حظيت أزمة «أسطول الحرية» بشكل خاص والقضية الفلسطينية بشكل عام على اهتمام كبير من الفريق الإعلامى العربى الذى دعاه معهد الحوار الدنماركى المصرى لزيارة كوبنهاجن، على الرغم من أن البرنامج المزدحم للرحلة كان خالياً تماماً من تغطية هذه الأنشطة. يوم الخميس 3 يونيو، شهدت ساحة البلدية فى الدنمارك أو «سيتى هول» مظاهرة حاشدة للتضامن مع الفلسطينيين المحاصرين فى قطاع غزة، وللتنديد بمهاجمة إسرائيل أسطول الحرية، وقتل عدد من الناشطين الأتراك والأوروبيين، وكان اللافت فى المظاهرة التى شاركنا فيها، هى زيادة عدد الأعلام التركية، وكذلك اللافتات المؤيدة لرئيس الوزراء رجب طيب أردوجان، حتى إنها كانت أكثر من اللافتات الفلسطينية نفسها، وفسر عدد من العرب الأمر لنا بأن عدد الأتراك ونفوذهم أكثر هنا، وهم متفقون، على اختلاف انتمائهم السياسى، مع سياسات أردوجان فى هذه القضية، على العكس من العرب المشككين فى مواقف حكامهم. وكان تواجد العائلات الفلسطينية ملمحاً واضحاً فى المظاهرة.. أطفال وبنات محجبات بالكوفيات الفلسطينية، واللافت أيضا فى المظاهرة هو مضمون اللافتات المكتوب باللغة الدنماركية، التى قامت دارسة مصرية اسمها نورا عثمان وشاب فلسطينى بترجمتها لنا، وعلمنا أن اللافتات تصف نتنياهو بالإرهابى، وتدعو لإنهاء الحصار على غزة، وحملت العديد من الشعارات، منها «النهاية لإسرائيل» و«فلسطين الحرة»، بالإضافة إلى دعوات بأهمية مقاطعة المستعمرات الإسرائيلية ومنتجاتها، وكذلك سحب الاستثمارات الدنماركية منها. ودعا عدد من السياسيين الدنماركيين خلال المظاهرة، ومعظمهم من اليسار أو حزب الشعب الاشتراكى، إلى فتح قطاع غزة أمام المساعدات، وأهمية إنهاء المستوطنات فى الأرض الفلسطينية، وشارك أحد العمد الستة لكوبنهاجن فى المظاهرة بإلقاء كلمة، قال فيها إن الحصار لم يعد مقبولاً وأنه مع إقامة دولة فلسطينية، تضمن حياة كريمة لمواطنيها. لكن روح المظاهرة كانت غائبة إلى حد ما عن لقاءاتنا مع عدد من المسؤولين الرسميين الذين اكتفوا باللغة التقليدية حول القضية، فعمدة الاندماج فى كوبنهاجن أكد فقط تفهمه للمطالب الفلسطينية. أما موجين بلوم المسؤول فى وزارة العلاقات الخارجية، فاكتفى بالإشارة إلى تقديم بلاده لنحو 250 مليون كورونة سنويًّا لدعم السلطة الفلسطينية، وذلك فى إطار استعراضه لبرنامج الشراكة الدنماركى العربى، فى المقابل فإن الشابة المصرية ريهام شبل سجلت موقفا لافتا لتعزيز رؤيتها حول القضية الفلسطينية، والحصول فى المقابل على تصور واقعى حول تعامل نظام ليبرالى أوروبى مع مجموعة من الشباب العربى وأسئلتهم المباشرة والصريحة حول إسرائيل وحكومة نتنياهو والموقف من القضية الفلسطينية. ريهام حاصلة على عدة شهادات علمية، أبرزها درجة الماجستير فى الحضارة العربية والإسلامية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وهى وخمسة مصريين آخرين بينهم محمد خالد مصور الفيديو لموقع «المصرى اليوم»، شاركوا فى برنامج تدريبى إضافة إلى 24 عربيا ودنماركيا لمدة أسبوعين. البرنامج كان عبارة عن معايشة ممتدة بين الشباب، ورؤاهم المختلفة حول قضايا الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية والحريات الشخصية، وفى ختام هذا البرناج يوم الجمعة 4 يونيو كان وزير التنمية سورين بيند على موعد مع الشباب، وذلك من خلال مناقشة مفتوحة حول الحرية والتنمية، وهو ما شارك فيه الفريق الإعلامى. ومساء الخميس، نبه منظمو الدورة التدريبية على الشباب بعدم التطرق إلى إسرائيل والقضية الفلسطينية، وكذلك عدم إثارة مسألة «أسطول الحرية»، قالت ريهام: «كانت مناقشاتنا جريئة مع بعضنا البعض فسألت نفسى لماذا لا أوجه سؤالاً حول الموقف الدنماركى الرسمى مما يجرى»، وأضافت: «وقفت فى وجه هذه التعليمات، وكنت أكثر صراحة فى تناول المواقف الإسرائيلية المتشددة، وقررت أن أحضر الجلسة الختامية مع وزير التنمية، ولكن مع تقديم رسالة احتجاج ظاهرة للجميع». وكان من اللافت أن تجلس ريهام فى مكان بارز حول الطاولة الدائرية التى ازدحمت بعدد من المسؤولين الدنماركيين وبالمنظمين وبالفريق الإعلامى العربى وقد أغلقت فمها تماما بنوع من اللاصقات الطبية وبينما كبلت يديها بالكوفية الفلسطينية وذلك طوال محاضرة وزير التنمية وخلال إجاباته على أسئلة الشباب. ولاقى هذا السلوك استحسان جميع زملائها وغالبية الحضور، فيما قدم منظمو اللقاء مبررات عديدة لها ولباقى زملائها، تتمثل فى أن الوزير غير مختص بهذا الموضوع، وأن وزيرة الخارجية هى المخولة بالإجابة على أسئلة من هذا النوع.