هل عشت أياماً صعبة فى حياتك؟!.. هل سألت نفسك فى يوم من الأيام هل نحن كمصريين قادرون على تنظيم أحداث عالمية كبيرة أم أن مشاكل الحياة تدفعنا للتشاؤم؟! ونحمد الله أننا لم ننظم كأس العالم. قبل حضورى لجنوب أفريقيا سألت أحد أصدقائى.. هل كان من الأفضل لنا تنظيم المونديال ونستفيد من مزاياه على جميع الأصعدة خاصة الاقتصادية. فوجدته يقول لى «الحمد لله أننا لم ننظم كأس العالم لأننا حتماً كنا سنفشل لأسباب كثيرة جداً منها زحام الشوارع وعشوائية المرور ومشاهد الاعتصامات الدائمة أمام مجلس الشعب، والتلوث، ناهيك عن مخالفات اتحاد الكرة ومشاكل الأندية والفوضى السائدة عندنا». كلام صديقى جعلنى أسأل نفسى: هل جنوب أفريقيا ليس بها مشاكل.. هل ستكون قادرة على التنظيم أم أن البطولة الأولى التى ستستضيفها القارة السمراء ستكون الأولى والأخيرة؟! بصراحة كنت متشائماً قبل السفر إلى جنوب أفريقيا لتحليل المباريات فى قناة «الجزيرة»، وتخوفت كثيراً من أن تفشل أفريقيا فى تنظيم المونديال، لكن كل هذه المخاوف زالت بمجرد أن وطئت قدماى مطار جوهانسبرج، فالواقع هنا يجعلك تتفاءل.. الاستقبال بحفاوة.. والابتسامة تعلو الوجوه من الطفل الصغير إلى الرجل والمرأة العجوز.. الكل لا يتحدث سوى جملة واحدة «بافانا.. بافانا».. الكل يرتدى تى شيرت جنوب أفريقيا.. شعرت بأن جنوب أفريقيا كلها تكاتفت لإنجاح المونديال.. صحيح أنها قد تواجه بعض المشاكل التى ستعكر الصفو لكنها لن تؤثر بإذن الله على التنظيم ولا على نجاح البطولة، كل هذا جعلنى أوافق على الفور على دعوة «المصرى اليوم»، تلك الجريدة التى أفضلها، وأشكر كل القائمين عليها لإتاحتهم الفرصة كى أنقل للقراء كل ما يحدث فى المونديال عبر صفحاتها المميزة.. سأكون معكم يومياً أنقل لكم كل ما يحدث من كواليس المونديال.. وأحلام النجوم.. وتطلعات شعب ال«بافانا.. بافانا»، فلن أقتصر على التحليل الفنى فقط، فقد عزمت على أن أستفيد من المونديال.. ليس فى كرة القدم فقط، وإنما بالتعرف على الحضارات المختلفة والثقافات المختلفة لنؤكد أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، وإنما تعمل على ترابط الشعوب وتحسين العلاقات بين الدول، وكما تعودتم فى «المصرى اليوم» لن تكون هناك خطوط حمراء، ولن أخجل من فتح ملفات بعيدة عن الرياضة وكرة القدم. وصلت مطار جوهانسبرج فى السادسة من صباح الخميس.. أى قبل انطلاق المونديال بساعات.. ووجدت شاباً بهرنى من شدة عشقه لبلده.. فهو يرتدى «تى شيرت» البافانا.. ورسم على جبهته علم بلاده.. ويمسك بيده صورة لنجم منتخب الأولاد ستيفان بينار المحترف فى إيفرتون الإنجليزى.. فتحدثت معه.. ووجدته على ثقة من أن منتخب بلاده سيتأهل للدور الثانى للمونديال، وسيقدم عروضاً قوية، وسيكون له دور بارز فى البطولة.. وبعد أن تركته سألت نفسى هل تصنع الكرة الأفريقية مجداً جديداً لها أم أن الأمر سيقتصر على التمثيل المشرف؟! فهذا المونديال من وجهة نظرى اختبار للقارة السمراء على المستوى التنظيمى والفنى أيضاً.. فلماذا لا نكسر الرقم القياسى الذى حققه منتخب الكاميرون فى مونديال 90 بالوصول لدور الثمانية، خصوصاً أن الأوضاع حالياً مختلفة عن البطولات السابقة؟! فنجوم القارة السمراء يلعبون لأكبر الأندية فى العالم ويحتكون بنجوم أوروبا، ويشاركون فى بطولات الأندية الأوروبية، صحيح أن غانا سيغيب عنها إيسيان نجم تشيلسى الإنجليزى، كما سيغيب ميكيل أوبى عن نيجيريا وهو أحد لاعبى تشيلسى أيضاً، لكن هذا لا يمنع من ظهور بدلاء جدد ونجوم جدد للقارة السمراء مثلما حدث مع محمد ناجى «جدو» الذى تألق مع منتخب مصر فى أمم أفريقيا الأخيرة، ولكن المشكلة التى تواجه المنتخبات الأفريقية أنها وقعت مع منتخبات قوية تتميز بالسرعة والقوة والمهارة، فجنوب أفريقيا ستواجه قوة فرنسا وأورجواى والمكسيك، أما نيجيريا فهى الأوفر حظاً لأنها ستواجه منتخباً قوياً واحداً هو الأرجنتين، بينما تستطيع تخطى كوريا الشمالية واليونان، أما الجزائر فستواجه منتخبى إنجلترا وأمريكا اللذين يتسمان بالقوة والأداء الجماعى، ونفس الأمر بالنسبة لغانا التى ستواجه طموحات الماكينات الألمانية ورغبة منتخب صربيا فى التأهل للمونديال، ونفس الأمر بالنسبة للكاميرون التى ستواجه الطاحونة الهولندية والمنتخب الدنماركى المرشح لأن يكون الحصان الأسود، أما الاختبار الصعب فسيكون للمنتخب الإيفوارى الذى سيواجه المرشح الأول للبطولة، وهو منتخب البرازيل، ولكن نصيحتى لهم أن يشاهدوا مباراة منتخبنا المصرى أمام البرازيل فى بطولة القارات لأنها ستفيدهم ليس فى كيفية مواجهة فريق كبير بحجم البرازيل، وإنما لمعرفة السرعة فى الأداء والقدرة على التعويض والواقعية فى الأداء. ■ بالمناسبة.. التقيت العديد من جماهير البافانا وسألونى عن منتخب مصر وأبدوا حزنهم من عدم تأهله للمونديال. ■ رغم أن المونديال يكون دائماً فرصة للاستفادة المالية، لكن حكومة جنوب أفريقيا قررت توفير المياه وشرائح التليفون المحمول مجاناً، وغداً سنجيب عن السؤال الشائك: هل سنشجع الجزائر فى مباراة الغد أم سنتمنى خسارتها أم أننا لن نهتم بمواجهتها الأولى مع سلوفينيا؟!
