أعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، أمس، بدء محادثات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية غير المباشرة، بوساطة الولاياتالمتحدة، التى تهدف إلى تحريك عملية السلام المتوقفة منذ نحو 18 شهراً، وذلك بعد اجتماع ثالث بين مبعوث السلام الأمريكى للشرق الأوسط جورج ميتشل والرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن»، بينما نفى مصدر سياسى إسرائيلى أن تكون تل أبيب منحت واشنطن ضمانات بشأن البناء فى القدسالشرقية. وأعرب عريقات أمس عن أمله فى أن تتجاوب الحكومة الإسرائيلية وأن تعطى فرصة لعملية السلام وجهود ميتشل، الذى سيتوسط فى المحادثات، فى الوقت الذى نقلت فيه الإذاعة الإسرائيلية أمس عن مصدر إسرائيلى وصفته ب«السياسى الكبير» تأكيده أن إسرائيل ستواصل أعمال البناء فى القدسالشرقية، نافيا نفياً قاطعاً التقارير الفلسطينية فى هذا الصدد، فيما أكدت حركة «السلام الآن» اليسارية الإسرائيلية أنه تم الشروع فى إقامة حوالى 14 وحدة سكنية فى حى رأس العامود بشرق القدس. كانت منظمة التحرير الفلسطينية منحت أمس الأول الضوء الأخضر لبدء المفاوضات غير المباشرة مع الحكومة الإسرائيلية تحت رعاية أمريكية، وأكدت المنظمة أن قرارها يستند إلى الضمانات والتأكيدات التى تلقتها بالنسبة للنشاط الاستيطانى وضرورة وقفه، مؤكدة أن واشنطن «ستتخذ موقفاً سياسياً حازماً تجاه أى استفزازات تؤثر على عملية السلام». كان عريقات أعلن فى وقت سابق أن «أبومازن» سلم ميتشل رسالة خطية تشرح الموقف الفلسطينى إزاء المفاوضات. وقال عريقات - عقب لقاء أبومازن مع ميتشل فى رام الله للمرة الثانية - أن المحادثات ستبحث قضيتى الحدود والأمن خلال الأشهر ال4 المقبلة، موضحاً أن القدس وقضايا الاستيطان هى جزء من حدود 1967، لذلك سيتم بحثها. وتلقى هذه المباحثات الفلسطينية الإسرائيلية حتى قبل انطلاقها تشكيكاً ومعارضة من داخل صفوف الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، إضافة إلى الخلاف العميق فى وجهات نظر الجانبين بشأن محاورها الرئيسية، خصوصا قضايا الحدود والقدس والاستيطان واللاجئين. ففى حين يركز الجانب الفلسطينى بالخصوص على الحدود، فإن الجانب الإسرائيلى يركز على الأمن. وبينما أشاد بيان صادر عن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ب«استئناف مباحثات السلام»، وقال إن موقف إسرائيل كان ولايزال أن هذه المباحثات يجب أن تتم «دون شروط مسبقة»، معتبراً فى الوقت نفسه أن السلام سيكون مستحيلاً دون مفاوضات مباشرة، داعياً إلى انتقال سريع لها، ورأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن مفاوضات السلام لن تنجح لأن كلا من أبومازن ونتنياهو ليس لديهما قوة القيادة الكافية. وداخل المعسكر الفلسطينى، أعلن ممثلون عن حركة «فتح» موافقتهم على بدء المفاوضات ل«قطع الطريق على اليمين الإسرائيلى»، بينما أعلنت فصائل أخرى داخل المنظمة رفضها أو تحفظها على إطلاق مثل هذه المفاوضات التى تعتبرها «عبثية ولن تفضى إلى نتائج»، مثل الجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين. أما من خارج منظمة التحرير، فقد اعتبرت حركة «حماس» أن قرار منظمة التحرير «لا يمثل» الشعب الفلسطينى، كما أدانت حركة الجهاد الإسلامى القرار. وعلى الرغم من أن مراقبين يرون أن هناك احتمالاً ضئيلاً بأن تحرز أحدث دفعة دبلوماسية أكثر مما أحرزته الجهود السابقة لإنهاء الصراع، فإنهم يرون أن لكل من أطراف المفاوضات أسبابه التى دفعته إلى التسريع بالشروع فيها، فعن الدوافع الأمريكية، يعتقد خبراء أن سياسة الولاياتالمتحدة تحركها جزئياً مصالحها فى أماكن أخرى بالمنطقة، حيث قال الجنرال الأمريكى ديفيد بتريوس الذى يشرف على الحربين فى العراق وأفغانستان فى مارس أن التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين لها أثر «هائل»، حيث تعمل القوات الأمريكية فى العالم الإسلامى. وعلى الجانب الفلسطينى، يرى مراقبون أن أبومازن - الذى يعتبرونه الطرف الأضعف فى الصراع - اكتسب ثقة من انتقادات أمريكية فى الآونة الأخيرة للسياسات الإسرائيلية يأمل أن تكون إيذانا بتغير حقيقى فى النهج الأمريكى، لافتين إلى أن إدارته التى تتخذ من رام الله مقرا لها تعتمد على المساعدات من حكومات غربية تدعم عملية السلام. وعن الدوافع الإسرائيلية، يرى المراقبون أن نتنياهو حريص على تلبية مطالب الولاياتالمتحدة الحليف الرئيسى لإسرائيل لاستئناف المفاوضات، وإصلاح الخلافات الأخيرة معها بشأن الاستيطان، حتى يضمن سير الجهود المشتركة لاحتواء المشروع النووى الايرانى بسلاسة