أثار اقتراح إلغاء خيانة الديانة من بطاقة الرقم القومى، الذى قدمه النائب علاء عبد المنعم المتحدث باسم ائتلاف "دعم مصر" الأسبوع الماضى، حالة من الجدل فى الأيام الأخيرة، ولاقى هذا الاقتراح رفضًا كبيرًا بين عدد من أعضاء البرلمان. بدوره رفض محمد حافظ الزاهد عضو مجلس النواب، عن حزب الوفد الجديد، المقترح الخاص بإلغاء خانة الديانة من بطاقة المصريين، الذى أعلن عنه النائب علاء عبد المنعم عن حزب "دعم مصر" الأسبوع الماضى مؤكدًا مخالفته للدستور، والمجلس لديه أولويات أكثر من الاهتمام بمثل هذه الأمور الفرعية. وأضاف الزاهد ل"المصريون"، أن هذا الاقتراح الهدف منه إثارة البلبلة فى المجتمع المصرى، الذى يعيش منذ آلاف السنين فى استقرار دون تفرقة بين مسلم ومسيحى فى نسيج واحد، لافتًا إلى أن خانة الديانة لا تؤثر من قريب أو بعيد فى العلاقات بين وحدة الشعب المصرى، فضلاً عن إلغائها من البطاقة الشخصية مخالف للدستور- على حد قوله. وتابع أن المادة الثانية من الدستور، نصت على أن الشريعة المصدر الرئيسى للتشريع، وبالتالى الاقتراب من خانة الديانة وفق هذه المادة مخالف، مطالبًا النواب بضرورة الانشغال بما يهم المواطن وحياته المعيشية وليس الفرعيات التى تثير الجدل والانشقاقات دون أى فائدة إيجابية تعود على المواطن، موضحًا، أن مثل هذه الأمور لا داعى لها فى هذا الوقت، ومجلس النواب لديه الكثير من القضايا المهمة والخاصة بالمواطنين من مشكلات يومية مثل "التموين والكهرباء والمياه، الإسكان" التى يجب عليه أن يناقشها بدلاً من الاقتراحات التى تثير البلبلة بين أطياف الشعب المصرى. ولفت عضو مجلس النواب، إلى أن البرلمان لن يوافق على هذا الاقتراح، لأن مثل هذه المقترحات تشكل جدلاً واسعًا وإثارة للرأى العام، والشعب المصرى لديه كم من المشاكل اليومية التى تؤرقه، فالأولى مناقشه همومه ومشاكله على حد قوله. وأردف الزاهد، أن هذه الأمور لم تؤثر من قبل على مدار الزمان فى العلاقات بين عنصرى الأمة والنسج الواحد، بل بالعكس أن الأخوة الأقباط يتمتعون بمعاملة طيبة فى أقسام الشرطة والمصالح الحكومية، وذلك حتى لا يشعرون باضطهاد فى وطنهم. وفى سياق متصل قال النائب شرعى صالح، عن حزب "مصر بلدي"، أن إلغاء خانة الديانة من الأوراق الرسمية لن يكون هو الحل لترسيخ حقوق المواطنة، ونحن نعيش فى وطن واحد، وأن الدين لله والوطن للجميع على حد وصفه. وأضاف صالح ل"المصريون"، أن مجلس النواب لديه العديد من المشاكل، التى يجب أن يناقشها فى الوقت الحالى، وعدد من القضايا الأكثر إلحاحًا ويجب التصدى لها مثل تلوث الغذاء الذى هو مصدر الأمراض التى تقضى على المواطنين، وحوادث الحرائق التى انتشرت فى العديد من المحافظات بسبب الإهمال، فضلاً عن مشكلة العمالة المؤقتة التى باتت كالقنبلة الموقوتة التى قد تنفجر فى أى وقت على حد قوله وتابع أنه سيطلع على مقترح النائب علاء عبد المنعم، عند وصوله للجنة التشريعية، وسيدرسه جيدًا؛ حتى يكون