترالي، مضيفًا: "لستم جسمًا غريبًا فيه، وقد ولدتم هنا، وتربيتم على خير هذا الوطن وبين ربوعه، وتذكروا أن أستراليا قدمت لكم ولآبائكم وأجدادكم كل خير، فبادلوها حبًّا بحبٍ، واحفظوا أمنها وسلامتها، وحافظوا على قوانينها؛ لأنها وضعت لحمايتكم وحماية عائلاتكم، واحذروا دعايات التطرف والإرهاب". وطالبهم بألا يأخذون دينهم عن "الشيخ جوجل" و"الشيخ يوتيوب"، حسب وصفه، فهم مدلسون وليسوا مؤتمنين على علم ولا دين، بل خذوا دينكم من مصادر مأمونة عن طريق الأزهر الشريف أو ما يعادله، لأنه الوحيد الذي حفظ التوازن الفكري وحمى العقول من الشطط الثقافى، وبناء الجسور الحضارية وترسيخ السلام العالمي بين الأمم والشعوب. وجاء في رسالته للمجتمع الأسترالي أن الولاء والحب للوطن العظيم "أستراليا" ينطلق من دين الإسلام الذي لا يحمل للمجتمع الأسترالي ولا يحمل للدنيا كلها إلا كل خير، وينطلق أيضاً من أن نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) هو أخ وشقيق لكل إخوانه الأنبياء السابقين عليهم جميعا صلوات الله وسلامه. وقال الدكتور إبراهيم أبو محمد في خطبة عيد الفطر المبارك، إنه بين الحين والحين ترتفع أصوات شاذة، وتطفو على السطح بعض دعوات التعصب والكراهية تحاول تشويه الإسلام، مشيرًا إلى أن هذه الأصوات لا تدرك أننا جميعا نركب سفينة واحدة، محذرهم من أقلام الفتنة وأصوات الكراهية والعنصرية التي تستهدف الوقيعة بين المجتمع الأسترالي وبين المسلمين. وعلينا أن نثق جميعا أن رعاية الحريات وحماية التعددية الثقافية والحضارية والدينية هي مدخل وسبيل لتحقيق مزيد من التفاهم بين مكونات المجتمع لتظل أستراليا رائدة في التناغم الحضاري والانسجام المجتمعي. أما رسالته التي وجهها للعالم وهو يلقي خطبة عيد الفطر المبارك فقال فيها: نستقبل العيد فرحين بتمام الطاعة، فتعكر علينا صفو فرحتنا صور كثيرة للعنف والإرهاب، أشدها وقعًا على نفوس المسلمين وقلوبهم تلك التفجيرات التي وقعت والناس صائمون وآخرها في المملكة العربية السعودية وبخاصة الجريمة النكراء التي وقعت في مدينة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وغيرها من جرائم الإرهاب التي توالت في العواصم العربية ومنها جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تتم في أكثر من منطقة في العالم العربي، حيث يقتل فيها الأطفال والنساء والمدنيون العزل وهم في بيوتهم، وقد دكتهم آلة الحرب دكا، وحصدتهم حصدًا. وطالب مفتى أستراليا المجتمع العالمي والإنساني بصحوة بإقامة القصاص العادل على الذين ارتكبوا جرائم الحرب والإبادة الجماعية وتقديمهم للعدالة ومحاكمتهم أمام محكمة الجنايات الدولية كمجرمي حرب ومرتكبي جرائم ضد الإنسانية. كما تقدم بخالص العزاء والمواساة لكل أسر الضحايا، معلنين مساندتنا لكل المنكوبين والمهجرين من ديارهم. إننا أيها السادة والسيدات نقرأ في الإنجيل (المجد لله في الأعالى، وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرة). كما نقرأ في القرآن الكريم دعوة إلى كل المؤمنين ليدخلوا في السلم كافة، يقول القرآن الكريم (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (سورة البقرة:208). مختتمًا رسالته بتهنئة المسلمين جميعًا قائلاُ: "كل عام والإنسانية في منعة وكرامة، كل عام والفرحة أكبر، كل عام والسلام أقرب، كل عام وأنتم بخير".