اندلعت مواجهات عنيفة أمس بين فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلى فى أحياء متفرقة من بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، فيما اقتحم مستوطنون إسرائيليون مقام النبى يوسف بالضفة الغربية. ومع اختتام الجولة الأولى من المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، كشف مسؤولون من الجانبين عن بدء عمليات البناء بأكبر مشروع استيطانى بالقدسالشرقيةالمحتلة، فى خطوة تهدد بنسف عملية التسوية. وذكرت وكالة «وفا» الفلسطينية أن قوات الاحتلال اقتحمت بلدة سلوان مما أدى إلى وقوع اشتباكات مع الشبان الفلسطينيين الذين أمطروا قوات الاحتلال بالحجارة والزجاجات الفارغة والآلات الحادة، وردت قوات الاحتلال فى المقابل بقنابل الصوت الحارقة والغازية السامة والمسيلة للدموع والرصاص الحى والمطاطى. وأفاد شهود عيان بأن عدداً من المواطنين أُصيب فى هذه المواجهات، وأن عددا كبيرا من الإصابات كانت بسبب استنشاق الدخان المنبعث من الغازات السامة. جاء ذلك فيما اقتحم 500 مستوطن متطرف مقام النبى يوسف فى المنطقة الشرقية بمدينة نابلس شمالى الضفة الغربية. وذكر شهود عيان أن أعدادا كبيرة من المركبات أقّلت المستوطنين أثناء اقتحامهم المدينة تحت حراسة قوات الاحتلال. وذكر «المركز الفلسطينى للإعلام» أن اشتباكات اندلعت بين فلسطينيين وقوات الاحتلال التى أغلقت الطرق المؤدية للمقام، وأشعل شبان فلسطينيون الإطارات المطاطية، ووضعوا الصخور والسواتر فى الطرق. وعلى صعيد ملف الاستيطان، كشفت جماعة «السلام الآن» الإسرائيلية المناهضة للأنشطة الاستيطانية، عن بدء العمل بتشييد 14 وحدة سكنية فى حى رأس العمود بالقدسالشرقية. يأتى هذا المشروع لإنشاء أكبر مجاورة يهودية بهذا الجزء من الحى والمقرر أن يضم 104 وحدات سكنية، ولا تحتاج عمليات البناء الجديدة إلى تصاريح، بحسب «السلام الآن» التى قالت إن أى موافقة رسمية فى هذا التوقيت يمكن أن تنسف مفاوضات السلام الجديدة. وأشارت إلى أن المجلس المحلى فى القدس تعامل بعناية فيما يتعلق بموافقته على خطط البناء الجديدة خاصة بعد التوترات التى ظهرت بين إسرائيل والولاياتالمتحدة فى أعقاب الإعلان عن خطط البناء الاستيطانى الجديدةبالقدسالشرقية أثناء زيارة جوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكى لإسرائيل فى مارس الماضى. ومن جانبه، أكد حاتم عبدالقادر، مسؤول ملف القدس بحركة فتح بدء العمل فى المخطط الاستيطانى برأس العمود. وقال سيتم استكمال بناء بقية الوحدات الاستيطانية لاحقا وفق المخطط. وأضاف: «المصادقة على هذا المخطط نهائية وهى فى طور التنفيذ الفورى»، لافتا إلى أن الجمعية الاستيطانية التى تقف وراء المشروع والمدعومة من ملياردير أمريكى يهودى الأصل، لم يذكر اسمه، ستطلق على هذه المستوطنة تسمية «تلة داوود»، وستكون مشرفة على بلدة سلوان وأحيائها ومحيط المسجد الأقصى من الناحية الجنوبيةالشرقية. وأوضح عبدالقادر أن المخطط يشمل إقامة جسر يربط بين البؤرة الاستيطانية فى رأس العمود التى يطلق عليها اسم «تلة الزيتون» من أجل إيجاد تواصل استيطانى بين البؤرتين الاستيطانيتين اللتين يفصل بينهما الشارع المؤدى إلى وادى قدوم وعدد من المنازل الفلسطينية. وفيما طالب عبدالقادر الولاياتالمتحدةالأمريكية بتحرك عاجل لوقف هذا المخطط الذى من شأنه أن ينسف كل الجهود الرامية لعودة المفاوضات السلمية، تعهد نير بركات، رئيس بلدية الاحتلال الإسرائيلى فى القدس، باستمرار البناء فى جميع أنحاء المدينة. وقال بركات «إن الاختبار الحقيقى هو من الخطوات العملية، والبلدية ستواصل عملية البناء فى جميع أنحاء المدينة». ومن جهتها، وصفت السلطة الفلسطينية، نفى إسرائيل الموافقة على تجميد البناء الاستيطانى فى مستوطنة رامات شلومو فى القدسالشرقية، بأنه محاولة «لتحدى أو إحراج الإدارة الأمريكية التى تبذل جهودا كبيرة لحل الصراع فى المنطقة». كان مسؤول إسرائيلى قد نفى ما جاء فى بيان للخارجية الأمريكية أمس الأول بأن إسرائيل تعهدت بتجميد مشروع كبير لبناء وحدات سكنية يهودية فى القدسالشرقية التى ضمتها لمدة عامين. وحذرت واشنطن إسرائيل والفلسطينيين من مغبة أى عمل قد «يقوض الثقة» فى الشرق الأوسط، وذلك بعد الإعلان عن بدء المحادثات غير المباشرة بين الطرفين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيليب كرولى إن الجولة الأولى من محادثات السلام غير المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين اختتمت أمس الأول ب«بحلول وسط جادة وواسعة النطاق من كلا الطرفين» وأضاف «إن الإسرائيليين والفلسطينيين قد اتخذوا خطوات لخلق مناخ من شأنه أن يفضى إلى محادثات ناجحة». ومن المقرر أن يعود المبعوث الأمريكى إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل إلى المنطقة الأسبوع المقبل للقيام بجولة مكوكية بين القدس ورام الله فى الوقت الذى تبدأ فيه المفاوضات غير المباشرة جديا. وفيما اعتبرت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية استئناف المحادثات غير المباشرة «فوزا ثانويا» للرئيس الأمريكى باراك أوباما، حذرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية من أن فشل هذه المفاوضات سيدخل المنطقة فى دورة عنف جديدة. وأكد محللون سياسيون لصحيفة «جاريان» البريطانية أن فرص نجاح محادثات السلام غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ضئيلة جدا أو غير موجودة على الإطلاق، وذلك فى حال ما لم تشارك الولاياتالمتحدة بشكل مباشر بطرح خطتها التفصيلية الخاصة بعملية السلام على مائدة المفاوضات وفرضها فى نهاية المطاف.