فكرة شاملة عنه، لافتًا أن إلغاء خيانة الديانة من البطاقة الشخصية ألا يؤثر فى شىء وليس مشكلة. ومن جانبه قال الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومى لا يجوز فى المجتمع المصرى وخاصة أن الأكثرية من المسلمين، وسوف يسبب مشاكل اجتماعية كبيرة، وهى أمور شكلية لا تهم المواطنين بشكل كبير. وأضاف كريمة ل"المصريون"، إن الشعب المصرى يحتاج إلى توعيه وثقافة حقيقية لتأصيل المواطنة الفعلية، وإقامة العدالة الاجتماعية والمساواة بين أطياف الشعب وإتاحة الفرصة لمن لديه الكفاءة فى تولى المناصب والقيادة فى الوزارات والمصالح الحكومية بغض النظر عن المعتقدات والدين، وكان على نواب مجلس النواب مناقشة المواطنة الحقيقية على أرض الواقع بدلاً من الشكليات التى قد تؤدى إلى مشاكل اجتماعية كبيرة، وخاصة فى الأمور المتعلقة بالزواج والمواريث، لافتًا إلى ضرورة الغوص فى أعماق مسألة الطائفية بدلًا من الحلول الإدارية التى لا جدوى منها. وتابع كريمة، أن إلغاء خانة الديانة يصلح فى مجتمعات أخرى غير المجتمع المصري، يكون لديها تعليم وثقافة سليمة قائمة على حقوق المواطنة والعدالة بين فئات المجتمع، وخطاب دينى صحيح ولن يكون هناك خطاب دينى سليم إلا بعد تنفيذ المادة 7 من الدستور، التى تنص على أن الأزهر الشريف هو المسئول وحده عن الشأن الإسلامى فى مصر، وغلق الباب أمام من يريد هدم مؤسسة الأزهر الشريف بالفتاوى التى تطلق من الدعوة السلفية بين الحين والآخر، التى تحرم كل شيء، وتبث فتاوى تحث على ازدراء الدين المسيحى والتى أصبحت قنابل موقوتة تهدد جسد الوطن على حد قوله. ولفت، إلى أن جميع فتاوى الشيخ ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، تشير إلى ازدراء الشعائر المسيحية، فضلًا عن أنها تعد بمثابة بركان طائفى سيقضى على الأخضر واليابس على حد وصفه. وأشاد بدور "بيت العائلة"، الذى يضم أعضاء من علماء الأزهر الشريف وأئمة من وزارة الأوقاف ورجال دين وأساقفة من الكنيسة على مستوى عال من الوعى والتسامح والمسئولية، والذى يعمل على تحقيق التآخى الوطني، وترسيخ مفهوم المواطنة، ونبذ روح التفرقة والتعصب والخلاف، وتوحيد الصف، وقطع الطريق على من يريدون بث الفتنة بين أبناء الشعب المصرى الواحد. وطالب كريمة، بإقامة مشروع فكرى للدولة المصرية، يقوم على التوعية والثقافة والتعليم الصحيح بسماحة الأديان ونشر التسامح والمحبة فى المجتمع وعدم التمييز بين المواطنين، ويحث على تحقيق العدالة الاجتماعية بين المسلمين والمسحيين، مشددًا فى الوقت نفسه على ضرورة تجفيف منابع أفكار وفتاوى السلفية الهدامة التى تشعل نيران الفتنة بين عنصرى الأمة، و تساءل"ما الحل إذا ادعى شاب مسيحى أنه مسلم وقام بالزواج من فتاة مسلمة.. وبعد ذلك تبين حقيقة ديانته؟. كان النائب علاء عبد المنعم، المتحدث باسم ائتلاف "دعم مصر"، تقدم بمشروع قانون بشأن المواطنة وعدم التمييز يقترح فيه حذف الديانة من بطاقة الرقم القومي.