حسم زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار البريطانى نيك كليج الجدل الدائر حول احتمالات تحالفه مع أى من حزبى العمال أو المحافظين بإعلانه أن الحزب الذى حصد العدد الأكبر من المقاعد فى مجلس العموم البريطانى (البرلمان) سيكون من حقه أن يشكل الحكومة، وذلك فى تأكيد على أن الحكومة المقبلة سيتم تشكيلها بواسطة حزب المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون والذى حصل على العدد الأكبر من المقاعد «306 مقاعد» فى مواجهة حزب العمال «258 مقعدا»، والأحرار «57 مقعدا». وقال كليج فى تصريح مقتضب لهيئة الإذاعة البريطانية «بى.بى.سى»، مساء أمس الأول، إن من يحكم بريطانيا فى الفترة المقبلة يجب أن يسعى لتحقيق مصلحة البلاد، ويجب أن يكون أكثر من يحظى بالشعبية والدعم الجماهير وبالتالى بالمقاعد البرلمانية. ومن جانبه، قال وليام هوج، المتحدث باسم السياسة الخارجية لحزب المحافظين البريطانى، إن زعيم الحزب ديفيد كاميرون أجرى مباحثات أولية مع زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار نيك كليج أعلن خلالها أنه «لا يستبعد» إمكانية منح الليبراليين مناصب فى مجلس الوزراء. وتأتى تصريحات كليج وهوج لتزيد من احتمالات أن يصل الحزبان إلى اتفاق يجنب البلاد الدخول فى مفاوضات سياسية طويلة المدى دون جدوى. وعلى الرغم من صعوبة التوصل إلى اتفاق لإقامة حكومة فيدرالية (ائتلافية) بين حزبى المحافظين والأحرار لاختلاف برامجهم، فإن هذا الاحتمال لا يبقى مستبعداً بشكل نهائى، إلا أن حزب الأحرار يخشى تأثير مثل هذا التحالف على تماسك الحزب الداخلى. ويرجح غالبية المراقبين أن يصل حزبا الأحرار والمحافظين إلى اتفاق يقوم بمقتضاه حزب المحافظين بإقرار حكومة أقلية تحظى بدعم حزب الأحرار، دون حصول الحزب على مناصب وزارية، بما يشير لصفقات تشريعية يتم عقدها بشكل منفصل بحيث يحظى كل حزب بدعم الآخر فى بعض المسائل المهمة لأجندته التشريعية. يأتى هذا بينما تواصلت تفاعلات نتائج الانتخابات البرلمانية التى جاءت غير حاسمة للمرة الأولى منذ عام 1974، حيث اعتبر غالبية المراقبين أن النتيجة التى أفضت إليها الانتخابات ليست لصالح بريطانيا، خاصة على الصعيد الاقتصادى، إذ تمر بريطانيا بهزة اقتصادية شديدة تحتاج إلى قيادة حزبية موحدة لكى تتمكن من تجاوزها. وقالت صحيفة «إيريش تايمز» إن الأزمة فى نتائج الانتخابات الأخيرة أنها أفضت إلى استحالة تكوين حكومة متناغمة على الصعيد الاقتصادى، إذ يختلف البرنامج الاقتصادى لحزب المحافظين عن نظيره لحزب الأحرار بشكل كبير، بما يجعل من شبه المستحيل التوصل إلى اتجاه اقتصادى واضح للخروج من الأزمة الحالية. وعلى صعيد آخر، أصبح رئيس حزب الأحرار محور حديث وسائل الإعلام البريطانية، إذ طالبته صحيفة «إندبندنت» بأن يستغل الفرصة التى واتته بأن يسعى لتغيير النظام الانتخابى البريطانى الذى لا يسمح للأحزاب الصغيرة بالظهور فى البرلمان إلا نادرا، مضيفة أن تعديل النظام الانتخابى سيسمح ببرلمان أكثر تنوعاً مما كان سائدا فى عصور احتكار العمال والمحافظين للسلطة. يأتى هذا بينما تصاعدت التنبؤات باحتمال إجراء انتخابات عامة أخرى فى بريطانيا خلال أشهر، خاصة إذا ما فشل حزبا المحافظين والأحرار فى التوصل لصيغة توافقية للعمل معا، أو إذا ما اختلفا بعد إقرار مثل تلك الصيغة. ورأت فيكتوريا هانيمان، أستاذة السياسة فى جامعة ليدز، أنه «فى أى حال من الأحوال ستجرى انتخابات أخرى فى وقت قريب وربما قبل نهاية العام»، بينما يرجح المراقبون أن تفضى أى انتخابات قريبة إلى فوز حزب المحافظين بأغلبية المقاعد البرلمانية.