بعيداً عن «حصص الكيميا» تظهر فكرة الدروس الخصوصية فى مجال جديد، هذه المرة فى الرياضة. طلبة وأولياء أمور ومدربون شبان و«مراكز للتعليم» كلهم يسيرون على طريق «الميدالية». مدربون برواتب ضعيفة، وشباب صغير أصبحت الرياضة أمله الوحيد فى التفوق والمستقبل، وأولياء أمور أرهقتهم دروس التعليم وأتت «دروس الرياضة» لتغلق عليهم الدائرة. «اللى معاه فلوس كتير هيبقى بطل كبير، واللى معاه فلوس محدودة هيبقى لاعب محدود، أما اللى معهوش ده عمره ما هيوصل لحاجه»، هكذا بدأت ع.س (صاحبة صالة رياضية خاصة) حديثها حول «بيزنس دورة الألعاب»، مديرة الصالة كما تسميها تقول «لا توجد لعبة لا يؤخذ فيها درس خاص، فهذا عمل مربح للمدربين وللصالات الخاصة، ولكنه فى ذات الوقت مجهد على المدربين، لأنهم يعملون رسميا بالنادى ثم يعملون معنا فى الدروس، والعبء الأكبر يقع على عاتق أولياء الأمور، الذين ينفقون أموالا طائلة على أبنائهم من أجل رؤيتهم أبطالاً، وأنا واحدة من أولياء الأمور الذين يعانون من تلك الدروس، فرغم أنى عضوة فى ثلاثة نواد، فإننى لم أجد ناديا واحدا فيها يضع ابنى لاعب الجمباز المتفوق على طريق البطولة فذهبت إلى الدروس الخصوصية، وبالفعل أصبح أبنى بطلا، ولكن بعد أن صرفت ما يقارب 700 ألف جنيه فى 7 سنوات، على الدروس وعلى العلاج والعمليات التى كان يجريها، ليتعافى من إصابات اللعبة نفسها». تبدو صاحبة الصالة حالة خاصة جدا، فبعد أن صرفت كل هذا المبلغ على رياضة صغيرها ووصلت به كما تقول للبطولة اكتشفت وجها آخرا للعبة الدروس «لأنى كنت لا أفارق ابنى أثناء تدريباته، أصبحت على دراية بالقواعد الفنية لهذه اللعبة، وتعرفت على جميع المدربين تقريبا، ومن هنا جاءتنى فكرة إنشاء صالة جمباز خاصة، والأرباح كانت مضمونة». مدرب جمباز، رفض ذكر اسمه، كانت له وجهة نظر أخرى «لا تلوموا المدربين على الدروس، بل اللوم على الفساد بالتربية والتعليم، التى لا تهتم بممارسة الرياضة داخل المدارس لدعم مواهب الطلبة غير القادرين. وعلى المجلس القومى للرياضة والاتحادات الرياضية مع وزارة التربية والتعليم أن يؤسسوا منظومة متكاملة لتخريج طالب ولاعب متفوق، مثلما يحدث بالخارج، ولكن نجد اللاعبين هنا يدمرون شيئا فشيئا، لأنهم يواجهون ما هو فوق طاقتهم، فيتدربون أولا فى النادى مع مدرب يشكو دوما من ضعف راتبه، وبالتالى لا يهتم بصنع لاعب جيد، ثم يضطر اللاعب للدروس الخصوصية، سواء مع مدرب آخر أو مع نفس مدرب النادى، والخاسر فى النهاية هو اللاعب، لأن عمره سيكون قصيرا بالملعب، بسبب كثرة التدريبات، فيخسر وقته بسبب التشتت». المشاكل التى يعانى منها مدربو الجمباز، هى نفسها التى يعانى منها باقى المدربين فى الألعاب الأخرى. محمد الباز مدرب كرة القدم يتحدث عن تجربته الخاصة قائلا: «نشهد إقبالا غير عادى على اشتراك الأطفال باللعبة، والمدربون بالنوادى لا يستطيعون استيعاب كل هذه الأعداد، فأى ناد بحاجة إلى لاعب جاهز لا يبذل معه جهدا، وهنا يظهر دورنا فى الملاعب الخاصة، لأننا نهتم بتنمية مهارات كل لاعب من عمر عشر سنوات، وبالتالى نخرج لاعبا محترفا تتسابق الأندية على شرائه، ونستفيد طبعا سواء ماديا أو بالسمعة الطيبة». فى جمهورية الدروس الخصوصية يبدو المكان علامة فارقة، فحسب محمد الباز «نحن كمدربين نحدد سعر اشتراك اللاعب، ويختلف هذا السعر من منطقة لأخرى، فمثلا السعر فى مدينة نصر أغلى من الجيزة، ولكن ثمن الاشتراك بلعبة كرة القدم يعتبر زهيدا، مقارنة بالسباحة والتنس حيث الحساب بالساعة والأسعار نار». كابتن وليد مدرب كرة القدم كان يعتمد فى دروسه الخاصة على الشحن المعنوى للاعبين «الكورة مفيهاش واسطة، لازم توصلوا بجهدكم وحبكم للكورة، وهاتلاقوا كل الناس بتحبكم، وممكن تبقوا أصحاب جمال وعلاء مبارك فى يوم من الأيام، لما تبقوا كباتن كبار». يتحدث وليد بشكل مقتضب عن دروسه الخصوصية: «احنا هنا بنطلع محترفين، الشباب الصغير ده بكره تشوفوه مالى الملاعب والشغل ده للمستقبل». أيمن عبدالمنعم، مدرب كرة سلة، يقول أيضا «الدروس الخصوصية أصبحت حتمية على المدرب واللاعب، رغم أن هناك مدربين يبتزون اللاعبين فيدربونهم فى النادى وفى الصالات الخاصة، طبعا هذا بخلاف النصب، فمع انتشار المراكز الخاصة تجد بعض الصالات تستغل اسم لاعب مشهور وتدعى أنه صاحب المدرسة أو يعمل مدربا بها فيجمعون أكبر عدد ممكن من الاشتراكات».