كلل السواد مدينة «الكردى» وقرية «الاتحاد» بمركز ميت سلسيل فى محافظة الدقهلية أثناء تشييع آلاف الأهالى جثمانى المجندين اللذين استشهدا فى دارفور مساء الخميس الماضى، وسط صراخ وبكاء هيستيرى بين أفراد أسرتيهما وأقاربهما. فى قرية الاتحلد زحف المواطنون إلى المقابر منذ ساعات الصباح الأولى فى انتظار وصول جثمان الشهيد أحمد سليمان محمد سليمان «19 سنة»، ووقفت والدته عزة على عقيد «35 سنة» فى حالة ذهول ودموعها تنمهر فى صمت وسط النساء عند مدخل القرية ويرددن «حسبنا الله ونعم الوكيل»، وفور وصول الجثمان انخرط الجميع فى بكاء هستيرى وسقطت والدته على الأرض وهى تجرى خلف النعش قبل دخول جثمانه المسجد لأداء صلاة الجنازة عليه، وحاول الأهالى منعها من حضور الجنازة إلا أنها أصرت وهى تقول «ده راجلى قبل ما يكون ابنى يا ناس.. ومين هايجوز أخته الصغيرة» وسقطت مغشياً عليها داخل المسجد ليحملها الأهالى إلى ابنها الثانى خارج المسجد وهو فى حالة إعياء شديد وخرج الأهالى بالجثمان إلى مقابر القرية وهم يرددون «لا إله إلا الله». وقال شقيقه «إحنا مش عارفين هانعيش إزاى فى الدنيا من غيره لأن أحمد كان أبويا مش أخويا، لأنه كان بيتحمل المسؤولية وبيخاف علينا». وأضاف «إنه دخل الجيش من 6 شهور فقط ولم نره سوى مرتين من ساعتها». وأضاف جمال العربى، من الأهالى، إن أحمد هو الابن الأكبر، ووالده توفى وهو صغير وترك والدته ومعها ثلاثة أبناء، هم: أحمد، ومحمد «17 سنة»، وإيمان «15 سنة» وهى التى تولت تربيتهم من الصغر، وكان أحمد يعمل كهربائياً منذ أن كان بالصف الأول الإعدادى ليساعد والدته فى تربية أخويه وكان ملتزماً دينياً. وفى مدينة الكردى، انتظر الآلاف من أهالى المدينة وصول جثمان الشهيد محمود رضا أحمد جاد عبدالرحمن «20 سنة» وافترشت والدته تحية محمد على سلامة «46 سنة» الأرض أمام مسجد أبوجبهة وهى تبكى وتردد «حسبى الله ونعم الوكيل»، وفشلت جهود النساء فى إبعادها عن المكان، وفور وصول الجثمان تتقدمه سيارة الشرطة العسكرية، انطلقت زغاريد النساء فى مشهد مؤثر وهم يرددن «للجنة يا شهيد» بينما سقطت الأم على الأرض وهى تصرخ خلف الجثمان، ومنعها الأهالى من دخول المسجد وأدى الآلاف من الأهالى صلاة الجنازة عليه داخل المسجد وخارجه، وألقى خطيب المسجد خطبة عن منزلة الشهيد فى الجنة مردداً الآية الكريمة «ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون». وأكد أهالى المدينة أن الشهيد هو الابن الأوسط لأسرته ويعمل والده باليومية، وله شقيق أكبر اسمه محمد «24 سنة» وشقيقة صغرى اسمها سماح «16 سنة». ووقف ووالده رضا محمد جاد وسط الأهالى يبكى قائلاً «حسبى الله ونعم الوكيل.. ابنى راح شهيد فى بلاد غريبة.. منهم لله اللى قتلوه وحرقوا قلبنا عليه». وقال إبراهيم محمود على سلامة، خال الشهيد، «محمود دخل الجيش فى شهر أبريل من العام الماضى وكان يتمتع بسيرة طيبة والتزام أخلاقى ودينى وكل الشباب فى البلد كانوا يحبونه». وأضاف «محمود كان بيساعد والده فى عمله باليومية علشان يساعد فى مصاريف البيت». من جانبه، أكد إبراهيم الحديدى، رئيس مجلس محلى المحافظة، أن المجلس يبحث تكريم الشهيدين بالشكل اللائق وإطلاق اسميهما على الشارعين اللذين كانا يقطنان بهما.