إلى رئيس البرلمان والسادة النواب. • الثقة التى أولاها شعب المحروسة لكم ليست بسبب القدرة على الحشد وإنما تنطلق أصلا من إيمانهم بقدرة الإسلام على إصلاح الحال فى الاجتماع والاقتصاد وسياسة المجتمع والناس ، واستمرار هذه الثقة مرتبط بمدى ما يحققه الحزب فى البلاد من تقدم ومدى رعايته للنهضة وتحقيقه لمطالب العدالة الأساسية ، ومن ثم وجب تحريك العقول لتخطط وتبرمج، وتحريك الهمم لبناء مصر ، أشعلها يا "سعد" ثورة فى الأفكار والتصورات والرؤى ، واجعل من وطنك واحة للحرية والكرامة والأمان ، اشعلها ثورة اقتصادية وصناعية وزراعية فى المعامل والحقول والجامعات، حول يا سعد سجون مصر إلى مزارع ومصانع ومعابد لإقامة الصلوات . • اْفتح المجال لرأس المال الشريف ليؤدى واجبه ، علِّم أثرياء مصر أن الله وضع أقوات الفقراء فى أموال الأغنياء، فما جاع فقير إلا بتخمة غنى ، ذكِّرهم بأن العشوائيات عورة وعار فى جبين كل المصريين عليهم أن يستروها ، وأنه ليس من الدين ولا من المروءة ولا من الخلق الشريف أن يأكل الإنسان ملء بطنه وأن يفرح ملء جوانحه وبجواره إنسان آخر يئن من المجوع ويفرط فى كرامته من أجل وجبة طعام أو أنبوب غاز. • حدث أبناء مصر وأطلق ألسنة الفقهاء والدعاة وأهل الفكر والرأى وكل الشرفاء فى مجال التوجيه وصياغة الرأى العام ليتحدثوا عن واجب الوقت ويفجروا طاقات الخير الكامنة فى أبناء مصر وستجد العجب العجاب ، ستجد الإيثار والتضحية والمرحمة تفيض بها أنهار مصر وشواطئها وشوارعها وحتى نجوعها وقراها فشعبنا طيب الأعراق . • علِّمهم يا "سعد" أن المسلمين والمسيحيين إخوان، وأن المصريين والعرب إخوان وأن العرب و شعوب الإنسانية إخوان، وأن سقف الأخوة أعلى وأعظم وأكثر عمقا واتساعا حتى من سقف المواطنة التى يتغنى بها البعض. • جدد فى الناس قيم المحبة والتسامى والتسامح والمرحمة وعلمهم أن الإخوان عدل ممدود الظلال ولا يزيد فيه نصيب قريب أو حسيب على نصيب غريب، أو بعيد كما لا يتميز فيه نصيب مؤيد على نصيب معارض. • علمهم يا سعد أن الإخوان خلق عظيم ومبادئ تنفع الناس وتقاوم الشر وتكافح الاستبداد وتكون فى المقدمة من مواكب التضحيات، وأنهم ليسوا فقط تنظيم سياسى أو دينى إنما هم تنظيم أخلاقى يرعى الحقوق ويعرف الواجبات ويقدر الكفاءات ويحب مصر ويضحى فى سبيلها، • علمهم يا سعد أن الاختلاف من أجل الوطن محمدة ، وأن وحدة الحقيقة لا تمنع من تعدد وجهة النظر إليها ، وأن "الشاطر" هو من ضحى ويضحى ،وأن مغانمه الأخلاقية أعظم من كل متاع الحياة، وأن السعيد الحق هو من يعيش فوق الحياة لا فيها ، فيتسامى بتضحياته ونبله وعطائه وشرف مبادئه . • ابدأ بشرفاء مصر وفى مقدمتهم خيرت الشاطر وكل الشطار فى مصر، وستجد روح الله فى فطرة الإنسان أسبق منك إليك ، ستلحظها فى كل البسطاء والخيريين من أهل مصر ،وسيقدمون لك أقواتهم ولو كانوا لا يمكلون غيرها إن احتاجت مصر إليها . • ضع يدك فى يد شيخ الأزهر ومفتى مصر والشرفاء من الأقباط ومن قساوسة الكنيسة ،واصنعوا لمصر ميثاق شرف وطنى لا تضيع معه الحقوق ولا يبتز فيه طرف طرفًا آخر ولا يخضع للمساومات ولا يستعدى الخارج على مصر، افعلها يا "سعد" لتُخْرِس كل الألسنة النشاز التى تتاجر بما يسمى حقوق الأقليات . • حفز