انتقد معهد بروكنجز الأمريكى للأبحاث وضع حرية الصحافة فى مصر، قائلاً: إن مصر لديها مجموعة من قوانين الصحافة «الصارمة وسيئة السمعة». وأضاف فى تقرير له أمس عن تطور وسائل الإعلام فى مصر: «على الرغم من أن المادة 48 من الدستور تضمن حرية الصحافة، إلا أن مصر واحدة من ثلاث عشرة دولة فى العالم تجيز الحبس بسبب قضايا تشويه السمعة. وأشار التقرير إلى أن الصحفيين يلجأون إلى «الرقابة الذاتية»، بسبب التهديد بالحبس. ونبه إلى أن أحمد عز، أمين التنظيم بالحزب الوطنى، هو من أكثر «المتنازعين» مع الصحافة، موضحا أنه تنازع على مدار العام الماضى مع معظم صحف المعارضة، فقد أقام أربع دعاوى قضائية فى 2009، وكلها لاتزال «معلقة» ضد أربع صحف معارضة ورؤساء تحريرها، التى قد تكون «كارثية» للصحف بسبب الغرامات الباهظة التى قد تتكبدها. وأكد التقرير أن «التحدى الأكبر» للوضع الراهن أتى من الصحافة المستقلة، فهى تطور جديد نسبيا فى مصر، منبها إلى أن الصحف الحزبية تعبر عن آراء الأحزب المعارضة لكن الصحف المستقلة حصلت على متابعة جادة من القراء، ومن بينها «المصرى اليوم»، التى وصفها التقرير ب«الصحيفة اليومية الأكثر شعبية فى مصر». وقال إن الانقسام بين الصحافة المستقلة والمعارضة والخاضعة لسيطرة الدولة تنامى، حتى أصبح «هوة فاغرة»، فكل منها يغطى القصص الإخبارية بشكل مختلف، فنظرة سريعة على الصحافة المستقلة والحكومية تعطى انطباعا بأنها تغطى دولتين مختلفتين. وأكد المعهد أن وسائل الإعلام فى مصر ظلت خاضعة للحكومة منذ ثورة 1952، حيث أدرك الضباط الأحرار بسرعة قدرتها، خاصة الإذاعة، فى بلد كانت نسبة الأمية فيه تقدر ب75%، فى حين أن الرئيس جمال عبدالناصر قام فى 1960 بتأميم الصحافة المصرية، وكان على جميع وسائل الإعلام أن تسلم ملكيتها للتنظيم السياسى والقانونى الوحيد فى البلاد المعروف باسم الاتحاد الاشتراكى. وتابع أن الحكومة المصرية حولت وسائل الإعلام إلى جهاز توجه من خلاله خطاباتها للجماهير. وأشار التقرير إلى أن السادات جاء بعد عبدالناصر، وسمح بالتعددية السياسية من خلال عودة الأحزاب وحقها فى إصدار صحف وما تبعه من صعود وهبوط فى الصحافة. وأوضح أن السادات عامل الصحافة مثلما يفعل «الصياد مع السمكة «فهو يرخى الحبل ثم يشده بالبكرة، كلما كان ضروريا». وتابع: «عندما تم اغتيال السادات فى 1981، شدد قانون الطوارئ القيود المفروضة على الصحافة، فمن الممكن أن يكون إصدار صحيفة فى مصر (كابوساً) بسبب اللوائح الحكومية». وأوضح أن وسائل الإعلام الحديثة لها تأثير «متميز»، منبها إلى أنها أثرت على المعلومات المتاحة واستخدامها وطبيعة المناقشة والمشاركة فى الحياة السياسية. وأضاف فى تقريره تحت عنوان: «وسائل الإعلام المتطورة فى مصر ودورها فى السياسة الداخلية»، أنه على الرغم من أن أقل من خمس المدونات فى مصر سياسية بطبيعتها، إلا أن هذه الشريحة صارت «مزعجة» فى مطالبها من أجل «الإصلاح المدنى والمحاسبية»، فقد أصبحت من بين مصادر الأخبار العاجلة، التى تعتمد عليها الصحافة المطبوعة والتليفزيونية. وأكد التقرير أن المدونات المصرية أيقظت مجددا «إثارة سياسية» ومساءلة السلطة، التى كانت غائبة عن الساحة السياسية المصرية منذ سنوات عديدة.