... إلى المجلس العسكري بصفته الحاكم,برجاء النظر بعين الإنقاذ, قبل انهيار مكتبة الإسكندرية, وطالما نحن نعيش عصر البلطجة,فدعونا نتأمل مصطلح(الغَزّ وسط الازدحام),فوسط الهرج والمرج يمكنك أن تفعل أشياء,ولا يحاسبك أحد, فالناس مشغولون بحالهم وأحوالهم, وللمتنبي ريادة و سبق ,وله نبوءتان: أولاها تحققت في أبي العلاء المعري الذي قال (صدق المتنبي فأنا الأعمى المقصود بكلامه:أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي /وأسمعت كلماتي من به صممُ). أما النبوءة الثانية الأقرب للداهية فهي حالة الفوضى والغرائب, وكل شيء وعكسه في مصر,ولخصها المتنبي في بيته الشهير (وكم ذا بمصر من المضحكات/ولكنه ضحك كالبكا). وأكاد ألمحها في قرار مدير مكتبة الإسكندرية إسماعيل سراج الدين بإقالة الدكتور /يوسف زيدان من مركز المخطوطات بالمكتبة. سراج الدين استغل توقيت الحداد و الانشغال بالاشتباكات الدموية في كل مصر أمام مقار الشرطة,ليغز القرار في خصر المكتبة التي لا تزال سوزان مبارك هي أمينها العام,بعد عام كامل من الثورة. وفي المكتبة التطهير بالعكس,و مصر تسير عكس الطريق, و الدكتور إسماعيل سراج الدين له سيرة ذاتية متنوعة,فهو مدير المكتبة من أيام تزيين كورنيش الإسكندرية استقبالا لراعية الطفولة ,وهو الحاكم لمكتبة عمرها يمتد لآلاف السنين,وهومذيع سابق بالتلفزيون,و رجل سياسة وشيخ دبلوماسية , وأيضا ومحاضر في ندوات معرض الكتاب, يعني سبع وظائف,والحظ- ما شاء الله- موفور قبل الثورة وبعدها. أما أعظم إنجازاته فهو تطهير المكتبة من يوسف زيدان,ويا مثبت العقل في الدماغ,ومنقذ مصر من الهمج الرعاع,سامحني يا ربي –وسط الحزن- على انفجاري بضحك الغضب. فكنت أتخيل أن القرار الصحيح والسليم بعد الثورة هو تولي يوسف زيدان رئاسة مكتبة الإسكندرية,مع إعفاء كثيرين معروفين,والعارف لا يعرف.لكن الرياح في مصر تثبت كل يوم أنها تأتي بما لا يعقله العاقلون. ويوسف زيدان ليس في حاجة لتعريف من كاتب متواضع مثلي ,و ليس في حاجة لأن نقول :يوسف زيدان إحدى المحطات المهمة في تاريخ الرواية,ولا أن نقول إن مؤلفاته مترجمة لكل اللغات ,ولا حتى أن نقول إنه أحد شيوخ المحققين الذين يعيشون بيننا,واسألوا شيخ الجامع الأزهر الدكتور الطيب عن رفيقه أثناء إعداد فضيلته للماجستير,واستخراج كنوز مربوطة في ثنايا مخطوطة. لقد انتهز متخذ قرار إعفاء الدكتور يوسف من منصبه توقيت الفوضى و الانشغال بجريمة بورسعيد ليمرر قرارا بلون الضحك .,والأمر يعني كل محب لهذا البلد وتراث وتاريخ الأمة العربية والإسلامية.فيوسف زيدان قيمة مصرية-اتفقنا أو اختلفنا على آرائه- وهو الأحق بمنصب من أراد إزاحته.حتى لا تحكمنا الفوضى. [email protected]