ما حدث ويحدث فى مونديال 2010 بجنوب أفريقيا ربما يثبت أن الجميلات وحدهن قادرات على الفيفا بجبروته ونفوذه منذ أيام جواو هافيلانج الذى اعتبر نفسه فى عام 1998 أقوى رجل فى العالم.. وراح يدلل على مدى نفوذه وقوته بسرد أسماء رؤساء وزعماء وقادة حرصوا على استقباله كرئيس للكيان الدولى الذى يتولى أمور اللعبة الأكثر شعبية. وهناك من الشواهد ما يثبت بسهولة أن سيب بلاتر الرئيس الحالى للفيفا أقوى من جواو هافيلانج. فالفيفا أصبح أقوى مما كان بعد أن ازدادت عولمة كرة القدم وتحولت اللعبة إلى صناعة هائلة ترتبط بها مصالح شركات عالمية عملاقة.. لكن ما يجرى فى المونديال الحالى يشير إلى أن الجميلات وحدهن بمقدورهن أن يفعلن ذلك. ولئن كان الفيفا شعر بقدر من القلق حيال قلة الأهداف فى الدور الأول من مونديال 2010 ووجود بعض المقاعد الخاوية فى الملاعب التى تقام عليها المباريات واحتجاجات من جانب بعض الحراس والعاملين فى شركات أمنية خاصة، فلابد أن يتضاعف القلق فى حالة أى مشاكل تهب من باب الجمال وما حدث من بعض الجميلات فى العرس الكروى العالمى عندما ظهرت ثلة من الفاتنات بالمينى جيب والميكروجيب البرتقالى المثير فى المدرجات، أثناء مباراة هولندا والدنمارك يفوق الخيال والتوقعات لدرجة أن لفيفا من المحامين رفعوا قضية عاجلة أمام قضاء جنوب أفريقيا دفاعاً عن الفضيلة والساحرة المستديرة معاً، بعد أن أكد أحد هؤلاء المحامين أن أغلب المشجعين فى المدرجات انصرفوا عن مجريات المباراة وراحوا يبحلقون بعيون نهمة صوب الجميلات المتشحات بسحر اللون البرتقالى، رغم أن الفصل الحالى فى الدولة المضيفة للمونديال هو فصل الشتاء. ويبدو أن المال يفسد بالفعل كل المتع البريئة لكرة القدم، خاصة فى عيد أعيادها الشهيرة بالمونديال.. فقد تبين أن الجميلات اللاتى اتشحن بالعرى البرتقالى فى بعض مباريات البطولة الحالية لكأس العالم هن مندوبات لبعض شركات الإعلان عن مشروبات، والمثير للاهتمام والتأمل حقاً أن الفيفا لم يهتم بأى شىء فى هذا السياق قدر اهتمامه بل غضبه البالغ لأن المعلنين لم يتفقوا سلفاً مع الاتحاد الدولى لكرة القدم على هذه الإعلانات التى تتوسل بالجمال والدلال الأنثوى لتشق طريقها إلى قلوب وعقول الزبائن ويسددوا للفيفا نصيبه. بل إن الفيفا لم يكترث أو يلق بالاً لدعاة الفضيلة ورافضى التبرج ليشن هجوماً عنيفاً على الجميلات اللاتى اتخذن من جمالهن سبيلاً لتحقيق مكاسب إعلانية فى مونديال 2010 دون أن يسددن المعلوم أو المقبول من المال للفيفا. وبلغ نفوذ الفيفا وتأثيره حداً دفع جنوب أفريقيا فى عام 2006 لسن قانون جديد فى سياق ترتيبات استضافتها لمونديال 2010 استهدف أساساً حماية ما سمى بحقوق الملكية الفكرية للفيفا وضمان نصيبه من كل الإعلانات أثناء العرس الكروى العالمى. هكذا شهد مونديال 2010 بجنوب أفريقيا انتفاضة غضب للفيفا ليس بسبب العرى غير المسبوق فى مدرجات