أثار قرار الحكم المالى كومان كوليبالى بإلغاء هدف موريس إيدو، لاعب المنتخب الأمريكى، فى مرمى سلوفينيا خلال لقاء الفريقين بالجولة الثانية لمباريات المجموعة الثالثة بكأس العالم، حالة من اللغط الشديد فى الأوساط الأمريكية اعتراضا على حرمان منتخب بلادهم من نقطتين مهمتين فى مشوار التأهل إلى دور ال 16 للمونديال بعد أن تعادلت مع سلوفينيا بهدفين لكل فريق ليظل رصيدها نقطتين فقط. وقالت صحيفة «فورين بوليسى» الأمريكية: جماهير الولاياتالمتحدة سيجدون الكثير من المبررات لشكوكهم التى شعروا بها عقب مشاهدتهم انتزاع الفوز منهم بواسطة الحكم كوليبالى بطريقة «مشبوهة»، ولكن لا يوجد ما يدعو الجماهير للملل من متابعة الرياضة بسبب القرارات التعسفية من الحكام، التى قد تغير نتائج المباريات، لأن وجود بعض الحكام الفاسدين، وكذلك اعتماد بعض اللاعبين على الغش وكسرهم قواعد اللعبة فى المباريات تعد جزءاً لا يتجزأ من كرة القدم العالمية، وأصبحت نوعاً من الاستمتاع مشاهدة بعض الفرق تقوم بهذا الغش فى الملعب للتعلم منها. ونقلت الصحيفة عن هنرى كيسينجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق قوله الشهير إن المنتخبات الكروية تعكس ما يطلق عليه فى السياسة «الشخصية الوطنية» ولتدعيم الشعور الوطنى الذى يستغل سياسيا، إلا أن الصحيفة اعتبرت هذا المقياس غير منطقى بناء على القياس العلمى لعدم تساوى المعايير، وبالتالى عدم القدرة على المقارنة بين «الشخصية الوطنية» وكرة القدم، ولكن هناك عنصراً واحداً فقط قابل للقياس والمقارنة بين هذه الجزئية السياسية وكرة القدم ألا وهو عامل «الفساد». وأوضح تقرير «فورين بوليسى» أنه وفقاً لمؤشر منظمة الشفافية الدولية يوجد الكثير من قضايا الفساد المرتبطة بكرة القدم، فمثلا شهدت الأشهر الأخيرة تحقيقات فى قضية فساد، وكذلك ما حدث فى كرة القدم الإيطالية، فضلا عما تحفل به مباريات كرة القدم من خروج اللاعبين عن القانون. ووفقا لإحصائيات فى البلاد فإن فرق كرة القدم القادمة من أمريكا الجنوبية ومن جنوب أوروبا تكون أكثر ميلا إلى الخداع والفساد فى عالم كرة القدم، وفى الحقيقة أن الأرجنتينيين والإيطاليين سواء لاعبين أو جماهير يمتلكون القدرة على الاحتيال فى الملعب ويخرقون القواعد مادام الحكم لا يراهم. ويتعمد اللاعبون والجماهير فى هذه البلدان القيام بإهدار الوقت فى الخدع الذكية والتمثيل كالسقوط فى منطقة الجزاء للحصول على ضربة جزاء دون وجه حق، والموافقة على هذه العادات تعد جزءاً من المباراة، وفى أمريكا الجنوبية تظهر تكتيكات مثل الجذب من القمصان، وليس من الغريب أن يكون لاعبون أمثال مايكون ولوسيو البرازيليين والأرجنتينى والتر صامويل قادوا فريقهم إنتر ميلان الإيطالى للفوز بدورى أبطال أوروبا مع اعتيادهم على مثل هذه العادات، حتى أصبحت المقولة الدقيقة لهذه المباريات «لا تكذب لكن لا تقل الحقيقة كلها». ولعل حالة اللامبالاة لدول أمريكا الجنوبية تحديدا تجاه قواعد كرة القدم قادتهم عام 1986 إلى لقب كأس العالم على أراضى المكسيك، عندما استخدم دييجو أرماندو مارادونا يده لتسجيل هدف فى مرمى إنجلترا فى طريقهم للظفر باللقب، وصرح بعد اللقاء بأن «يد الله» هى التى أحرزت الهدف. وهناك مثال آخر على الغش فى عالم كرة القدم، وهو وجود المنتخب الفرنسى فى كأس العالم بجنوب أفريقيا رغم قيام تييرى هنرى بلمس الكرة بيده لتسجيل هدف التعادل مع أيرلندا، ورغم اعتراف هنرى بعد المباراة بلمس الكرة بيده فإن الصحف الأيرلندية وصفته ب«الغشاش» لأنه لم ينبه الحكم أثناء المباراة أو بعد اللعبة مباشرة لما قام به، وتوجد أيضا العديد من هذه المخالفات التى يسمح بها فى المباريات بألمانيا وبريطانيا. وأوضحت «فورين بوليسى» أن هناك جذوراً تاريخية مرتبطة بالسياسة فى قضايا الفساد على غرار الرياضة، بدليل مبررات الدول الاستعمارية الأوروبية لاحتلال الدول النائية. وتوقعت الصحيفة أن تنتشر قضايا الغش الرياضى فى ملاعب الدورى الأمريكى لكرة القدم بعد انتشار قضايا الغش السياسى على غرار تورط أحد نواب الكونجرس الأمريكى، وهو جاك أبراموف، فى قضايا فساد بشركة جولدمان ساكس، وعلينا أن ننتظر لاعبينا يسقطون داخل منطقة الجزاء ويجذبون بعضهم من القمصان. وقالت: كما شاهدنا فى مباراة سلوفينيا مع منتخبنا فإن التحكيم فى المباريات هو فن وعلم قد يعكس الشخصية الوطنية أو المجتمعية، فمثلا حكام شمال أوروبا يبذلون أقصى جهد لعدم خرق القانون وخروج المباراة نظيفة دون مخالفات ولا يخجلون من إظهار الاحترام للفرق الكبرى، فى حين أن حكام أمريكا اللاتينية يعتمدون على سير الكرة بشكل أكبر دون توقف، أما فى إيطاليا فظهر الحكام مهتزين بسبب قضايا الرشوة التى تورط فيها بعضهم قبل سنوات، حتى فقدت الجماهير الثقة فيهم. وهو نفس المعيار الذى ينطبق على الحكم كوليبالى الذى أدار مباراتنا مع سلوفينيا، فبلده مالى تحتل الرقم 111 على مؤشر منظمة الشفافية الدولية، وبالتالى على الجماهير أن تتقبل قراراته وفقا لمرجعيته المجتمعية.