اعتبر خبراء فى الموارد المائية والشؤون الأفريقية أن بدء دول منابع النيل السبع فى التوقيع على اتفاقية جديدة لمياه النيل، أمس، دون موافقة دولتى المصب «مصر والسودان»، يمثل ابتزازاً وتهديداً للحصول على مزيد من التمويل لمشروعاتها، مؤكدين أن هذه الدول لا يمكن أن تنفذ مشروعات تنموية شاملة دون الاتفاق مع مصر والسودان. وقال الدكتور ضياء الدين القوصى، خبير المياه، إن ما تردده دول منابع النيل هو مجرد تهديد المفاوض المصرى للحد من سقف توقعاته المستقبلية لحقوقه من مياه نهر النيل. وأضاف القوصى فى تصريحات ل«المصرى اليوم» أنه فى حالة توقيع هذه الدول على اتفاق منفرد فلن يكون ملزما لمصر والسودان، مؤكدا أن القانون الدولى يقر بأن اتفاقيات المياه شأنها شأن اتفاقيات الحدود لا يمكن تعديلها أو إلغاؤها، وأن المجموعة الدولية لن توافق على اتفاق لا يتكامل مع القوانين الدولية. وأشار القوصى إلى أن رفع مستوى المفاوضات بين مصر ودول حوض النيل من الخبراء والوزراء إلى رؤساء الدول قد يؤدى إلى تراجع دول منابع النيل أو بعض منها عن مواقفها السابقة من المفاوضات المشتركة، موضحا أن البنك الدولى لن يمول أى مشروعات إلا بموافقة جميع دول حوض النيل ومنها دولتا المصب «مصر والسودان». وأضاف القوصى أنه يجب على مصر أن تقوم بجهود مكثفة لترسيخ مفهوم التأييد الدولى للحقوق المصرية فى مياه النيل، والتزام دول منابع النيل بعدم إقامة مشروعات من شأنها أن تقلل من الحصص المائية الواردة إلى مصر عبر النهر. من جانبه، أكد الدكتور عبدالقادر إسماعيل، الخبير الدولى فى الشؤون الأفريقية، ضرورة استمرار التفاوض بين مصر ودول منابع النيل واستبعاد أى خيار عسكرى لمواجهة هذه الدول، مشددا على أن القانون الدولى يمنح مصر الحق فى حصة مائية 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا وعدم الانتقاص من هذه الحصص. وأضاف إسماعيل أن دول منابع النيل لا يمكن أن تستمر فى إنشاء سدود تقلل من كميات المياه الواردة إلى مصر والسودان لأن كميات المياه الساقطة على هذه المناطق تحتاج إلى تصريف مستمر لأن التخزين يعنى غرق هذه الدول بالمياه. واعتبر أن الإجراءات الحالية التى تقوم بها دول منابع النيل لا تخرج عن كونها ابتزازاً مائياً لمصر وهو مفهوم على المستوى الدولى، ويفتح الباب لمناقشة المعاهدات القديمة على مستوى أحواض الأنهار بمختلف مناطق العالم، مؤكدا أن توقيع دول منابع حوض النيل فى حد ذاته لن يؤثر على مصر. وأشار خبير الشؤون الأفريقية إلى أن مصالح الدول الأخرى والقوى الدولية مثل الصين وإيطاليا وهما من الدول التى تمول مشروعات لإقامة السدود فى إثيوبيا يمكن أن تساهم فى عدم إقامة منشآت مائية تسبب ضررا لمصر لأنه لدى الدولتين مصالح كبيرة مع مصر ولا يمكن التغاضى عنها وهو ما يجعل هذه الدول لا تفكر فى الإضرار بالمصالح المصرية لوجود مصالح اقتصادية كبيرة مع مصر مقارنة بدول منابع النيل. ومن جانبه، قال الدكتور حمو العمرانى، الخبير الدولى للمياه ورئيس المبادرة الإقليمية لإدارة الطلب على المياه بمركز البحوث للتنمية الدولية الكندى: «من المهم لمصر أن تقوم بتفعيل التعاون الثنائى مع أكثر دول حوض النيل تأثيرا وأهمية بالنسبة للسياسة المصرية لضرب حالة الاستقطاب الراهنة بين دول منابع النيل بما ينعكس على تحقيق الأمن المائى المصرى السودانى». وأشار العمرانى إلى أن الردود السلبية لدول أعالى النيل عقب انتهاء اجتماعات شرم الشيخ هى مجرد مناورة يجب التعامل معها بحذر حتى لا تصدر عن مصر ردود أفعال انفعالية، معتبرا أن بيان دول منابع النيل ما هو إلا أسلوب استفزازى ويجب «عقلنة الموقف المصرى» حتى لا ننجر إلى نتائج تؤثر على سير العلاقات بين مصر ودول حوض النيل.