إن الآية الكونية التى تعقب آية سقوط الطغاة هى أن يمكن الله للمستضعفين الذين استضعفوا على يد هؤلاء الطغاة الذاهبين، وذلك حتى تكتمل نكاية القدر فى الطغاة ونكاله بهم فى الدنيا وتكون عبرة لمن يأتى من بعدهم، لذلك يرتبط سقوط الطغاة فى القرآن بتمكين المستضعفين، يقول الحق تعالى فى كتابه "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِى الأْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِى الأْرْضِ وَنُرِى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ "، ويقول تعالى " قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأْرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِى الأْرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ، ويقول تعالى " وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأْرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا ". من هنا فإنه من العجيب أن ينقم كثير من الناس على ما أفاء الله به على الإخوان والسلفيين من السبق فى الانتخابات الأخيرة، حسدًا من عند أنفسهم على الإخوان والسلفيين، معاندة للسنن الكونية، وللشعب وإرادته، وكأن الكحكة السياسية فى يد اليتيم الإخوانى والسلفى عجبة !!، لذلك آن الأوان أن نذكر إخواننا المتعجبين الحاسدين بما كان يحدث للإخوان المسلمين والسلفيين. ماذا كان يعنى أن تكون إخوانيًا فى دولة حسنى مبارك ومن قبله السادات ومن قبله عبد الناصر ؟!، عهود بعضها فوق بعض، معناه أنك قد يلقى بك فى السجن فى أى لحظة، بل معناه أنه غالبًا سيلقى بك فى السجن لشهور أو لسنوات، معناه أنه لو افلتت من السجن - أو قبل السجن وبعده- ستحارب فى رزقك، وستلحق بك المتاعب أنت وأهلك، فقط نذكر الحاسدين الذين كانوا يأمنون وينعمون فى بيوتهم والآن يتصنعون أنهم كانوا ثوارًا أولاد ثوار !! إنهم لم يلاقوا عشر معشار ما لاقاه الإخوان، من منهم سجن مثل خيرت الشاطر أو أبو الفتوح أو الكتاتنى أو عصام العريان ؟!!، ولن أحدثك عن بديع أو مهدى عاكف أو غيرهم من الذين قضوا أكثر من عشر سنوات، يقاسون البعد عن الأهل والأولاد والأحباب، وبوار المصالح والأموال، لكنهم صبروا حتى أتاهم وأتانا نصر الله، فهل الكحكة السياسية التى أعطاها لهم الشعب تكليفًا لهم وتشريفًا هى عجبة ؟!، أهى عجبة فى حق الذين ساهموا فى سبيل دعوتهم بالنفس والمال والوقت، فى الوقت الذى يكتفى فيه بعض خصومهم السياسيين بالحسد ومصمصة الشفاة والتقعر والتشدق بالكلام فى الفضائيات، فأى الفريقين أحق بالنصر والتمكين. أتعرف ماذا يعنى أن تكون سلفيًا فى عصر مبارك وتطلق لحيتك، معناها أنك قد حجمت حياتك الاجتماعية وسينصرف عنك بعض أقرب أصدقائك، وحجمت حياتك المهنية وسيكون لك سقف لا تتعداه مهما كانت كفاءتك، وحجمت حقوقك الدستورية حتى لا تستطيع وأنت دافع الضرائب أن تدخل الدور العسكرية مثلاً تلك التى بنيت من أموالك وتوصد فى وجهك أنت دونًا عن أى من فئات الشعب الأخرى، وتكتب أمامك فى أماكن كثيرة جملة (ممنوع دخول الملتحين والمنتقبات)، أن تكون سلفيًا معناه أن تماثل طائفة المنبوذين فى الهند، معناها عراقيل لا أول لها ولا آخر فى المطار وفى لجان التفتيش، معناها أن تصنف فى كل مكان، بل ويحرمك البعض من بعض حقوقك تطوعًا بحجة أنك لا تحتاج لها !!، أن تكون سلفيًا كان معناه أنك ستتعب كثيرًا وستعانى طويلاً، أيحق لنا بعد ذلك أن نحسدهم على ما مكن الله لهم بإرادة الشعب وليس عنوة وجبرًا. يا سادة هى سنة كونية أن يمكن للمستضعفين فى الأرض بعد هلاك الطغاة، فلا تنقموا عليهم نعمة الله، فذلك جزاؤهم بما صبروا والله مع الصابرين. م/يحيى حسن عمر [email protected]