خبر تعاقد النادى الإسماعيلى مع شادى محمد أمس الأول.. ليس مجرد خبر من تلك التى نسمعها كل يوم قرب نهاية موسم قديم أو قبل بداية موسم جديد.. إنما هو خبر استثنائى يستدعى الاهتمام والانتباه والتدقيق والتحليل أيضا.. والأهم أنه خبر يثير كثيراً من الأسئلة.. فقد يكون شادى يحتاج للتعاقد مع الإسماعيلى أو أى ناد آخر، هرباً من أزمته مع الاتحاد السكندرى وطريقه المسدود هناك.. ولكن هل يحتاج الإسماعيلى فعلاً لشادى محمد.. وهل يصح أن يبقى مجلس إدارة الإسماعيلى مهموماً ومشغولاً بالبحث عن مدرب جديد، خلفا للمستقيل والمغضوب عليه عماد سليمان.. فلا ينتظر المجلس إتمام اختياره ليترك الفرصة والقرار للمدرب الجديد وحساباته ورؤيته الفنية.. ولكن يسارع المجلس بالتعاقد مع شادى محمد قبل الاستقرار حتى على اسم المدرب الجديد.. وهل تعاقد مجلس إدارة الإسماعيلى مع شادى محمد لحسابات أخرى غير النواحى الفنية واحتياجات الفريق لشادى، مع احترامى لموهبة اللاعب وتاريخه، أم هو استجابة لضغوط جانبية من عصام الحضرى رضخ لها المجلس، رغم أن شادى كان أشد لاعبى الأهلى عداوة للحضرى بعد الهروب إلى سيون، ولكن قد يعنى مجىء شادى الآن الكثير جداً للحضرى.. أم هو ولع طفولى أحمق وغير معلن بضم نجوم الأهلى القدامى للإسماعيلى، كنوع من الثأر لكل النجوم الصفراء التى، نتيجة للفقر، اختارت أو اضطرت أو تمنت ارتداء الفانلة الحمراء.. هى أسئلة على أى حال أبداً لن نجد لها إجابات حقيقية أو مكتملة.. ولكن يبقى معها سؤال آخر يخص شادى نفسه، ابن الإسكندرية الذى بدأ اللعب فى الكروم قبل أن يصبح فى الأهلى لاعباً ثم قائداً له حمل باسم الأهلى كؤوساً وشارات وميداليات وأوسمة تفوق ما حمله وحصل عليه أى لاعب آخر مع الأهلى طيلة مائة سنة، لا التتش ولا صالح سليم ولا الخطيب ولا حسام حسن أو حتى أبوتريكة.. وفجأة.. يضطر شادى للخروج من الأهلى إلى الاتحاد السكندرى ثم إلى الإسماعيلى، لمجرد الرغبة فى البقاء داخل ملاعب الكرة لأطول فترة ممكنة.. وهى رغبة مشروعة ومقبولة ومنطقية وإنسانية أيضاً، حتى وإن كانت ضد قوانين الكرة وحساباتها.. بدليل فابيو كانافارو، كابتن إيطاليا ونجم اليوفنتوس وأحد الفرسان الفائزين بكأس العالم منذ أربع سنوات، يضطر الآن للعب فى أهلى دبى بعدما قرر اليوفنتوس وبقية أندية إيطاليا وأوروبا عدم الحاجة لخدمات كانافارو.. ليس كانافارو فقط.. وإنما الفرنسى تريزيجيه والإيطالى ديل بييرو.. فكل هؤلاء لم يعودوا يجدون أبواباً مفتوحة أمامهم إلا الخليج وأنديته الباحثة عن الأسماء الكبيرة على صفحات الصحف وشاشات التليفزيون، بصرف النظر عن القيمة والعطاء الحقيقى فى ملاعب الكرة.. وبالتأكيد شادى مثل كل هؤلاء النجوم الكبار.. الفارق الوحيد أن كبار أوروبا يلجأون لأندية غنية تملك المال فتنتقى الأسماء لمجرد الوجاهة.. أما الإسماعيلى فهو ناد فقير لا يملك أى فائض من مال، بل أحياناً لا يملك حتى الضرورى من المال.. ومن يدرى.. فقد ينجح شادى مع الإسماعيلى.. ولكنه حتى لو لم ينجح.. سيبقى على الأقل صاحب تاريخ وموهبة ومكانة ونموذجاً رائعاً للاعب محترف يملك الأخلاق أيضاً.. مهذب ومسالم لا يهيل التراب على أى ناد يتركه، ولا يفتح جروحاً قديمة داخل أى أحد. [email protected]