يا "سعد" إرادة الناس تجاه العمل حتى تكتفى مصر ذاتيا وتنعتق من رق المعونات التى تخضع بسببها الإرادة لشروط الممول . • أنت تعلم يا سعد أن مصر بلد غنى لكن موارده منهوبة ومجهدة وفى مقدمة الموارد مواهب الإنسان فاستثمرها يا "سعد" وأطلق شعارك أن مصر تعيش اللحظة الحضارية الفارقة بين عصرين، وأنها تجاوزت بحمد الله لحظة الانكسار النفسى ، ولن تعيش الإحساس بالاستلاب الحضارى ولن تعود بعد اليوم لما كانت تعانيه من قهر وظلم واستبداد. • ذكرهم يا "سعد"بأن الليل قد انشق فجره وأن الظلام قد ولى وراح، وذكرهم بطبيعة العلاقة بين المركز والأطراف، وأن مصر هى مضغة القلب فإذا صلحت صلح الجسد العربى والإسلامى كله، وإذا لا قدر الله فسدت، فسد الجسد العربى والإسلامى كله. • ارسم خطتك لتستعيد المواهب المبعدة والقدرات المهدرة والطاقات المعطلة واجمعها كلها فى مشروع حضارى تتلاقى فيه وعنده كل إرادات الخير، تلاقيا حرا من أجل مصر لتبدأ مرحلة الصعود التلقائى . • اثبت لهم بوعيك ومواقفك أن الولاء للوطن قبل الولاء للحزب، وأنه أشمل وأعم من الانتماء الحزبى أو المذهبى. • تذكر يا "سعد" وذكر إخوانك فى المجلس وفى مصر كلها بأن فى المحروسة أيضا من التيارات التى لا تحب الله ورسوله ولا تكن للإسلام خيرا ، وهى تنتظر الفشل وتراهن عليه لتنطلق مرجفة فى المدن والقرى بما لا يجوز أن يقال ، ولتعلن شماتتها فى الشعب الذى اتهمته من قبل بالجهل والعبط وسوء الاختيار، والوعى الواجب يستلزم ألا يكون هناك خيارغير النجاح والإصرار عليه مهما كان الثمن، وسيساعدكم على ذلك الكامن الحضارى فى الشخصية المصرية ، فهى شخصية لديها من مكنون الإرادة ما يمكنها من تحدى الصعاب وتجاوزها إن وجدت من يستفزها ويوجه إرادتها ويستثمرها الاستثمار الأمثل، وتذكر يا "سعد" ولا تنس أن هذه الإرادة بنت الأهرامات قديما وأنجبت من الأبطال أحمس قاهر الهكسوس ومينا موحد القطرين، والليث بن سعد وأحمد عرابى والعقاد والرافعى وحسن البنا ومكرم عبيد ومحمد الغزالى ومتولى الشعراوى وأحمد زويل وفاروق الباز ومجدى يعقوب وعبد الوهاب المسيرى ومحمد عمارة، وأنها شخصية تستخرج اللقمة من فيها لتعطيها لآخرين إن شعرت أن الأثرة والشح قد اختفى، وأن للإيثار مكان فى النفوس . • تذكر يا "سعد" أن فى المحروسة من تجرع رغم أنفه مرارة فوزكم ، وكان طعمه علقما فى حلقه ولولا الملامة لكفر بالديمقراطية وبأبيها وأمها لأنها جاءت بكم ، وقد أعلن ذلك صراحة ، والوعى الواجب يقتضى أن نفوت عليه الفرصة وأن نستل حقده وألا نتركه حتى يموت غيظا وكمدا ، وتذكر يا سعد أن فرح المؤمنين بنصرالله لن يكون إلا إذا أكل المجتمع من زرعه وتداوى بدواء صنع فى مصانعه، وشعر الناس بالحرية والكرامة وحصلوا على شربة الماء النظيفة ولقمة الخبز الحلال من غير رشوة ولا غش. • ومن ثم وجب أن تكون هنالك خطط وبرامج معدة وإلا فإن الناس لن تصدق شعاراتكم إذا فشلت التجربة الحالية وسيتجرءون على إخراج ألسنتهم للإسلاميين شماتة وسخرية. فسدد يا سعد رميتك وسد ثغرتك ، واشدد همتك واحزم رباطك واحذر أن يؤتى الإسلام من قبلك ، واصبر يا "سعد" { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ ﴿الروم: 60﴾ ولك من أخيك خالص الدعاء . [email protected].