اليوم، انعقاد الجمعية العمومية للمحاكم الإدارية العليا    أولياء الأمور يرافقون أبنائهم في أول يوم دراسة بالمنوفية- فيديو    25 مليون طالبًا وطالبة ينتظمون بجميع مدارس الجمهورية اليوم    بالورود والأناشيد.. تلاميذ قنا يستقبلون وزير التعليم مع بداية العام الدراسي الجديد    أسعار الدواجن اليوم تتراجع 3 جنيهات في الأسواق    بعلو منخفض.. تحليق مكثف للطيران الحربي الإسرائيلي في لبنان    المصري في مهمة صعبة أمام الهلال الليبي بالكونفدرالية    موعد مباراة مانشستر سيتي وأرسنال في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    "قصات الشعر الغريبة والبناطيل المقطعة"، التعليم تحذر الطلاب في ثاني أيام الدراسة    تجديد حبس المتهمين باحتجاز أجنبي وأسرته لسرقته في الجيزة    مدير أمن البحر الأحمر يتفقد الحالة الأمنية والمرورية بالغردقة مع بدء العام الدراسي الجديد    رفع درجة الاستعداد بالموانئ بسبب ارتفاع الأمواج    التنظيم والإدارة يعلن الاستعلام عن موعد المقابلة الشفوية للمتقدمين في 3 مسابقات    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    "دعونا نواصل تحقيق الإنجازات".. كولر يوجه رسالة لجماهير الأهلي    عبد العاطي يلتقي السكرتيرة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة إسكوا    أحداث الحلقة 1 من مسلسل «تيتا زوزو».. إسعاد يونس تتعرض لحادث سير مُدبَّر    ساعات برندات وعُقد.. بسمة وهبة تكشف كواليس سرقة مقتنيات أحمد سعد في فرح ابنها (فيديو)    أسعار الخضروات اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024 في الأقصر    الشيخ أحمد ترك لسارقي الكهرباء: «خصيمكم 105 ملايين يوم القيامة» (فيديو)    موجود في كل مطبخ.. حل سحري لمشكلة الإمساك بمنتهى السهولة    النائب إيهاب منصور: قانون الإيجار القديم يضر بالكل.. وطرح مليون وحدة مغلقة سيخفض الإيجارات    اليوم.. إسماعيل الليثي يتلقى عزاء نجله في «شارع قسم إمبابة»    نيكول سابا ومصطفى حجاج يتألقان في حفلهما الجديد    الإعلان عن نتيجة تنسيق جامعة الأزهر.. اليوم    والدها مغربي وأمها جزائرية.. من هي رشيدة داتي وزيرة الثقافة في الحكومة الفرنسية؟    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    حرب غزة.. مستشفى شهداء الأقصى يحذر من خروجه عن الخدمة خلال أيام    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    قبل فتح باب حجز شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. الأوراق المطلوبة والشروط    «الصحة»: متحور كورونا الجديد غير منتشر والفيروسات تظهر بكثرة في الخريف    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 10 صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل    أسامة عرابي: لاعبو الأهلي يعرفون كيف يحصدون كأس السوبر أمام الزمالك    زلزال بقوة 6 درجات يضرب الأرجنتين    ثقف نفسك | 10 معلومات عن النزلة المعوية وأسبابها    عاجل- أمطار ورياح.. تحديثات حالة طقس اليوم الأحد    بعد ارتفاعها 400 جنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة (بداية التعاملات)    حزب الله يستخدم صواريخ «فجر 5» لأول مرة منذ عام 2006    أحمد فتحي يوجه رسالة مؤثرة إلى جماهير الأهلي بعد اعتزاله.. ماذا قال؟    بلان يوضح سر خسارة الاتحاد أمام الهلال في الدوري السعودي    أمامك اختيارات مالية جرئية.. توقعات برج الحمل اليوم ألحد 22 سبتمبر 2024    اليوم.. محاكمة مطرب المهرجانات مجدي شطة بتهمة إحراز مواد مخدرة بالمرج    أضف إلى معلوماتك الدينية | حكم الطرق الصوفية وتلحين القرآن.. الأبرز    حقيقة تلوث مياه الشرب بسوهاج    وزير الخارجية: نرفض أي إجراءات أحادية تضر بحصة مصر المائية    خالد جاد الله: وسام أبو علي يتفوق على مايلي ومهاجم الأهلي الأفضل    لماذا ارتفعت أسعار البيض للضعف بعد انتهاء أزمة الأعلاف؟ رئيس الشعبة يجيب    نشأت الديهي: الدولة لا تخفي شيئًا عن المواطن بشأن الوضع في أسوان    مش كوليرا.. محافظ أسوان يكشف حقيقة الإصابات الموجودة بالمحافظة    محمد حماقي يتألق في حفل بالعبور ويقدم «ليلي طال» بمشاركة عزيز الشافعي    ثروت سويلم يكشف سبب سقوط قاعدة درع الدوري وموعد انطلاق الموسم الجديد    اندلاع حريق بمحال تجاري أسفل عقار ببولاق الدكرور    احذر تناولها على الريق.. أطعمة تسبب مشكلات صحية في المعدة والقولون    نشرة التوك شو| انفراجة في أزمة نقص الأدوية.. وحقيقة تأجيل الدراسة بأسوان    5 أعمال تنتظرها حنان مطاوع.. تعرف عليهم    خبير لإكسترا نيوز: الدولة اتخذت إجراءات كثيرة لجعل الصعيد جاذبا للاستثمار    قناة «أغاني قرآنية».. عميد «أصول الدين» السابق يكشف حكم سماع القرآن مصحوبًا بالموسيقى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بئس الأحفاد: حتى الملك «توت عنخ آمون» باعوه فى المزاد السرى

كان الفساد -ولا يزال- أحد الأمراض الخطيرة التى تنهك مصر وتلحق أضراراً فادحة بها على المستويات كافة، لكن المشكلة الأخطر هى أن هذا الفساد قد استشرى واستفحل وتوحش فى مصر فى السنوات الأخيرة حتى أصبح يمثل «مؤسسة» سائدة، إن لم يكن أكبر المؤسسات قاطبة وأكثرها تأثيراً وسطوة وتحكما فى السياسة والاقتصاد ومنظومة القيم الاجتماعية والثقافية.
وفى ظل هذا المناخ الملوث وصل الفساد إلى العبث حتى بأسماء أجدادنا الذين تركوا لنا أعرق حضارة عرفتها البشرية وجئنا نحن الأحفاد لنهدرها ونسىء لها. فها هو الملك «توت آمون» يتحول على أيدينا من رمز ملهم إلى عنوان لفضيحة مخجلة.
فقد أصبح «توت آمون» فى مطلع الألفية الثالثة بعد الميلاد اسماً لقرية سياحية قام نفر من المصريين المعاصرين بالتلاعب بها والعبث بمقدراتها فى واحدة من عمليات الفساد الأكثر قذارة ووقاحة.
وتفاصيل هذه الفضيحة معروفة ولا داعى للت والعجن فيها. لكن هذه الفضيحة ليست كباقى عمليات الفساد الكثيرة.
صحيح أن لها أوجه تشابه كثيرة مع فضائح الفساد السابقة.
لكن الجديد هو ما كشف عنه النقاب الدكتور جودت الملط، رئيس أهم جهاز من أجهزة الرقابة المصرية قاطبة، حين فجر مفاجأة مدوية فى مداخلة تليفزيونية نادرة، هى بالأحرى المداخلة الأولى والوحيدة له حتى الآن، حين اتصل بالإعلامية المعروفة منى الشاذلى فى إحدى حلقات برنامجها الشهير «العاشرة مساءً»، وكان لى شرف الاشتراك بها.
مفاجأة جودت الملط هى أن الجهاز المركزى للمحاسبات اعترض على بيع قرية «توت آمون» السياحية فى المرتين اللتين تقرر فيهما بيعها.
المرة الأولى تم الاعتراض لأن الشركة التى فازت بالمزاد «العلنى» لم تكن شركة بالمعنى الفعلى، بل كانت مجرد «شركة تحت التأسيس»، ورغم أن هذه الصفة الأخيرة تجعلها غير مؤهلة قانونيا لدخول المزاد فإن من بيدهم الحل والعقد ضربوا عرض الحائط باعتراض الجهاز المركزى للمحاسبات!
والمرة الثانية اعترض الجهاز المركزى للمحاسبات على البيع لأسباب أكثر، حيث تم غض النظر عن اللجوء إلى نظام المزاد العلنى واستبداله بنظام «القائمة المختصرة» التى تتيح لثلاث شركات فقط تقديم عروض لشراء «توت آمون»، وتم قبول العرض الذى تقدمت به إحدى الشركات المحظوظة الثلاث رغم أن القيمة كانت أقل من قيمة البيع الأول، ورغم أن التقييم ذاته كان موضع اعتراض الجهاز المركزى للمحاسبات والمشكلة الإضافية فى هذا البيع الثانى أن الشركة المشترية يشارك بالحصة الأكبر من ملكيتها وزيران، أحدهما سابق والثانى حالى، هما محمد لطفى منصور وأحمد المغربى.
ولا أحد يسعده التشكيك فى ذمة أى من الرجلين، لكنهما هما اللذان وضعا نفسيهما موضع الشبهات بدخول الشركة التى يمتلكان الحصة الأكبر منها فى هذه الصفقة.
