طموحه دون سقف.. ونجاحه أصبح عابراً للقارات.. والشركة التى يشغل منصباً كبيراً بها فاق نجاحها كل التوقعات، بعد أن تحولت إلى ما يشبه «إمبراطورية» إعلامية تضرب بجذورها فى معظم دول العالم.. أيمن عبداللطيف ومنصبه مدير عام شركة «مايكروسوفت مصر».. نموذج مصرى تحدى الصعاب ولم يعترف بالمستحيل.. فقط يؤمن بأن النجاح لا يحتاج سوى علم ومثابرة، يرى أنهما كلمة السر فى تحقيق أى حلم مهما كان بعيد المنال.. وفى حواره مع «المصرى اليوم» يفتح عبداللطيف قلبه وخزائن خبراته ليقدمها للشباب الباحث عن نفسه وسط عالم، البقاء فيه لأصحاب العقول «الاستثنائية»، الذين ينشدون الحلم مهما كان بعيداً. ■ كيف كانت البداية؟ - قبل أن أتولى منصب مدير عام «مايكروسوفت مصر والشرق الأوسط» كنت مدير القطاع العام بالشركة، وهوالمنصب الذى يختص بقطاع الحكومة والتعليم والصحة، وقبل ذلك كنت أعمل فى مجال الخدمات المتخصصة والدعم الفنى بالشركة أيضا، وتدرجت فى المناصب إلى أن وصلت إلى مدير إدارة الخدمات ب«مايكروسوفت»، وخلال هذه الفترة سافرت إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وعملت بمقر الشركة الرئيسى هناك، وهذا جعلنى أرى العالم من منظور دولى وعالمى. وقبل دخولى عالم مايكروسوفت عملت بالخارجية، ولكنى وجدت رغبة داخلى فى دخول عالم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فأنا فى الأساس حاصل على بكالوريوس إدارة أعمال من الجامعة الأمريكية التى درست بها أيضا الاقتصاد ونظم المعلومات، وبناء على هذه الرغبة للدخول لعالم الاتصالات حصلت على الماجستير فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وعملت فى المجال وتدرجت فيه إلى أن دخلت عالم مايكروسوفت عام 97. لذلك أنصح الشباب بأن يوسعوا مداركهم وألا يكتفوا بمجال دراستهم فقط وأن يستزيدوا من مجالات العلوم المختلفة ولو على سبيل التحسين الذاتى. ■ ما الصعوبات التى واجهتك إلى أن وصلت إلى منصبك الحالى؟ - عند التحول من مجال عمل إلى آخر مختلف لا بد أن تتقبل أنك قد تقل درجة أودرجتين عن منصبك الوظيفى الحالى، أو قد تبدأ من البداية فالإنسان لا بد ألا يتكبر على أى وضع يتواجد فيه، وأن يتقبل الوضع الحالى، وهذا حدث لى بالفعل، ولكنى عملت على تحسين نفسى حتى أستطيع إثبات ذاتى وكنت مقتنعاً تماماً بأن أى نجاح سيأتى لا بد أن يكون عن استحقاق، سواء من خلال خبرتى فى العمل أو الاستعداد النفسى للتعامل مع الناس والاحتكاك بهم. ■ توليت منصب مدير القطاع العام.. فما مهمة هذه الوظيفة؟ - القطاع العام يتضمن القطاع الحكومى والتعليم والصحة فهو من أكثر القنوات فى العمل التى تعطى نتائج ملموسة، فقد كانت لدينا شراكة مع الحكومة لتحسين الخدمات الحكومية التى تقدم للمواطن المصرى لمزيد من الشفافية، وأيضا شراكتنا فى مجال الصحة لتحسين أداء الإسعاف وأيضا التعليم، الذى لدينا فيه باع طويل فيما يخص تدريب جميع الأطراف المعنية بالعملية التعليمية للرفع من مستواها وتحسين كفاءتها، فعلى سبيل المثال نحن ندرب المدرسين على كيفية استخدام تكنولوجيا المعلومات لتحسين توصيل المعلومة للأطفال ولتطوير المناهج؛ وكذلك للوصول بالتكنولوجيا لأكبر قدر ممكن من الطلبة، وفى إطار ذلك قمنا بتدريب حوالى 360 ألف طالب ومعلم ومدرب. ■ ما نوع التدريب الذى تقدمه «مايكروسوفت»؟ - نقوم بتدريب جميع شركائنا والمستخدمين من العاملين فى المنظمات غير الحكومية وغير الهادفة للربح على استخدام التكنولوجيا لتحسين أداء وكفاءة العمل لكى تكون قادرة على المنافسة العالمية، كذلك نقوم بتقديم الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة ونمدها بالبرامج التدريبية، سواء من خلالنا مباشرة أو من خلال الهيئات المتخصصة فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مثل هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ايتيدا) وال ITI لرفع كفاءة منتجاتهم وليكون لديهم قدرة أكبر على التفاعل ومن ثم الرفع من قدرتهم التنافسية والتصدير للعالم الخارجى، كذلك التدريب على مخاطر الإنترنت وأساليب الحماية منها؛ أيضا نمدهم بالبرامج التدريبية التى ترفع من مهاراتهم الشخصية من أجل تواصل أفضل مع العالم الخارجى والظهور بصورة مشرفة مع جميع العملاء. ■ كم عدد المنح والبرامج التى قدمتها الشركة؟ - المنح والبرامج التى نقدمها كثيرة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر برنامج «المبرمج الصغير» وهو خاص بمراحل التعليم الأساسى، وهو برنامج نقوم فيه بتدريب طلبة المدارس على كيفية تصميم «web site» باستخدام برامج التصميم الشهيرة المستخدمة فى تصميم مواقع الإنترنت وهو أمر غاية فى الصعوبة على طالب بمراحل التعليم الأساسى، ولك أن تتخيل حين يتخرج طالب صمم موقعاً إلكترونياً وهو فى الابتدائى مثلاً، حين يتخرج فى الجامعة ماذا تتوقع منه.. والهدف إعداد جيل جديد مبدع قادر على استخدام أدوات المستقبل باحترافية. وقدمنا أيضاً برنامج «دوت.نت» وهو برنامج مقدم من «مايكروسوفت» للكليات المتخصصة مثل: هندسة الاتصالات، حاسبات ومعلومات وكذلك قدمنا برنامج «imagine cup» وهو مسابقة محلية بين المبدعين من الجامعات المصرية يتم اختيار الفائز فيها لدخول مسابقة ال imagine cup العالمية وتمثيل مصر خارج البلاد، وهو ما حدث الآن، وسيمثل الفريق الفائز هذا العام مصر فى كأس العالم للتخيل فى بولندا، وهذا البرنامج يأخذ فيه الطالب التدريب on-line استعداداً لدخول المسابقة المحلية، ومن بعدها نختار الفائزين محلياً ونعده للمنافسة عالمياً، وطبيعى أن خريج هذا البرنامج مكانه محجوز فى كبرى الشركات العالمية بالفعل، وبالنسبة للشركاء المحليين لدينا أيضاً برنامج partner local academy والمزيد من المنح والبرامج الخدمية.. ■ كيف يتم التواصل مع الشركاء؟ - هناك عدة مستويات من التواصل على حسب طبيعة هذا الشريك، فلو كان شركة كبيرة يكون التواصل معها من خلالنا مباشرة، أما الشركاء على مستوى الموزعين فيكون التواصل بينهم وبين بعضهم، ثم مع الموزعين والشركات الأصغر منهم، بهدف الوصول لأكبر عدد ممكن من الشركاء، فقدرتنا ستكون محدودة جدا للوصول لهذا الكم من الشركاء من خلالنا مباشرة، لأننى إذا وصلت للقاهرة فلن أكون قادرا على الوصول لباقى أنحاء الجمهورية. ■ فى يناير الماضى تم تخريج الدفعة الثالثة من برنامج «زمالة مايكروسوفت».. ما طبيعة هذا البرنامج؟ - هو برنامج تدريبى صيفى خلال شهرى يوليو وأغسطس نقوم من خلاله بتدريب الطلبة من أغلب الجامعات المصرية الحكومية والخاصة بمختلف تخصصاتهم من كليات الهندسة والحاسبات وإدارة الأعمال والتسويق، ولا بد أن يكونوا فى العام الثالث من دراستهم وعلى أعلى درجة من التفوق العلمى، ونقدم من خلال هذا البرنامج دورات تدريبية: technical ،business marketing and project management تقدم لنا هذا العام 850 طالبا سنقوم باختيار 30 فقط منهم سينضمون لهذا البرنامج، ولكن هناك مشكلة تواجهنا هى أنه وللأسف الشديد لا يتقدم أحد من الوجه القبلى والصعيد، بسبب بعد المكان وتكاليف الإقامة فى القاهرة، لذلك أتمنى أن يكون من بين المتقدمين طلاب من جامعات الوجه القبلى والصعيد، لأننى على يقين أن الشباب من خارج القاهرة حريصون حرصا أكبر على النجاح وإثبات الذات، وأيضا لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص فنحن نحاول أن نصل بهذا التدريب إلى هناك، لكنه ليس بالشكل الذى نتمناه حتى الآن، فنحن لا نزال نستكشف نقاط الضعف والقوة فى هذا البرنامج، ونسعى إلى تحسينها كل عام، بحيث يتم تقديم كل المتطلبات التى يبحث عنها الطالب، ويرغب فيها لتؤهله لسوق العمل، وسيتم تنفيذ هذا البرنامج أيضا فى أفريقيا والشرق الأوسط. ■ لماذا لا يتم الإعلان عنه تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص فى الالتحاق به؟ - لأن قدرتنا على الاستيعاب لن تغطى جميع الأعداد التى ستتقدم إلينا إذا قمنا بالإعلان عن هذا البرنامج، بالإضافة إلى أننا - كما سبق أن ذكرت - نحتاج فى الطلاب المتقدمين لمواصفات خاصة، من تفوق علمى عالٍ وقدر كبير من الكفاءة، فعلى سبيل المثال تقدم إلينا 800 دون أى إعلان، فما بالك عندما أعلن عن البرنامج. ولدينا فريق عمل من الطلبة داخل الجامعات المصرية Microsoft Student Partners يلعبون دورا كبيرا فى تعريف الطلبة بهذا البرنامج وكيفية الالتحاق به. ■ ألا ترى أن تقدم 850 من الجامعات المصرية رقم محدود لبرنامج تدريبى تقدمه «مايكروسوفت»؟ - فى الأساس أنا لا أريد أعداداً كبيرة، ولكن الهدف كان الحصول على الرقم المطلوب، وهو كحد أقصى 30 طالبا، لذلك كان علينا تقليص فرص التقدم من خلال المواصفات والشروط المطلوبة، وهذا العدد كافٍ تماما للحصول على الثلاثين المطلوبين. ■ ما معايير التميز من وجهة نظر «مايكروسوفت»؟ - التفوق العلمى أحد الأسباب، لكنه ليس السبب الوحيد، فنحن نجد كثيرين متفوقين علميا، لكنهم فاقدون للطموح، وأقصى أهدافهم الحصول على وظيفة، ولكن هذا ليس التميز، فيجب أن يكون الشخص متطلعا وصاحب أهداف بعيدة المدى، وأن يكون إنسانا إيجابيا، لديه الرغبة فى مساعدة من حوله، هنا فى شركتنا من ضمن معايير التقييم للعاملين دوره فى مساعدة ونجاح الآخرين، فالصفات الشخصية لها دور بارز فى تحديد المتميزين، وليس الجانب العلمى فقط. ■ ماذا بعد ال» Shadow Program»؟ - من الطبيعى أن يكون الخريج بهذه المواصفات وبعد أن تم تدعيمه ببرامج تدريبية عالية المستوى داخل شركة بهذا الحجم والاسم يجب أن يكون مكانه محجوزا، بل والطلب عليه زائد، ونحن فى الشركة عيّنا منهم (7) لأن الأعداد المطلوبة لدينا قليلة، ولكن تم «خطف» الباقى من قبل شركائنا، وهذا يعنى أن خريجى هذه البرامج فرص توظيفهم مضمونة 100%. ■ حصلتم على جائزة «أصحاب العمل الأمثل فى الشرق الأوسط» .. ماذا يميز أجواء العمل لديكم لتحصلوا على هذه الجائزة العالمية؟ - لأى مؤسسة أهداف وقيم وثقافة تضعها، ومن الطبيعى أن تصل بك إلى هدف واحد وهو النجاح الذى لن يتحقق إلا بتطبيق ثقافة الشركة، وهدفنا أن نكون «أحسن ناس» وعلى هذا الأساس طبقنا ثقافة العمل لدينا، وهى العمل الجاد والمعاملة الجيدة وتطوير العاملين، من خلال إلحاقهم بأحدث البرامج التدريبية، تواكبا مع طبيعة العمل فى مايكروسوفت، والأهم هو الحرص على مستقبل العاملين لدى الشركة وعدم التصيد للأخطاء، بل على العكس أنا أطالب العاملين لدىّ بالتجربة والمحاولة حتى لو أخطأوا، فالذى لا يخطئ هو من لا يسير فى الطريق الصحيح وهو من لا يملك روح المغامرة والتطلع والتجربة. ■ لماذا لا يوجد مصرى حتى الآن يقدم برنامجا مثل «Office» أو «Windows» طالما لدينا هذه العقول؟ - أولا هذه البرامج لا يصنعها فرد واحد فقط، ثانيا هى برامج معقدة وصعبة للغاية، ولكن فى المقابل أنشأنا «مركز التطوير والابتكار» الذى نحاول فيه إيجاد وصناعة من لديهم الموهبة، وتحويلها لابتكارات تواكب متطلبات السوق فى منطقة الشرق الأوسط. وكذلك برنامج قاموس ترجمة لغة «SMS» التى يكتبها الشباب إلى اللغة العربية، فصناع هذا البرنامج مصريون بالكامل. ■ هناك مراكز تدريب تقدم دورات الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلى I.C.D.L شهادتها معتمدة من مايكروسوفت.. هل تعتمدون هذه الشهادة بالفعل؟ - ليس لنا أى علاقة بدورات الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلى I.C.D.L، فهى دورة محترمة للغاية، لكنها ليست من مايكروسوفت وبالتالى شهادتها ليست معتمدة من قبلنا، وعلى من يشاهد مثل هذه المراكز التى تقدم هذه الشهادات أن يبلغ فوراً، فهذا يعتبر نصباً على الجماهير.