من منا لا يتذكر ذلك المشهد الكوميدى فى فيلم «آه من حواء» عندما عثر رشدى أباظة على قلم داخل الكوفتة التى طبختها لبنى عبدالعزيز وقال الإفيه الشهير «قلم فى الكوفتة» هذا المشهد يلخص حال فتيات كثيرات دخلن عش الزوجية دون أدنى فكرة عن عالم المطبخ الواسع، ما قد يتسبب فى خلافات زوجية تصل أحيانا إلى الطلاق، أو الاعتماد على «الديليفرى». تقول المدونة أسماء عصام العريان «حديثة الزواج»: «أعترف بأننى تعلمت الطهى بعد الزواج لكننى لم أتعرض لما كنت أسمع عنه من مواقف محرجة كالتى تقع للفتيات عند تعاملهن مع المطبخ لأول مرة، واقتصر الأمر على بعض المواقف الكوميدية، مثلا عندما قمت بإضافة البشاميل للمكرونة دون وضعه على النار قبلها وهو ما جعل منه شيئا غريبا، لم يغضب زوجى وتناولها دون مشكلات، إرضاء لى، وبعد عدة محاولات نجحت فى طهى مكرونة تأكل صوابعك وراها، وعندما قمت بدعوة أهل زوجى ونلت إعجابهم بأكلى، فقد كان لدى إصرار على التعلم، ولهذا تقتصر علاقتنا بالديليفرى على الأوقات التى أكون مشغولة فيها». على العكس منها تقول آية فريد «24عاما»، آنسة موظفة: لم تكن المرات القليلة التى دخلت فيها المطبخ موفقة على الإطلاق، ولهذا ابتعدت عنه، خاصة أنى لا أريد إضافة أعباء إلى ضغوط العمل اليومى وأنا مقتنعة تماما بفشلى فى الأعمال المنزلية، ولذلك أتمنى الزواج بشخص مقتدر يوفر لى خادمة.. لقد قمت فى إحدى المرات بغسل المكرونة ووضعها فى الماء البارد.. ومرة أخرى أضفت السكر بدلا من الملح إلى الدجاج.. وهذا يهون مقارنة بحرق يدى كلما دخلت المطبخ. هل يتزوج الرجل بامرأة لا تجيد الطهى؟ يجيب عن ذلك زكريا وجدى- عضو لجنة الحريات ومدير معهد المحاماة بنقابة المحامين سابقا - ويقول: لا أجد مشكلة فى الارتباط بفتاة لا تجيد الطهى طالما أحبها بل يمكننى الصبر عليها بشرط أن يكون لديها إصرار على التعلم.. أما ما لا يمكن قبوله أبدا هو شعار «الديليفرى»، ومن ترفعه لا تصلح أما أو زوجة، فالتأثر بالثقافة الغربية التى لا تناسبنا مع غياب دور الأسرة جعل بعض الفتيات تحيد عن الطريق السليم لبناء الأسرة المصرية، وتنسى أن دور «ست البيت» أحد أهم أدوارها ولا يعوقها عن إجادته شىء حتى العمل. الدكتورة ليلى عبدالوهاب، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها، تفسر تلك الظاهرة علميا وتقول: كراهية الأعمال المنزلية أو الفشل فيها ترجمة لما أصبح عليه البعض من تواكل وعدم تحمل للمسؤولية، وهو ما يعود بالأساس إلى التربية، فمع أن أغلب أمهات هذا الجيل عاملات إلا أنهن يتحملن الأعباء المنزلية كاملة، لأن معظمهن من الطبقة الوسطى التى لا تقدر على الاستعانة بخادمة.. تعود الأم من العمل لتبدأ فى تدبير الأمور المنزلية دون أى محاولة منها لإشراك ابنتها معها بدعوى الدراسة وأعبائها، وما ذلك إلا تدليل زائد. على عكس أمهات الجيل السابق، فرغم أن معظمهن كن ربات بيوت إلا أن نمط التربية كان يقتضى تخصيص بعض الأمور للفتاة كتنظيف حجرتها وملابسها إضافة لتعليمها بعض الأكلات.. لكن أغلب الأمهات الآن ودون قصد يحرمن أبناءهن من تعلم قيم المبادرة والمشاركة المادية والمعنوية.. وقد يمتد الفشل لأبعد من المطبخ فتتحول الفتاة مع الوقت إلى اللامبالاة بالمحيطين.. ولتلافى ذلك لابد من تعليم الأبناء «البنت والولد» منذ الصغر.. بإمكانها التعلم بقليل من الصبر والمحاولات.