فهذا من شأنه أن يعطى للرأى العام الحق فى التساؤل عما إذا كان إرساء العطاء على شركتهما ينطوى على شبهة «مجاملة»، إن لم يكن استغلال نفوذ، ناهيك عن مخالفة للدستور الذى يحظر على الوزراء التعامل بالبيع أو الشراء مع جهات حكومية.
لكن الجديد أيضاً – بعد كشف النقاب عن الصفقة -أن أحد أكبر الرؤوس فى الشركة التى اشترت «توت آمون» لم يكتف «بالدفاع» عن الصفقة المثيرة للجدل، بل انتقل إلى «الهجوم»، وكان هجومه على أكثر من مستوى.
فقد هاجم ياسين منصور، رئيس شركة «بالم هيلز»، كل من يتحدث عن «تعارض المصالح» الذى تنطوى عليه هذه الصفقة، قائلاً إن من يقول ذلك لا يصدق أن هناك «أناساً محترمين» فى هذا البلد.
وهاجم منافسيه فى جماعة البيزنس المصرية قائلاً إن شركته لا تنهب –مثل غيرها– قروض البنوك، ولا تعمل –مثل غيرها– فى تجارة السلاح.
الجدير بالملاحظة هنا هو أن تعارض المصالح لم يعد تهمة، أو على الأقل لم يعد موضع جدل، وإنما أصبح مبرراً وقيمة «إيجابية» يجب علينا أن نقبلها وأن «نبوس» إيدينا «وش وضهر» لمن يضرب بها عرض الحائط. بل يجب أن نهنئ أنفسنا لمجرد قبول أحد الناجحين فى البيزنس الخاص تولى وظيفة عمومية.
الجديد كذلك أن صفقة «توت آمون» قد كشفت النقاب عن «سياسة» جهنمية تتلخص فى منظومة متكاملة من الإجراءات البيروقراطية التى يتم انتهاجها، عمداً، من أجل تحويل مؤسسات أو شركات ناجحة إلى وحدات خاسرة من أجل تحقيق هدفين:
الأول هو خلق ذريعة ل «خصخصة» هذه الوحدات الرابحة.
والثانى هو أن يكون بيع هذه المؤسسات أو الشركات ب «تراب الفلوس» بعد اللجوء إلى آليات تفتقر إلى الشفافية، للتقييم المجحف لها استناداً إلى أن يكون أساس التقييم هو الاحتكام إلى فترة الانحسار والخسارة «المتعمدة».
وهذا ما حدث بالضبط مع «توت آمون» التى أكدت مداخلة جودت الملط أنها كانت تحقق أرباحاً طائلة، ثم تم التضييق عليها كى «تخسر» مع سبق الإصرار والترصد.
ويبدو أن هذا لم يقتصر على «توت آمون» بل كان «وصفة» عامة تم العمل بها فى كثير من صفقات الخصخصة التى احتار الناس فى فك ألغازها.
إنه إذن نهب مصر وبيعها بالجملة والقطاعى. وهو نهب وصل إلى التلاعب بأكثر من 2.5 مليون فدان من أراضى الدولة، وإهدار الكثير من أصولها.
وكل ذلك تم بالتواطؤ بين بيروقراطيين فاسدين كبار وبين طفيليين من جماعات بيزنس يريدون تحقيق أكبر أرباح فى أقصر وقت دون تحقيق أى قيمة مضافة للاقتصاد الوطنى، فى ظل معادلة خلاصتها «باع من لا يملك إلى من لا يستحق».
لكن الجديد أيضاً فى هذه الصفقة تدخل رئيس الجمهورية شخصياً وإصدار توجيهاته بإيقاف البيع، والتشديد على أن يكون أى تصرف مستقبلى بحق الانتفاع وليس بالبيع.
وأغلب الظن أن هذا التدخل من جانب الرئيس مبارك –الذى لا يتخذ فى العادة قراراته بسرعة– يعنى أن المعلومات المتاحة لديه عن هذه الصفقة مروعة، وأن المعلومات المتراكمة لديه عن سلبيات وعورات كثير من الصفقات الأخرى جعلته يقرر استبدال البيع بحق الانتفاع فى محاولة لفرملة هذا الفساد المستفحل.
وهذا تطور مهم.. لكنه لن يكتمل ولن يمثل ضربة حقيقية للفساد دون محاسبة كل من له علاقة بهذه الفضيحة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كما أن هذه التوجيهات الرئاسية لن تؤتى ثمارها دون وضع آليات محددة لتجنب تعارض المصالح وإجهاض الزواج الفاسد بين السياسة والمال، ودون توفير أسس الشفافية والإفصاح.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.