نعم يوم الاثنين الموافق 3 من جمادى الآخرة 1431ه 17 مايو 2010 هو يوم حزين فى تاريخ الكرة المصرية. مسماران جديدان دقا فى نعش الأندية الشعبية، شهيدان سقطا فى معركة غير متكافئة بين التتار والمستضعفين فى الأرض، اختفى ناديا المنصورة والمحلة كما اختفت قارة اتلانتس فى المحيط، وكما اختفت الآثار الفرعونية تحت الأرض، وأرجو من الله أن يعطى الأثرى الدكتور زاهى حواس العمر حتى يستطيع أن يعثر على هذين الناديين مرة أخرى. أسدلت الستارة السوداء لتعلن وفاة الناديين الكبيرين بفعل فاعل، من هو الفاعل، ليس مهماً، اتحاد الكرة، إدارات الأندية، الأندية الكبيرة الشعبية.. أندية الهيئات.. أم اللاعبون أو حتى الحكام. تركناهما يغرقان أمام أعيننا جميعاً ونحن نلوح بأيدينا لهما بعلامة الوداع وأعصابنا باردة. تركناهما يخرجان غير مأسوف على تاريخهما ولا على بلادهما التى نحبها، اخترنا لهما طريق اللى يروح ما يرجعش. طيب ما الفرق بين إنسان عزيز مات ولم تعد تسمع صوته وبين ناديين لن نسمع اسميهما يترددان فى الإذاعة والفضائيات والمنتديات الإلكترونية. طيب بالذمة فى شرع مين يحدث ذلك؟! عن نفسى أنا أعتبره يوماً حزيناً فى حياتى تماماً كما لو كان الإسماعيلى قد هبط، فنحن وهم من طينة واحدة وجلد واحد ولحم واحد. طيب من فضلك احسب معى كم الباقى من الأندية الشعبية التى تتناثر كما تتناثر حبات العقد، لدينا خمسة عشر نادياً لم يتبق منها سوى خمسة هى الأهلى والزمالك والاتحاد والمصرى والإسماعيلى. والباقى هم الأغنياء الجدد الذين جاءوا من كوكب آخر ملىء بالذهب والياقوت والمرجان، بالطبع الذنب ليس ذنبهم فهم ليسوا شركاء فى جريمة قتل وسحل الأندية الشعبية. المعنى أن الأندية الشعبية المتبقية هى خمسة أندية أى ثلث الدورى، بينما هيئة البترول وحدها لديها ثلاثة أندية. بصراحة لو بيدى لنصبت سرادقاً كبيراً بجوار كل ناد منهما لتلقى العزاء فيهما. وسأجلس مع أهل الشهيدين لتلقى العزاء. والاستماع إلى قراءة القرآن الكريم ليطرى على قلبى وقلوب كل المشاركين ويلهمنا الصبر والسلوان. حضرات القراء قد يخرج البعض ليقول ما المشكلة أن يغرق ناد أو أكثر، فقد غرقت العبّارة الشهيرة وعليها ألف مصرى، إيه المشكلة أن يذهب مع الريح، أو أن تأكله القطة. وقد يقول لى آخر ناقص ترسل منادى فى كل مصر ليقول يا أولاد الحلال.. ناديين تايهيين واللى يعثر عليهم عليه الاتصال بنا. عزيزى القارئ. تخطئ أنت وأنا لو تركنا الموضوع يمر مرور الكرام، ونخطئ لو لم نشكل لجنة ولجاناً للبحث فى أصل المشكلة والبحث عن حلول لها.. أناشد الصديق مجدى الجلاد والصديق على السيسى الدعوة إلى مؤتمر تحت رعاية «المصرى اليوم» للإجابة عن سؤال يقول «ماذا حدث للأندية الشعبية» بشرط أن يدعى له خبراء بحق وحقيق وأن تكون النية خالصة لعلاج إشكالية الأندية الشعبية لسنين طويلة مقبلة. وقد أبالغ وأقول إن الأندية الشعبية تحتاج مشروعاً كمشروع مارشال، وهو المشروع الذى أنشأته أمريكا لدعم أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية لمساعدتها على القيام بعد الحرب. وقد أبالغ أكثر وأقول أنا مستعد مع أصحاب الشأن أن أعتصم أمام مجلس الوزراء ومجلس الشعب كما فعل بعض المواطنين الذين يشعرون بالظلم والغبن. عزيزى القارئ.. الموضوع ليس سهلاً، فلا يجب أن يمر مرور الكرام، المسألة أكبر من ذلك.. ويبدو أننا سنقول وداعاً دلتا مصر، وداعاً للفلاحين، كأن الدلتا ناقصة، فالتغير المناخى قد يزيل كثيراً من أرضها. وإذا كان التغير المفاجئ قادماً لا محالة دون إرادتنا، فعلى الأقل نستطيع أن نتدخل لنعيد الحياة إلى هذه الأرض الطيبة التى تعيش مصر من خيراتها من خلال إعادة الحياة لنادييها. ويتبقى سؤال.. هو صحيح أين نجوم الناديين السابقين؟ هل حقيقى أنهم فرحانين أو شمتانين كما يقولون.. هل سيكتفون بالتأمل فقط، أم سيتحركون؟! من فضلكم تحركوا ونحن معكم. مرة أخيرة.. وداعاً أندية الدلتا الحزينة التى رحلت قبل أن تغرق الدلتا بسبب التغير المناخى. مشاعر ■ المهندس أحمد عز، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب: «لا أوافق على أن يدخل المتظاهرون والمعتصمون والغاضبون الرجل فى جملة مفيدة دائماً». التجاريون، والمحامون، وأصحاب المعاشات، وأهالى دائرة مصطفى بكرى. كلهم فعلوا ذلك. يجب أن يذهب لوزير المالية.. فى ظنى أن أحمد عز محتاج إلى كسب ثقة الناس أكثر. وفى ظنى أنه يستطيع لو أراد. ■ محمد روراوة، رئيس الاتحاد الجزائرى.. جعلنا منه بطلاً أسطورياً فى بلده، جعلناه «سوبر مان» والرجل العنكبوت والرجل الأخضر.. وفى مصر تصورناه بعبع الكرة المصرية.. وحاربنا شبحه الموجود فى الظلام. ومع ذلك لابد من احترام أدائه الإدارى، وبصراحة الرجل كسبان «عشرة صفر». ■ الدكتور فتحى سرور.. سلامتك.. أما بعد.. كنت نائباً لدورتين بمجلس الشعب.. البهو الفرعونى كان عندى مكاناً له رهبته الخاصة واحترامه.. فهو المكان الذى شهد حضور زعماء مصر السياسيين.. كما أنه على بعد خطوات من قاعة المجلس نفسه. لا أوافق على أن يتحول المكان الذى يحمل ذكريات تاريخ مصر إلى مطعم للأعضاء.. فيه زفارة السمك والجمبرى. ■ حزب الوفد.. أعترف أننى سعيد ومستمتع بالمنافسة داخل الحزب على منصب الرئاسة بين قطبى الوفد محمود أباظة والدكتور سيد البدوى.. فى ظنى أنها نقطة تحول فى العمل الحزبى فى مصر خصوصاً أنها تتم فى إطار التقاليد الوفدية التى أرساها الوفد القديم. ■ عبدالستار على، الحكم الدولى السابق.. أحترمه كثيراً عندما يحلل أخطاء كرة القدم التى تقع فى الملعب، ولكنى لا أتفق معه فى تحامله على لجنة الحكام ورئيسها محمد حسام.. فى ظنى أنه أكبر من ذلك. ■ الوزير أنس الفقى.. الطبيعى أن يقول الحزب الوطنى إن الانتخابات التشريعية ستكون حرة ونظيفة. ولكن الأجمل ما قاله الوزير من إنه سيسمح لمرشحى الإخوان المسلمين بعرض برامجهم الانتخابية بالتليفزيون كمستقلين.. بداية مقنعة للانتخابات المقبلة. ■ الوزير سامح فهمى.. مهندس شاطر، إدارى أشطر عقلية تسويقية محترمة، كروى من الطراز الأول ولهذا عليه مراجعة المنظومة الكروية البترولية، ناد واحد للبترول يمكنه الحصول على الدورى، ويحل مشكلة الأندية الشعبية التى ستهبط. بدون مشاعر الأحزاب المصرية.. والتمثيل المشرف فى الانتخابات الرياضة عبارة عن مباراة بين طرفين والانتخابات كذلك.. فى الرياضة يلعب اللاعب للفوز والمرشح يفعل مثله، لكن الفرق هو أن المنافسة فى الرياضة شريفة والانتخابات ليست كذلك. فى قراءاتى السياسية ومتابعتى لكل النظم السياسية لم أر فيها هذه البدع المصرية، هم لا يحلفون على الإنجيل كما نحلف نحن على المصحف الشريف، فكيف لشخص أو أكثر يحلفون بأعز ما نملك بالباطل، وكيف نأتمن إنساناً يحنث بقسمه وبحلفانه، كيف نثق فى إنسان يقسم بالتزامه الحزبى ويوقع على توكيل بالشهر العقارى ثم فى لحظة «فص ملح وداب»؟ الرياضة أكثر نظافة، وأكثر شرفاً، وأكثر أخلاقاً من الانتخابات المسموح فيها بكل شىء، من تلاعب بالألفاظ والكلمات وتشويه سمعة الآخرين، إلى شراء ذمم الناخبين، والضغوط السياسية عليهم. الرياضة تعنى البطولة وتحطيم الأرقام العالمية والحصول على المراكز الأولى، إلا أننا اخترعنا بديلاً آخر وهو «التمثيل المشرف» الذى جعلناه درجات متعددة.. لعب مباراة جيدة مع الهزيمة تمثيل مشرف، خروج من بطولة مهمة هو تمثيل مشرف لأن أداءنا كان ممتازاً، سلوكنا ومظهرنا الجيد دون بطولة يعنى «تمثيل مشرف». حضرات القراء.. إذن نحن الذين دون العالم أدخلنا حكاية التمثيل المشرف فى الرياضة.. لكن ماذا عن الأحزاب وأدائها فى الانتخابات العامة.. هل لديهم تمثيل مشرف فيها؟ لو سيادتك قلت لأ.. أنا أرد لأ.. يوجد ونص.. الحزب الوطنى لا يلعب إلا على البطولة، ينشن على السوادة، ويضرب فى المليان. بينما أحزاب المعارضة لا تملك إلا أن تتمسك بحكاية التمثيل المشرف، أحزاب مصر المعارضة لم تحصل إلا على ثمانية كراسى من مجموع الكراسى التى تتعدى أربعمائة كرسى. أما عن الأحزاب الكثيرة الأخرى فهى مثل أندية الدورى الممتاز الضعيفة التى لا تطمع أكثر من البقاء فى الدورى الممتاز «أ» ولا تهبط للممتاز «ب»، وفى الحقيقة هى لا تصلح لا فى الدورى الممتاز ولا فى دورى المظاليم أو حتى الدرجة الثانية. عزيزى القارئ.. الانتخابات تحتاج إلى لاعبين مهرة وإلى مهارات خاصة فى إدارتها وإلى مرشحين يقاتلون بشرف من أجل الحصول على الكرسى. الانتخابات لها أسس وقواعد ثابتة وبجانبها إبداعات المسؤولين عنها، قواعدها تشمل: ■ أهمية تسجيل الأصوات لأكبر عدد من أعضاء الحزب أو المتعاطفين معه. ■ الأهمية البالغة لمرحلة ما قبل الانتخابات ولأيام الانتخابات نفسها. ■ زيادة القدرة على توصيل أفكار ومبادئ الحزب إلى الجماهير. ■ أهمية اختيار العناصر المرشحة ذات الجذب الجماهيرى والسمعة الطيبة. ■ ضرورة الاعتماد على الشباب مع تجميع أكبر عدد من المتطوعين منهم. ■ استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة (الإنترنت/ الفيس بوك - التويتر - المدونات- رسائل المحمول القصيرة). ■ أهمية طرق الأبواب بزيارة الناخبين فى محال إقاماتهم وعمل حوارات معهم لحثهم على الخروج للتصويت. ■ عدم المبالغة فى إطلاق الوعود الانتخابية التى قد لا تتحقق بعد الانتخابات. ■ ضرورة زيادة العمل الاجتماعى والأنشطة المتعلقة به لأن تأثيرها أكثر فاعلية من المؤتمرات واللقاءات السياسية. ■ ضرورة إنشاء صندوق للموارد المالية Fund Raisng من أعضاء الحزب القادرين، ومن التبرعات القليلة من أعضائه ومحبيه. حضرات القراء.. السؤال الآن: هل أداء الأحزاب السياسية المصرية يقنعك بأنهم يتنافسون فعلاً للفوز، أم شوية آه وشوية لأ.. أم أن عدم المشاركة هو الذى سيحدث من معظم هذه الأحزاب؟ من فضلك ركز فى النقاط السابقة، وقل لى: هل لدينا أحزاب جادة ولديها الثقة بأنها يمكن أن تحصل على الأغلبية.. أم أن التمثيل المشرف هو آخر المنتهى، وأنهم سيقبلون أيديهم وش وضهر ويقولون الحمد لله عملنا اللى علينا.. ونحمد الله على ذلك.