الملاعب وإنما جراء ما اعتبره الاتحاد الدولى لكرة القدم تحايلاً انثوياً على الفيفا وتهربا من دفع نصيبه المعلوم مقابل الإعلانات فى العرس الكروى العالمى. وما كان للجمال أن يعدم أنصاراً وما كانت الجميلات ليقفن وحدهن فى مواجهة القوة العاتية للفيفا التى يعتبرها البعض أقوى من الأممالمتحدة ذاتها.. فها هى بعض الأقلام والأصوات القوية فى صحافة ووسائل الإعلام بجنوب أفريقيا تخرج مستنكرة قسوة الفيفا مع صاحبات الجمال والدلال. وفى خضم الدفاع عن الجميلات عمد بعض أصحاب الأقلام سواء فى الدولة المضيفة للمونديال أو غيرها من الدول لفتح الدفاتر القديمة والجديدة للفيفا التى حولت كرة القدم لتجارة وانتهكت براءة الساحرة المستديرة التى باتت فى نظر الفيفا مسألة ربح وخسارة بعيداً عن المتعة، والحديث عن شركات اضطر بعضها لدفع أكثر من مليار دولار للفوز بعقود تسمح لها بالإعلان عن منتجات متعددة ومتنوعة أثناء العرس الكروى العالمى الذى ترنو له كل عيون البشر بين أركان المعمورة الأربعة. ومن هنا راح البعض يعقد مقارنات طريفة وتبعث على الابتسام بين جشع الجميلات وجشع الفيفا.. فالجميلات اللاتى يهربن من دفع «الإتاوة» للفيفا مقابل وضع شعارات إعلانية على أزياء مثيرة وصارخة بكل المقاييس لا يمكن فى نهاية المطاف وضع أرباحهن من العرس الكروى العالمى فى أى مقارنة مع الأرباح التى حققها ويحققها الاتحاد الدولى لكرة القدم حيث تتوالى المؤشرات والأرقام مؤكدة أن الفيفا سيحقق فى هذا المونديال أرباحاً قياسية وغير مسبوقة فى أى بطولة كروية. ووسط جدل مثير للتأمل بين الفيفا وجميلات الإعلانات بدت كفة الجمال والدلال متفوقة على واحد من أكثر الكيانات الدولية قوة ونفوذاً فى عالم اليوم.. ففى مقابل إصرار الاتحاد الدولى لكرة القدم على أنه متمسك بحماية حقوقه التسويقية رأى أصحاب أقلام فى جنوب أفريقيا وقد رقت قلوبهم لتلك الجميلات أن الأمر ليس حماية لحقوق تسويقية وإنما هو جشع غير مسبوق وشهية مفتوحة أبدا للمال وأوراق البنكنوت. ومع أن جميلات الإعلانات فى مونديال 2010 هن بالتأكيد جزء من ظاهرة تثير حزن الكثير من عشاق فنون المستطيل الأخضر الذين يشعرون باستياء حيال تحويل كرة القدم إلى تجارة وانتهاك براءة الساحرة المستديرة وتحويلها إلى منظومة من منظومات السوق، فإنه فى حكم المؤكد أيضاً أن الجميلات أثبتن مدى نفوذهن فى مواجهة الكيان الذى يفخر بنفوذه وقوته وتأثيره فى عالم اليوم. يستطيع الفيفا فيما يبدو أن يفرض كلمته على دول وفرق وأن يفرض شروطه على أى دولة ترغب فى استضافة العرس الكروى العالمى، وبمقدوره أن يعولم كرة القدم وأن يتحدث بجرأة وثقة عن الحقائق الجديدة التى جعلت الساحرة المستديرة بل الرياضة ككل منظومة فرعية تابعة لمنظومة السوق، غير أن للفيفا أن يحسب حساباته جيداً عندما يتعلق الأمر بصاحبات الجمال والدلال.. فيا سدنة الفيفا، رفقاً بالجميلات وإلا...